تصل قيمة الأسلحة التي اشترتها وستشتريها بلدان في أميركا اللاتينية إلى 24.6 مليار دولار، في مقدمتها البرازيل، حيث أقرت 1.6 % من دخلها القومي لشراء أسلحة، وفنزويلا 1.1 %، وتشيلي 0.3 %، لكن كولومبيا تخطت الخط الأحمر وخصصت 5.7 % من دخلها القومي للتسلح. في حين تقدّر قيمة مبيعات فرنسا من الأسلحة وتزويد البرازيل بالتقنية المتطورة، خاصة في المجال العسكري، بحوالي 3000 مليون دولار. ما يقلق الولايات المتحدة كثيراً.

سان خوسيه: منذ أشهر طويلة والنقاش لا ينقطع لدى حكومات عدد من بلدان أميركا اللاتينية، حول موضوع رفع قدرات جيوشها القتالية، عبر شراء أسلحة، لكن بعضها يريد عقد صفقات أسلحة مع جهات متعددة، كي لا يكون مرهونًا لبلد محدد.

التسابق على التسلح أقلق الحكومة الأميركية كثيرًا، ما دفع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى إبداء قلقها، خاصة من صفقات التسلح التي عقدتها وتعقدها دول كفنزويلا، ونقلت هذا القلق إلى رئيس الأوروغواي تابارا فسكيز، خلال زيارته أخيراً واشنطن. فالإدارة الأميركية مثلاً تتوقع شفافية من فنزويلا في شرائها للكميات الكبيرة من الأسلحة، وعدم دعمها المعارضة في البلدان الأخرى أو تجار المخدرات بالسلاح.

إلا أنّ ذلك لم يمنع الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيس من عقد صفقات عدة، لرفع مستوى دفاعات بلاده العسكرية أيضًا عبر شراء غواصات نوويّة. وأعلن يوم الأحد الماضي عن حصوله على قرض ضخم من روسيا بقيمة حوالي 2.7 مليار دولار من أجل تمويل شراء 92 دبابة روسية من طراز بي 72، وأنظمة دفاعية ومنصات لإطلاق الصواريخ. وفي هذا الصدد، أكّد وزير دفاعه أنّ كاركاس وضعت خطة في هذا الاتجاه، إلا أنه لم يذكر إلى أي البلدان سوف تتوجه بطلب شراء الأسلحة.

وتقول مصادر موثوق بها إن هذه الصفقة كانت محصّلة مباحثات جرت الصيف الماضي، عندما زار تشافيس موسكو، وأبرم خلالها صفقات أسلحة تقدر بـ800 مليون دولار، كما عرض لدى لقائه كبار المسؤولين العسكريين الروس مساحات شاسعة من الأراضي الفنزويلية من أجل بناء قواعد عسكرية روسية فوقها.

وتريد الدولة الجارة البرازيل بدورها أيضًا رفع قدراتها العسكرية، بالاعتماد على الصناعة الحربية الغربية. لذا ذكر وزير الدفاع البرازيلي بأن بلدًا كالبرازيل يجب أن يكون الأول في المنطقة يملك قدرات عسكرية قوية. وبهذا أراد أن يدحض ما تردد حول رغبات تشافيس العسكرية، التي أجبرت البرازيل على الشعور بأن هناك ضرورة لتطوير جهازها العسكري. وسبق أن صرح السفير البرازيلي السابق في فرنسا بأن تشافيس لا يشكل خطرًا على البرازيل جغرافيًا، بل على الديمقراطية وعلى الأمن المدني في أميركا الجنوبية، لذا يجب ألا تسمح بلاده لنفسها أن تكون غير مستعدة لأي طارئ أو لا تملك معدات تستخدمها في الحالات الخاصة.

وكانت إحدى الصحف البرازيلية قد ذكرت بأن فنزويلا اشترت العام الماضي 100 ألف بندقية أوتوماتيكية من روسيا، إضافة إلى طائرات وطوافات هيليكوبتر حربية، وتدور شكوك حول نية تشافيس شراء غواصات نووية، مما يدفع إلى الشعور بوجود تسابق تسلح في أميركا اللاتينية. ولا تنكر حكومة البرازيل عزمها التسلح بالدرجة الأولى من فرنسا، بعد رصدها لـ2.750 مليار دولار للمشتريات العسكرية، وتنفذ حاليًا مخططًا وضعته إثر زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للبرازيل الصيف الماضي وبنائه علاقة مميزة مع الرئيس البرازيلي لويس أغناسيو لولا دا سيلفا.

