طلال سلامة من روما: ولد البروفيسور quot;بول سامويلسونquot; في عام 1915 وحاز عام 1970 على جائزة نوبل في الاقتصاد. في حوار له مع صحيفة quot;ايلافquot; يؤكد البروفيسور سامويلسون، أحد أبرز مبتكري محركات الاقتصاد بالولايات المتحدة الأميركية، أنه لا لزوم أن نيئس من التعايش مع الأزمة المالية التي انطلقت من انهيار قطاع القروض العقارية الأميركية. في الحقيقة، فان العالم يدفع اليوم ثمن أخطاء جورج بورش وأوركسترا خبرائه الاقتصاديين غير الكفوئين! في ما يلي نص الحوار الذي أجراه معه طلال سلامة من روما:

سؤال: ثمة اتهامات تستهدف أوباما من قلب تياره اليساري، على رأسهم quot;بول كروغمانquot;، تشير الى أنه لا يتمتع بالشجاعة الكافية والى أنه لا ينجح في تأميم المصارف الأميركية والى أنه متردد في قراراته بشأن العديد من الملفات الصعبة. ما هو تقويمكم، اعتماداً على خبرتكم الحاضرة والسابقة(كمستشار للرئيس جون كينيدي)، لأول مائة يوم من عهد أوباما؟
جواب: أنا أعتبر جورج بوش أسوأ رئيس أميركي منذ 235 عاماً من التاريخ الأميركي. أحاط السيد بوش نفسه بفريق من الخبراء-السحرة الذين لا خبرة لهم أبداً في القضايا الاقتصادية والمالية. قاد هؤلاء الخبراء البلاد نحو كارثة وضعتنا تحت رحمة فريق من المصرفيين الذين اختلقوا العديد من شخصيات quot;فرانكشتاينquot; المالية التي تم التعريف عنها كمشتقات (Derivatives)، وهي أدوات استثمار حديثة تشتق قيمتها من أدوات قائمة فعلاً في السوق الفورية مثل الأوراق المالية والعملات والمعادن النفيسة. اليوم، ثمة نوع من ردود الفعل، هنا، وهي بمثابة محاولات لتحويل الولايات المتحدة الأميركية الى دولة شيوعية. وهذا خطأ آخر، عكسي. في أي حال، علينا ألا نرجئ تحضير سلة من القوانين المالية الجديدة، الدقيقة والصلبة للغاية، للسيطرة مجدداً على الأسواق.

سؤال: ماذا علينا أن ننتظر في الأسابيع القادمة؟
جواب: كل شيء ما عدا الأعجوبة. علينا أن نتحلى بالصبر.فالانتعاش بدأ يلوح في الأفق وهو يتقدم ببطء شديد نحونا. أنا أقترح على الرئيس أوباما أن يفعل شيئاً ما، مباشر ومركز، لمساعدة المواطنين العاديين لا سيما أولئك الذين لا يستطيعون دفع أقساط قروضهم العقارية. لو نظرنا جيداً لرأينا أن معاشات مديري المصارف زادت منذ عام 2001 لغاية اليوم 40 الى 400 مرة مقارنة بالمعاشات العادية. وهذا غير عادل. كما على أوباما عدم الإصغاء الى أصوات متأتية من الجناح المتشدد، داخل حزبه، تتمسك بحماية المنتجات الوطنية. في أي حال، فان على الرئيس الأميركي مواجهة نسبة بطالة ترسو الآن على 10 في المئة! ما يهدد مستقبل الرأسمالية هنا التي تعيش الآن خائفة في خيمة من الأكسجين الذي لا يعلم أحداً متى سينفذ منها.

سؤال: إذن نحن ما نزال في حالة الطوارئ؟
جواب: نعم. نحن موجودين في أخطر أزمة مالية منذ عام 1929. آنذاك، تطلب quot;الكساد العظيمquot; عدة سنوات قبل أن تتلاشى غيومه بالكامل. لقد نفذ الرئيس روزفلت سلسلة من المشاريع في البنى التحتية، جمعت تحت سقفها استثمارات وأيدي عاملة قللت من البطالة التي وصلت آنذاك الى نحو 25 في المئة. لم تستطع سياسة إدارة روزفلت الاقتصادية القضاء على الكساد نهائياً، فكانت الحرب العالمية الثانية المنقذة. كما استفاد الاقتصاد الأميركي من الحرب العالمية الأولى فانه استفاد أيضاً من الحرب العالمية الثانية مع تحول التصنيع العالمي الى التصنيع الحربي وما يلزمه من كافة المنتجات والخدمات التي أنعشت المصانع الأمريكية في تغطية طلب الحلفاء للمنتجات العسكرية واللوجستية. ما سمح لأميركا الخروج من الكساد العظيم على حساب زيادة في بعض الأسعار وولادة أكثر من لوبي في الأسواق. ثمة تشابه عظيم بين البرنامج الاقتصادي للرئيس أوباما وما خطط له الرئيس روزفلت. أنا أعتقد أن خطة الانتعاش التي يقودها أوباما ستكون عبارة عن مجموعة مشاريع حكومية تستثمر في البنى التحتية، بمفهومها في القرن الحادي والعشرين، وما ستتطلبه من أيدي عاملة في كافة المجالات! أنا آمل أن ينجح أوباما في انتشال أميركا والعالم من التباطؤ الاقتصادي، وألا يكون محتاجاً الى حرب عالمية ثالثة كان من المتوقع أن تندلع لو بقي جورج بوش رئيساً للبلاد!