إلياس توما من براغ: بدأ تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية يظهر بشكل متنامي في تشيكيا، لاسيما على مستويين، الأول تراجع الطلب على المنتجات التشيكية، والثاني تنامي عدد العاطلين من العمل، بسبب قيام الشركات بتسريح بعض عمالها، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تخفيض نفقات إنتاجها وتخفيض خسائرها، بانتظار أوضاع أفضل.
وتؤكد الغرفة الاقتصادية التشيكية أنها أجرت استطلاعاً للأوضاع في أكثر من ألف شركة تتمتع بعضوية الغرفة في شهر سبتمبر من العام الماضي، وفي فبراير الحالي، فتبين لها أن 70 % من هذه الشركات انخفض الطلب على منتجاتها، لذلك رأت الغرفة الاقتصادية أن هذا العام سيكون بالنسبة إلى الكثير من هذه الشركات quot;عاماً للكفاح من أجل البقاءquot;.
ويشير رئيس الغرفة بيتر كوجيل إلى أن الشركات والمؤسسات ترى الوضع الاقتصادي الحالي وضعاً جدياً جداً، حتى إنه يتصف أحياناً بالمأساوية، لذلك تأمل بأن تتبدد هذه الأزمة بسرعة، كما حضرت بسرعة، لأنه ليس بإمكان أحد تعويض نقص الطلبات على منتجاتها.
وتوضح المحللة المالية ماركيتا شيختارجوفا أن الأزمة تمسّ بالدرجة الأولى الشركات التي يقوم عملها على التصدير إلى الخارج أكثر من الشركات الموردة للمواد إلى الشركات المحلية. كما تمسّ قطاع الصناعة بشكل أكبر من قطاع الخدمات، إضافة إلى قطاع السيارات والزجاج والبورسلان والبناء أكثر من بقية القطاعات. من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي الرئيس في مؤسسة باتريا فينانسي دافيد ماريك أن بعض المحرضات المحلية والخارجية يمكن لها أن تساعد هذه الشركات لفترة قصيرة من الزمن، مثل تبنّي القانون الخاص بإتلاف السيارات القديمة مقابل مكافأة مالية لتشجيع الناس على شراء سيارات جديدة، غير أنه يعتقد أن تحسن الأوضاع الاقتصادية في تشيكيا لن يتم إلا بعد انتعاش الاقتصاد في منطقة اليورو.
ولا تتوقع شيختاروفا أن تتحسن الأوضاع خلال الأشهر القليلة المقبلة، غير أنها ترى أن بعض الإشارات يمكن أن تدل على أن الاقتصاد يمكن له أن ينهض بعيداً من القاع في نهاية هذا العام.
وشددت على أن ذلك لن يظهر على مستوى العمالة والتوظيف الآن، لأن عامل الموسم سيؤثر سلبياً على هذه القضية.
ورأت أن ربيع عام 2010 يمكن له أن يجعل الأمور تتحسن على مستوى سوق العمل. في هذه الأثناء أكد مكتب الإحصاء التشيكي أن نسبة البطالة في شباط الماضي ارتفعت إلى 7.4 % بعدما كانت في يناير 6.8 %، الأمر الذي اعتبر الارتفاع الأكبر الذي يسجل في شباط خلال تاريخ تشيكيا.
وفي الترجمة العملية لهذه الزيادة، فإن 30 ألف تشيكي فقدوا أعمالهم خلال شباط، مما يعني أن ألف شخص أصبح عاطلاً من العمل يومياً، أما العدد الإجمالي للعاطلين فقد وصل الآن إلى 428.848 ألف عاطل. وتشير توقعات المحللين الاقتصاديين إلى أن نسبة البطالة ستصل نهاية العام إلى 8 %.
ويؤكد رئيس الغرفة الاقتصادية أن وضع قطاع الصناعة الآن مختلف تماماً عن الوضع الذي كان عليه في أيلول من العام الماضي، حيث كانت آنذاك مختلف المؤشرات تتصف بالايجابية، في حين تتصف الآن بالسلبية.
ويرى أن سرعة الخروج من هذا التراجع ستتوقف على نوعية الإجراءات المضادة للأزمة التي أقرتها الحكومة، وأيضاً على تطور الاقتصاديات في الدول المجاورة، لاسيما في ألمانيا.
يذكر أن الصادرات إلى الخارج تمثل القاطرة الرئيسة للاقتصاد التشيكي، وأن ما بين 70 إلى 80 % من هذه الصادرات تتجه نحو الأسواق الأوربية الغربية، التي تعاني الآن ركوداً.
التعليقات