ساو باولو: بدأت تلوح في أميركا اللاتينية، التي استفادت من الاحتياطي المتراكم خلال ست سنوات من النمو الثابت للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، بوادر انتعاش اقتصادي بفضل استئناف طلب الدول الآسيوية الكبرى على مواردها الأولية.
فصحيح إن إجمالي الناتج الداخلي في المنطقة سينخفض كما هو متوقع بنسبة 1.9% في 2009 بعد ست سنوات من تسجيل معدل نمو قارب 5%، إلا أنه سيعاود الارتفاع بنسبة 3.1% اعتباراً من العام المقبل، بحسب اللجنة الاقتصادية لأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.

وتوقع البرازيلي ريكاردو مارينو، رئيس الاتحاد الاميركي اللاتيني للمصارف، من مدريد أخيراً أن تكون quot;أميركا اللاتينية من المناطق الأولى في العالم التي ستشهد انتعاشاًquot;. والأربعاء، قالت الرئيسة التشيلية ميشال باشليه، التي تمت الإشادة بانتظام بإدارتها للأزمة، إن quot;الصعوبات التي اضطررنا إلى مواجهتها هذا العام بسبب الأزمة العالمية بدأت تصبح وراءناquot;.

وبفضل وضع أكثر من عشرين مليار دولار (14 مليار يورو) جانباً عندما كانت أسعار النحاس، المادة التي تعتبر الثروة الأولى للبلاد، في أعلى مستوياتها، تمكنت حكومتها من دعم الطلب الداخلي، مع خطة دعم للأكثر فقراً بقيمة أربعة مليارات دولار مطلع العام.

ومن شأن معاودة ارتفاع أسعار quot;الذهب الأحمرquot; (+72% منذ يناير) مدعوماً بطلب الصين القوي (+19%)، أن تسمح لسانتياغو بأن تبدأ برؤية آخر النفق. فارتفاع طلب بكين سمح أيضاً للصويا باستعادة أسعارها ما قبل الأزمة، ما يصب في مصلحة البرازيل المصدر الأول لهذه السلعة في العالم.

فالعملاق الأميركي الجنوبي، الذي يبلغ تعداده السكاني 190 مليون نسمة اجتاز الأزمة المالية بدون أضرار جسيمة بفضل تدخل الدولة واتخاذها سلسلة من التدابير، مثل دعم العملة الوطنية وضخ دولارات وخفض الرسوم على السلع الاستهلاكية أو زيادة الاستثمارات العامة.

ومنذ ظهور إشارات أولية إلى انتعاش على الصعيد العالمي، استعادت البورصة البرازيلية مستوياتها في سبتمبر، وكسب الريال البرازيلي 27% منذ يناير. وبخلاف ذلك، فإن العملاق الآخر في المنطقة، أي المكسيك، هو الذي عانى أكثر من غيره من الأزمة التي نشأت في الولايات المتحدة، ولا سيما بسبب علاقاته الوثيقة مع جاره الأميركي.

كذلك، فإن الحكومة quot;لم تتمكن من أن تنفذ في الوقت المناسبquot; خطة الإنعاش المقررة بقيمة تناهز 20 مليار دولار quot;بسبب هامش المناورة الضيق للمالية العامةquot;، كما يرى ميغل غايتان كبير المحللين في مكتب الخبراء بورسامتريكا.
الى ذلك، فإن انتشار وباء أنفلونزا المكسيك، الذي كانت المكسيك بؤرته العالمية في إبريل، كلف الصناعة السياحية ثمناً باهظاً، فيما تتوقع وزارة المال تراجعاً لإجمالي الناتج الداخلي بنسبة 5.5% في 2009، قبل أن يعاود الارتفاع بنسبة 3% في 2010.

والأزمة حادة أيضاً في كوبا، بسبب تدهور أسعار النيكل، منتجها الرئيس للتصدير. ولمواجهتها، وعد النظام الشيوعي بخطة تقشف جديدة مع تخفيضات في النفقات العامة وتوفير الطاقة.

في المقابل، فإن فنزويلا، التي تجني 90% من عملاتها الصعبة من النفط، استقبلت بارتياح تحسن أسعار النفط الخام التي ارتفعت من 37.84 دولاراً للبرميل في يناير إلى 59.40 دولاراً في يونيو.

أما الأرجنتين وكولومبيا فعوّلتا على دعم الأشغال العامة، فيما لجأت بوغوتا إلى السياسة النقدية مثل البيرو. والتدبير الأكثر إثارة للجدل اتخذته الأكوادور. فقد عمد الرئيس رافاييل كوريا، الذي وعد بتكثيف quot;ثورتهquot; الاشتراكية منذ إعادة انتخابه في أواخر إبريل، إلى خفض استيراد مئات المنتجات. وأتاح مبلغ الـ750 مليون دولار الذي تم توفيره بين يناير ويوليو إيجاد توازن في الميزان التجاري.