فالمخطط الذي سمّي quot;تحسين قدرات القوات المسلحة البرازيليةquot; يتطلب أيضًا شراء أجهزة تكنولوجية حربية، إضافة إلى سيارات مصفحة، وبناء على اتفاق فرنسي برازيلي إضافي، سوف يصنع جزء من المعدات في البرازيل. لذا يمكن القول إن الثمار الأولى التي قطفتها المصانع الفرنسية، بعد الزيارة التاريخية التي قام بها ساركوزي، كانت البدء بتنفيذ مضمون إتفاقتين مهمتين تم توقيعهما، الأولى شراء كميات كبيرة من الأسلحة من أجل تحديث الجيش البرازيلي، والثانية تزويد هذا البلد بتكنولوجيا فرنسية حديثة، كي تتوافر لديه الإمكانية لتصنيع سلاحه الدفاعي مستقبلاً على مستوى وزنه السياسي والاقتصادي في المنطقة.

وحسب معلومات وزارة الدفاع البرازيلية، بدأت المصانع الفرنسية ببناء أربع غواصات و50 طوافة ضخمة للنقل وأربع غواصات بحرية من طراز سكوربين الهجومية، من بينها غواصة نووية، وباعت فرنسا عددًا منها إلى تشيلي والهند وماليزيا. ومن أجل نقل الخبرة الفرنسية، سيشارك تقنيون برازيليون في المرحلة الثانية والأخيرة من البناء، والتي من المنتظر أن تنتهي مطلع عام 2013، ما يسمح لهم في المستقبل بالإشراف على صناعة البرازيل العسكرية. هذا، وتقدر قيمة مبيعات فرنسا من الأسلحة وتزويد البرازيل بالتقنية المتطورة، خاصة في المجال العسكري، بحوالي 3000 مليون دولار. وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية البرازيلي أفيرتون فارغاس إنه مع انتقال تكنولوجية فرنسية إلينا، سوف نكون على استعداد لبناء غواصات نووية مستقبلاً.

والبرازيل، التي تطور منذ سنة 1970 برنامج أبحاث نووية، قد تتمكن عبر التعاون مع فرنسا من أن تكون أول بلد بين بلدان أميركا اللاتينية، الذي سينتج ما يحتاج إليه من أسلحة. لكن على الرغم من ذلك، أكد وزير الدفاع البرازيلي أنّ المخططات البرازيلية ليست لها أي علاقة برغبة الرئيس الفنيزويلي هوغو تشافيس في رفع مستوى جيشه وشراء كميات كبيرة من الأسلحة المختلفة. وسبق قرار البرازيل تقوية قواتها الحربية وإعلان بعض البلاد في المنطقة، مثل كولومبيا وتشيلي، رفع إنفاقها العسكري بشكل ملحوظ لشراء كميات كبيرة من الأسلحة.

ولم تكشف كولومبيا عن حجم ميزانيتها لشراء معدات عسكرية، لكن من الواضح أن الدعم الأميركي لها سوف يزداد، خاصة بعد سماح الحكومة الكولومبية ببناء الجيش الاميركي قواعد فوق أراضيها. ولم تخف الإدارة الأميركية بأن تسليحها لكولومبيا سببه الخطر الآتي من الجارة فنزويلا، وحسب قول أحد المستشارين العكسريين الذين عملوا في إدارة الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، فيجب صد كل محاولة تقوم بها فنزويلا، من أجل زعزعة كيان كولومبيا. وتصل قيمة الأسلحة التي اشترتها وستشتريها بلدان في أميركا اللاتينية إلى 24.6 مليار دولار، في مقدمتها البرازيل، حيث أقرت 1.6 % من دخلها القومي لشراء أسلحة، وفنزويلا 1.1 %، وتشيلي 0.3 %، لكن كولومبيا تخطت الخط الأحمر وخصصت 5.7 % من دخلها القومي لشراء أسلحة.