طلال سلامة من روما: في أوقات الأزمة التي طالت البنى المالية التحتية العالمية، نلاحظ أن العدد الكلي للأفراد الذين تتخطى ثروتهم مليون دولار، والمعروفين تقنياً باسم (Hnwi: High net worth individuals)، تراجعوا بنسبة 14.9 % مقارنة بالعام الماضي. أما في ايطاليا، فإن عدد هؤلاء الأفراد تراجع على نحو أثقل، بنسبة 20.8 %. هذا ما يشير إليه التقرير الصادر من مركز الدراسات الإيطالي quot;كابجيمينيquot; (Capgemini) التي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه. بالطبع، يُعزى هذا التآكل إلى الزلزال الذي ضرب القوى المالية العالمية، في الخريف المنصرم، وزعزع مباشرة الاقتصاد الحقيقي (اقتصاد الإنتاج والزراعة والصناعة والتجارة الفعلية) مسبباً بالتالي ذبذبات تسلسلية، كانت تداعياتها مؤلمة على أغنياء العالم.
في الحقيقة، عاد عدد الأغنياء حول العالم كي يرسو إلى ما كانت الحال عليه، في عام 2005. كما أن العدد الكلي للأغنياء ثقيلي المعيار، المعروفين تقنياً بـ(ultra-Hnwi)، الذين تتجاوز ثرواتهم الفردية 30 مليون دولار، هوى عالمياً بنسبة 24 %. علاوة على ذلك، نرى اليوم أن هناك 8.6 مليون شخصاً يديرون ثروات مالية، حول العالم، مجموعها 32.8 تريليون دولار أي 19.5 % أقل مقارنة بعام 2007، حيث كان هؤلاء الأغنياء يديرون ما مجموعه 40.7 تريليون دولار.
مع ذلك، يبدي الخبراء في وكالة quot;كابجيمينيquot; الإيطالية تفاؤلهم حيال مستقبل أغنياء العالم. اعتباراً من عام 2013، سنرى انتعاشاً في عدد الأغنياء ثقيلي المعيار بنسبة 8.1 % سنوياً. يذكر أنه لغاية عام 2007، تضخمت هذه النسبة 9.7 % سنوياً. وستكون أميركا الشمالية ومنطقة آسيا-الباسيفيك قاطرة النمو من حيث الغنى. إذ ستستفيد هاتان المنطقتان من انتعاش الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة الأميركية والاستقلالية الأعظم (من الخارج) للاقتصاد الصيني الذي يعيش اليوم رئيساً من الصادرات.
على صعيد إيطاليا، فان معدل عدد الأغنياء يبتعد كثيراً جداً من ذلك العالمي، وحتى ذلك الأوروبي، بنسبة 14.4 %. كما إن عددهم هنا هوى من 206 ألف مليونير، في عام 2007، نزولاً إلى 163 ألف تقريباً في العام الماضي. ما يعكس تراجعاً، في عام واحد فقط، بنسبة 20.8 %، وهذه كارثة حقيقية تقطع رأس نمو مستمر في عدد الأغنياء، رسا على 1.1 % في عام 2006 و3.8 % بين عامي 2005 و2006. وبين العوامل المثبطة، التي سقطت على رؤوس أغنياء إيطاليا، نجد تراجع الناتج المحلي الحقيقي 1 % في العام الماضي (من الممكن أن ينكمش 3.6 % هذا العام) عدا عن انهيار رسملة السوق بنسبة 51.3 % (في الربع الرابع من العام الماضي هوى مؤشر Samp;P Mib بنسبة 51 % مقارنة بالربع المالي نفسه من العام السابق) وتراجع الأسعار في السوق العقارية بنسبة 7.5 %.
هذا واختار كبار الأغنياء، حول العالم، خوض استثمارات أكثر أماناً، بما أن الأزمة المالية قلصت ثقتهم إزاء الاستثمارات الملفوفة بمخاطر عدة. أوتوماتيكياً، انعكس ذلك في تخفيض حصصهم في شراء الأسهم، من جهة، لتوجيه قوتهم المالية نحو استثمارات أكثر أماناً وبساطة، من جهة أخرى. وذهب جزء من هذه الاستثمارات إلى برامج المردود الثابت. كما نلاحظ مشاركة أعظم لهم في القطاع العقاري، حيث زادت حصصهم 4 % مقارنة بعام 2007 صعوداً إلى 18 % من إجمالي ثرواتهم.
التعليقات