quot;400

يحتاج النشاط العقاري اللبناني إلى دفعة قوية وتشجيع، بحسب خبراء يصفون هذا القطاع بأنه حر ومنفتح، ولم يكتف بجبه الأزمة العالمية، بل عرف أن يفيد من نقاط الضعف في الخارج ليحافظ على المكتسبات التي حققها في الأعوام الخمسة الماضية في ظل استحالة تحقيق نمو عالمي، فقد ارتفعت قيم مبيعات العقارات بنسبة ١٧٫٦ في المئة في لبنان ورخص البناء بنسبة ١٢٫٦ في المئة، فما سر هذا النجاح؟ والى أي مقومات يستند القطاع العقاري؟

بيروت:يجيب الخبراء بأن قطاع العقارات في لبنان لا يزال محميا من التداعيات غير المباشرة لأزمة المال العالمية التي ضربت أسواق المنطقة ، بدليل ان صفقات بيع العقارات في لبنان تشهد استقرارا اذ سجلت رخص البناء نموا بنسبة ١٢ في المئة . ويضيفون ان صلابة القطاع العقاري تعود الى استمرار محركات الطلب بعد الأزمة العالمية والقوانين المتشددة المرتبطة بأقراض القطاع، بما يحد من تأثير المضاربات على نشاط السوق، خصوصا مع غياب quot;الفقاعةquot; العقارية عن السوق اللبنانية، بخلاف ما هي الحال في أسواق الخليج العربي.

وبات معلوما أن واقع الأمر يختلف في لبنان بفعل ترقب مصرف لبنان تطور أزمة القطاع العقاري الاميركي، الذي شكل الشرارة الأولى لأزمة المال العالمية، ومسالكها الجديدة، ما يعفي القطاع المصرفي من أخطار قد تنسحب على قطاعات أخرى ذات صلة وثيقة ، وبينها القطاع العقاري الذي نشطت تسليفاته المصرفية أخيرا، ولكن في إطار تعاميم مضبوطة الأخطار من مصرف لبنان والمصارف نفسها التي تبقي محفظتها التسليفية قيد المراقبة المتشددة.

لذلك لم يكن مستغربا ، رغم الاضطرابات المتقطعة في المشهد السياسي والأمني في لبنان، ان يتميز القطاع العقاري فيه بنقاط ضعف ونقاط قوة تؤثر مباشرة في نموه الذي شهد صعودا مطردا وتصاعديا مع بلوغ متوسط هذا النمو خلال ثلاث سنوات ٢٥ الى ٣٠في المئة سنويا وفق شركة quot;رامكوquot;، مع بلوغ متوسط النمو العام الفائت ما بين ٥٠ الى ٦٠ في المئة، ولا سيما بعد اتفاق الدوحة في أيار( مايو) ٢٠٠٨ .
وقد نجح القطاع العقاري في الاستناد الى نقاط القوة وحدها ليحقق هذا النمو اللافت، وتتمثل في طبيعة السوق المحلية كسوق حرة منفتحة، اضافة الى تحكم الحاجات الحقيقية في النشاط العقاري وليس بغية المضاربة، وغياب منحى تنازلي في أسعار العقارات.

وفي هذا المجال يقول رئيس نقابة المهندسين في بيروت بلال العلايلي علايلي، إن هذه العناصر حالت دون أن يشعر لبنان بتداعيات الأزمة المالية العالمية على السوق العقارية، وخصوصا مع تزايد الطلب من المواطنين والأجانب، ومع العروض المميزة التي تقدمها المصارف اللبنانية لجذب الراغبين في الشراء، كذلك ساهم ارتفاع الودائع المصرفية وارتفاع احتياط مصرف لبنان من العملات الأجنبية وخفض الفوائد في تعزيز قدرة المصارف على التسليف، فزاد تاليا الطلب على الشراء.

وأدت التدفقات المالية الى لبنان بالعملات الأجنبية رغم الأزمة المالية والانكماش العالمي، الى تراكم كتلة ضخمة من السيولة وجب تصريفها من طريق القروض السكنية.

وتشير الاحصاءات الى وجود نحو ٤٠٠ مشروع عقاري في لبنان، ٣٥٠ منها قيد الانجاز مع بدء البيع فيها، بينما بيعت نسبة ٨٠ الى ٨٥ % من المشاريع قيد الانجاز هذه السنة، وتبلغ مساحة تلك المشاريع نحو مليونين و ٦٠٠ ألف م. أما قيمة الصفقات العقارية فتجاوزت ٤٫٥٨ مليارات دولار عام ٢٠٠٨
وتتحكم في تركيبة أسعار العقارات جملة من العوامل: ندرة الأراضي وتقلص المساحات العمرانية الطلب المرتفع مقارنة بما هو معروض، بينما يبلغ حجم الطلب السنوي على الشقق نحو ٢٥ ألف طلب، علما ان قطاع البناء لا يتجاوز في تقديماته أكثر من ١٥ ألف شقة ما يرفع السعر تلقائيا.

ويتوقع علايلي استمرار ارتفاع أسعار العقارات مع ارتفاع الطلب على شرائها بسبب السياسة المصرفية المعتمدة، وبالتزامن مع ارتفاع معدلات الاستثمار المحلي والأجنبي في القطاع العقاري. وكما آان متوقعا، بدأت حركة الأسعار بالانتعاش فور ولادة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري ، ويتوقع ارتفاع الطلب المحلي ونمو الاستثمار الأجنبي بنسبة ٢٠ في المئة ، لأن الاستقرار السياسي والأمني هو عنصر الأمان والمحرك الأساس للأسعار، على ما يقول خبراء العقار.

ومعلوم ان الأسعار تتأثر بمواقع الشقق السكنية ومواصفات بنائها، حيث تبقى الأسعار في المناطق البحرية ومنطقة quot;سوليديرquot; وبعض مناطق بيروت، مثل الأشرفية وفردان هي الأعلى، تراوح ما بين ٣ و ٧ آلاف دولار للمتر المربع المبني، حتى انها تصل في بعض الأحياء الراقية الى ما يتجاوز ال ١٠ آلاف و ١٥ ألف دولار للمتر المربع المبني. ويتوقع الخبراء ان يستمر نمو القطاع اذا استمرت الحكومات المتعاقبة في تطوير البنى التحتية وتحديث القوانين الاستثمارية لتأمين المناخ الملائم لجذب المستثمرين، خصوصا مع الاستقرار الذي يشهده القطاع المصرفي وثبات سعر الليرة اللبنانية.