الرياض، المنامة: من المستبعد أن تحقق أول سوق لسندات الشركات في السعودية الأولى نجاحاً دون إصدار سندات سيادية وإزالة عوائق قانونية، حتى وإن كانت إصدارات السندات في منطقة الخليج قد بدأت تتحسن. ويأتي بدء عمل ثالث سوق لتداول السندات في الخليج، بعد سوق البحرين وسوق ناسداك دبي، في وقت تتصدر فيه عناوين الصحف مشكلات العديد من الشركات السعودية العائلية، مما يلقي الضوء على الافتقار للشفافية في أسواق المال، في أكبر اقتصاد عربي.

وفي الشهر الماضي، أطلقت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، سوقاً ثانوية للسندات التقليدية والإسلامية (الصكوك) في أحدث خطوة باتجاه الانفتاح، بعد السماح للأجانب بنسبة تملك محدودة في البورصة السعودية قبل عام. ورحّب المحللون بالخطوة، باعتبارها تتيح فرص تمويل جديدة للشركات التي تجاهد للحصول على قروض، قائلين إن ذلك من شأنه الإبقاء على المشروعات الجارية، في الوقت الذي تطرح فيه السعودية خطة لتحفيز الاقتصاد، تبلغ قيمتها 400 مليار دولار.

ولكن غياب سندات سيادية تحدد الأسعار الاسترشادية، قد يكون له أثر سلبي. فأحجام التداول كانت ضعيفة، وبلغت في المتوسط أقل من صفقتين في اليوم، منذ بدء عمل السوق يوم 13 يونيو الماضين ولم تجر سوى صفقتين منذ 4 يوليو، كما لم تجر أي صفقات في الأيام الخمسة الماضية، حسب بيانات البورصة. ولم تدرج سوى خمسة اإصدارات في السوق جميعها من الشركة السعودية للصناعات الأساسية quot;سابكquot;، والشركة السعودية للكهرباء.

وقال هوارد هاندي، كبير الاقتصاديين في مجموعة سامبا المالية في الرياض، quot;إصدار سندات سيادية سيكون مرحباً به كوسيلة لتحديد سعر استرشاديquot;. وقد تنتعش مبيعات الصكوك، إذا اتبعت السعودية خطى البحرين ورأس الخيمة، اللتين باعتا الصكوك، وقطر وأبوظبي اللتين باعتا السندات التقليدية. لكن خبراء قانونيين يقولون إنه دون تعديل شامل لقوانين المملكة، التي تتطلب موافقات تستغرق وقتاً طويلاً، ستظل السعودية في مرتبة متأخرة وراء دول خليجية أخرى تصدر الصكوك.

وحسب قواعد هيئة السوق المالية السعودية، لا يحق إلا للشركات المساهمة السعودية، التي تعمل منذ ثلاث سنوات على الأقل تحت الإدارة عينها، إصدار أوراق مالية. وقال إقبال داريديا، مدير أسواق المال في بنك الاستثمار يونيكورب في البحرين، quot;الناس اعتادت على الإدراج في لوكسومبورج أو دبي، حيث الإجراءات أسهل وأكثر كفاءةquot;.

وقال محيي الدين قرنفل، المدير التنفيذي لشركة الجبرا كابيتال في دبي، quot;إذا لم تعالج سوق السندات مسألة الإصدار، فإنها لا تعالج البنية الأساسية القانونيةquot;. ورغم تعهد المملكة بتعديل النظام القانوني، لا يتوقع الخبراء تقدماً يذكر، إذ إن رجال الدين الذين يشرفون على النظام التشريعي يقاومون التغيير.

وقال عبد الحميد العمري، العضو في جمعية الاقتصاد السعودية، إن هناك مؤسسات دينية لها نفوذ على المجتمع، وإنها مازالت تعتبر سوق الصكوك والسندات غير متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وأضاف العمري إنه إذا لم تحل هذه المسألة فإن السوق لن تجتذب الكثير من المستثمرين.

من جهته، أوضح عبد العزيز البصيلي، الشريك في شركة المحاماة الدولية كلايد، أنه إلى جانب الموافقات التي تحتاج وقتاً طويلاً وغياب معايير مشتركة للصكوك المتفقة مع الشريعة، سيحتاج المستثمرون كذلك مزيداً من المعلومات بشأن مصدري السندات لتقييم مخاطر التخلف عن السداد. وأضاف المحامي المقيم في الرياض quot;إذا كانت شركة غير مدرجة في البورصة، فستكون المعلومات المتاحة عنها محدودةquot;.

ويأتي إطلاق هذه السوق، في وقت تواجه فيه مجموعتان عائليتان سعوديتان -هما سعد وأحمد حمد القصيبي وأخوانه- مشكلات ورفضتا توضيح حجم ديونهما، التي تجري إعادة هيكلتها، وتواجه المجموعتان معارك قضائية في نيويورك.

وقال هاندي إن الحملة التي شنت في الفترة الأخيرة على التداول، بناء على معلومات داخلية بفرض غرامات حتى على أسماء كبيرة، أظهرت أن هيئة السوق المالية كانت جادة، لكن مازال يتعين بذل المزيد لجعل قواعد حوكمة الشركات إلزامية.

وأضاف quot;مازال من السهل على الشركات تجنب الكشف عن حجم ديونها أو مستويات التدفقات النقديةquot;. ولكن رغم كل العقبات تعد هذه السوق بنتائج مبشرة.

وقال بول جامبل، مدير البحوث في جدوى للاستثمار في الرياض، quot;انهيار سوق الأسهم العام الماضي، وقنوات الاستثمار المحدودة للغاية المفتوحة أمام المستثمرين في المملكة، شجعت الإقبال على أصول أكثر أماناً مثل الصكوكquot;.

وقال هاندي السوق ستتدعم كذلك من قانون التمويل العقاري، المنتظر سنه بحول نهاية العام، والذي ترغب الحكومة بموجبه في تأسيس شركة تشتري الرهون العقارية، وتقوم بتوريق القروض لتصبح صكوكاً قابلة للتداول.

وإلى جانب جمع الشركة السعودية للكهرباء لمبلغ سبعة مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من سوق السندات، باعت دار الأركان، أكبر شركة عقارية في البلاد، صكوكاً قيمتها 750 مليون ريال في المملكة هذا العام.