دبي: يقول محللون إن خطة إيران لخفض دعم الوقود والغذاء الباهظ التكلفة تدفع إلى الواجهة جدلاً بشأن ضعف الكفاءة الاقتصادية مُحتدم منذ سنوات، لكنه بات أكثر إلحاحاً، بسبب تهديد تشديد عقوبات الأمم المتحدة.
والمخاطر شديدة بالنسبة إلى الرئيس محمود أحمدي نجاد الذي دفع بالخطة في البرلمان - رغم أعمال شغب اندلعت في 2007 بسبب البنزين والاحتجاجات الواسعة هذا العام بشأن الانتخابات التي طعنت فيها المعارضة - بما يفترض محللون أنه دعم من الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.
وقد توفر الخطة ما يصل إلى 20 مليار دولار في 2010-2011، من خلال خفض الدعم للبنزين والمنتجات المكررة الأخرى والغاز الطبيعي والكهرباء والمياه والغذاء والصحة والتعليم.
ويكلف الدعم إيران نحو 100 مليار دولار سنوياً، أو 30 % من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بحسب موقع بي.اي دايجست BEDigest على شبكة الانترنت، الذي تشرف عليه مجموعة استشارية متخصصة في قطاع الطاقة، مقرها فرنسا.
وتواجه الجمهورية الإسلامية عقوبات دولية، بسبب برنامجها النووي، ويعاني اقتصادها إسرافاً في الإنفاق في الماضي، وتراجع أسعار النفط، البالغة حالياً نحو 76.50 دولار للبرميل، مقارنة مع أكثر من 147 دولاراً للبرميل في يوليو/ تموز 2008.
وقال دبلوماسي غربي في منطقة الخليج يتابع الشأن الإيراني quot;سوء إدارة الاقتصاد مبعث قلق رئيس. ولا يوجد خيار آخر. يأملون في تخفيف بعض الآثار الضارة، من خلال توفير بعض الأموالquot;.
وقد تؤدي الإصلاحات إلى إثارة احتجاجات المعارضة، التي تشكل أكبر تهديد للجمهورية الإسلامية منذ عام 1979. وواجه أحمدي نجاد اتهامات بالفساد والإسراف في الإنفاق، ومحاباة الأصدقاء، خلال حملة إعادة انتخابه، وقد يفاقم إلغاء الدعم من التضخم المرتفع بالفعل.
وقال محللون ودبلوماسيون إنه لذلك يتعين على الحكومة - التي يمكن أن يؤدي نزاعها النووي مع القوى الغربية إلى مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة أو حليفتها إسرائيل العام القادم - تقدير مكاسب واضحة في التوجه الى الاصلاح.
وتخشى الولايات المتحدة أن تكون ايران تسعى لصنع أسلحة نووية لكن ايران تنفي اضمار تلك النوايا. وجعلت عقوبات الامم المتحدة والولايات المتحدة بسبب البرنامج النووي الإيراني، الذي دافع عنه الرئيس الإيراني على الساحة الدولية إصلاح برنامج الدعم أكثر إلحاحاً، بعدما عوقت النمو في قطاع الطاقة الرئيس، حيث أوقفت شركات غربية استثماراتها.
وقال الدبلوماسي الغربي quot;اقتصاد إيران هو قطاع الطاقة، وليس لديهم الكثير غيره (للتصدير)، والأمور تسير بشكل سيء للغاية. يفقدون سنوياً نحو 200 ألف برميل بمعدلات نضوب الآبار .. وإدارة الاحتياطيات شديدة الصعوبةquot;. وإلغاء دعم البنزين قد يجعل إيران أقل تأثراً بمخاطر فرض عقوبات جديدة، تشمل واردات الوقود في النزاع النووي.
وقال هازهير تيموريان المعلق الإيراني المقيم في لندن quot;سيدخل ذلك في اعتبار النظامquot;. ورغم أن إيران خامس أكبر مصدر للنفط في العالم، إلا أنها تفتقر إلى الطاقة التكريرية الكافية، وتستورد 40 % من احتياجاتها من البنزين. ومن شأن خفض الاستهلاك المُفرط الذي تسبب فيه دعم البنزين أن يخفف تأثير أي عقوبات مستقبلية.
وقال محلل شؤون الطاقة بيتر ويلز quot;إذا لم يسيطروا على الاستهلاك المفرط للبنزين، فسيكونون في وضع سيء بشكل خطر من الناحية الاستراتيجيةquot;.
والجدل بشأن الدعم تحركه جزئيا أيضاص الخلافات بين الشخصيات البارزة ومؤسسات الدولة بشأن الحصول على الموارد لتعزيز قاعدة نفوذهم في أعقاب انتخابات الرئاسة التي أيد فيها خامنئي أحمدي نجاد.
وقبل نواب البرلمان القواعد الأساسية لخطة إصلاح الدعم، لكنهم يحاولون إرفاق شروط بمشروع قانون ينظر إليه على أنه يعزز وضع أحمدي نجاد، حسبما يقول محللون. ولا يزال مشروع القانون بحاجة إلى موافقة مجلس صيانة الدستور، وقد يواجه عقبات أخرى غير واضحة حالياً.
وانتقد المرشح المهزوم بانتخابات الرئاسة مير حسين موسوي خطة إصلاح الدعم هذا الأسبوع قائلاً إن الدعم ليس سيئاً. ويقول منتقدون أيضاً إن اتخاذ إجراءات صارمة ضد مهربي الوقود إلى خارج إيران، سيكون في حد ذاته توفيراً كبيراً.
ولمح محسن رضائي المقرب من الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، أحد خصوم أحمدي نجاد، إلى الحاجة لمزيد من الوقت لدراسة مشروع القانون.
وقال تيموريان quot;يعتبر النظام الطبقة المتوسطة العدو الرئيس الآن، ولا يأبه بها كثيراً. بالتأكيد ينظرون إلى أنفسهم على أنهم حكومة الفقراء والمحرومينquot;.
وأضاف أن الحكومة بإمكانها استغلال شبكات التوزيع التابعة للمساجد لمساعدة الفقراء، في حين سيعاني الأيسر حالاً بشكل أكثر من إلغاء دعم التعليم والصحة والبنزين.
وتقول وسائل الإعلام الرسمية إن الحكومة ستفتح حسابات مصرفية لنحو 36 مليون شخص يمثلون نحو نصف عدد السكان لمنحهم تعويضات نقدية عن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
ورغم أن نحو 30 % من الأموال، التي سيتم توفيرها ستوجه إلى القروض الصناعية، إلا أن غالبيتها ستخصص لإعادة التوزيع لأغراض اجتماعية، أو ما تسميه الحكومة المساعدات quot;الموجهةquot;.
وقال ويلز quot;دعم أحمدي نجاد موجه للريف الفقير والمدن الإقليمية والمناطق الحضرية الممتدة إلى جنوب وغرب وشرق طهران. ما دام أنه يرضي تلك الدوائر بالدعم الخفي أو غيره .. فكل شيء على ما يرامquot;.
التعليقات