يزداد إقبال العملاء في مصر على تأمين الأشخاص بصورة ملحوظة، وبحسب مسؤول في إحدى شركات التأمين المصرية، فمن المتوقّع أن يكون 2010 عام شركات التأمين في مصر، خصوصًا بعد تفشي الإنفلونزا المكسيكيّة، بصورة جعلت العديد من الأشخاص يفكّرون في مستقبل أسرهم وأولادهم بنوع من الحيطة والخوف. لكن السبب الرئيس وراء هذا الإقبال هو حملة وزارة الاستثمار لزيادة الوعي التأميني ونشر ثقافته، من خلال برنامج إعلامي إعلاني متكامل.

حسام المهدي من القاهرة: لا شك أن أنفلونزا المكسيك كبّدت دول العالم خسائر مالية كبيرة، ولكن يبدو أن هناك قطاعًا ما في مصر قد استفاد من ظهور هذا الوباء، وهو قطاع التأمين على الحياة.

وتحقيقًا للمثل القائل quot;مصائب قوم عند قوم فوائدquot;، زاد الإقبال على تأمينات الأشخاص في مصر في النصف الأخير من العام الجاري، أي بعد تفشي فيروس أنفلونزا المكسيك. فهل فعلاً الـ H1N1 روّجت لشركات التأمين في مصر؟، هذا ما سيجيب عنه التحقيق الآتي.

في نظرة متأنية لأرقام أصول الشركات واستثمارات سوق التأمين، نجد أنه في الربع الأول من 2009 بلغت الأصول 32.1 مليار جنيه، وبلغت استثمارات السوق 27.2 مليارًا، منها 12.5 مليار جنيه نصيب عمليات تأمينات الأشخاص أي ما يعادل 46% من حجم الاستثمارات، وذلك حسب ما ورد في تقرير الهيئة المصرية للرقابة على التأمين، فيما لم يتم تحديد قيمة استثمارات النصف الثاني من العام، وإن كانت المؤشرات الأولية التي ترصدها الهيئة حاليًا تؤكد زيادة حجم نصيب تأمينات الأشخاص بنسبة تتراوح بين 4 و5 %، وهذا يعني أن نسبة قيمة الأقساط تزيد عن قيمة التعويضات، نتيجة زيادة أعداد العملاء.

وأرجع مصدر مسؤول السبب في زيادة الأصول والاستثمارات لعوامل عدة، منها دخول شركات جديدة سوق التأمين، مثل آرب ونايل فاملي وسو لدرتي وغيرهم، إضافة إلى إصدار القانون رقم 10 لسنة 2009 لتنظيم الرقابة على الأسواق المالية غير المصرفية- الذي يتضمن سوق التأمين- وذلك من خلال الدمج المؤسسي للهيئات الرقابية، بما يضمن تطور الأداء الاقتصادي للسوق التأمينية.

وأوضح المصدر أن الهيئة المصرية للرقابة على التأمين تعمل على زيادة الإقبال على تأمينات الحياة، من خلال إنشاء وحدة التأمين متناهي الصغر، التي تهدف إلى تغطية مختلف شرائح المجتمع، وتوسيع مشاركة قطاع التأمين في توفير الحماية الاجتماعية للفئات محدودة الدخل، وهي الطبقة العريضة من الشعب المصري.

وبحسب المصدر، فلا شك أن لظهور الأوبئة القاتلة، كإنفلونزا المكسيك والطاعون، دورًا في تشجيع المصريين على التأمين وزيادة المقبلين عليه، ولكن السبب الرئيس وراء هذا الإقبال هو حملة وزارة الاستثمار لزيادة الوعي التأميني ونشر ثقافته، من خلال برنامج إعلامي إعلاني متكامل.

من جهته، يشير أحمد البليدي، مسؤول التسويق في إحدى شركات التأمين على الحياة، إلى أن إقناع العملاء بالتأمين على الحياة كان أمرًا شاقًا في مصر، لغياب الوعي المصري بثقافة التأمين. أما بعد ظهور الأوبئة، مثل إنفلونزا المكسيك ومن قبلها إنفلونزا الطيور وكذلك كثرة الحوادث، فأصبح الناس هم الذين يتوافدون على مقار شركات التأمين لاستخراج بوليصات. وأكد البليدي أن أعداد العملاء المنضمين في النصف الأخير من هذا العام سجل رقمًا قياسيًا لشركته.

من جانبها، تفيد نبوية سعيد، رئيسة مجموعة بالشرق للتأمين، أنه quot;بحكم عملنا في القرى والريف، كانت تمر علينا أشهر دون أن يقنع أحد العاملين شخصًا واحدًا بالتأمين على حياته، وكان ذلك يؤثر على رواتب المندوبين الذين يتقاضون راتبهم بنظام النسبة. ولكن الآن، يجلس المندوبون إلى مكاتبهم، ويزورالعملاءمقر الشركة للتعاقد، معتقدة أن ظهور الأمراض القاتلة له دور في توعية الناس بأهمية التأمين.

أما أيمن مصطفى، المنسق الإعلامي لإحدى شركات التأمين، فأكد أن إقبال العملاء على تأمين الأشخاص في تزايد مستمر، وأن 2010 سيكون عام شركات التأمين في مصر، خصوصًا بعد تفشّي مرض إنفلونزا المكسيك، بصورة جعلت العديد من الأشخاص يفكرون في مستقبل أسرهم وأولادهم بنوع من الحيطة والخوف.

وفي صالة استقبال إحدى شركات التأمين الكبرى في مصر، إلتقت quot;إيلافquot; بمحمد هشام، شاب مصري في الثلاثين من العمر، أتى ليؤمّن على حياته. وأكد لنا أنه كان لا يفكر أبدًا في التأمين على حياته، إلا أنه أصيب منذ أقل من شهر بالإنفلونزا، التي كادت أن تقضي على حياته. وقتها فقط، فكّر في مستقبل زوجته وابنتيه، واقتنع بضرورة التأمين على الحياة، حتى يوفّر لأسرته مصدرًا ماديًا، يساعدهم في حال تعرّضه لأي مكروه.