إيلاف من دمشق: فيما دعا الفاتيكان إلى الاستفادة من مبادئ الشريعة الإسلامية في العمل المصرفي، دعت بعض الدول الأوروبيّة إلى دراسة أنظمته، وتساءلت عن سبب التأخير في اتّباع العمل المصرفي الإسلامي. ورخّصت بريطانيا لأولمصرف إسلامي أوروبي هو المصرف quot;الإسلامي - الأوروبيquot;، كما بدأت فرنسا بالبحث العميق في الأنظمة التي تتبعها الصيرفة الإسلاميّة وتأثير ذلك على التشريعات القائمة والأنظمة الضريبيّة، وكان اللافت أنّ بريطانيا أسّست سلطة الخدمات الماليّة عام 2004 ، كما كان لافتًا أيضًا أنّ مركز أبحاث الكونغرس الأميركي قدّم دراسة على ماهيّة الأعمال المصرفيّة الإسلاميّة. والواقع أن حجم إيداعات المصارف الإسلاميّة أصبح في العالم يتجاوز 500 مليار دولار، وهو يشكّل نسبة كبيرة من الإيداعات المصرفيّة العالميّة خصوصًا إذا قارنّا التّجربة المصرفيّة الإسلاميّة التي لم تتجاوز في تاريخها الأربعة عقود، وفي سوريا التي بدأت فيها الصيرفة الإسلاميّة منذ وقت قريب وشهدت نجاحًا واضحًا وحقّقت حوالى الـ13 في المئة من إيداعات المصارف الخاصّة على الرّغم من وجود مصرفين إسلاميّين فقط مقابل 13مصرفًا خاصًّا عاديًّا. ويؤكّد محلّلون ماليّون على أنّ دمشق بدأت حين انتهى الآخرون واستفادت من التجارب المماثلة في وجود آليّة عمل ومراقبة صحيحة، وتميّزت بانطلاقتها القويّة. وقد أثبتت الصيرفة الإسلاميّة وجودها بقوّة القانون والمرسوم التشريعي رقم 35 للعام 2005، حيثانتهىأخيرًا المؤتمر الرابع للمصارف والمؤسّسات الماليّة الإسلاميّة في سوريا الذي تحدّث عن الصيرفة الإسلاميّة وفرص الاستثمار وتحدّيات المنافسة، وكان اللافت تواجد الشيخ محمد بدر حسون المفتي السوري والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي الذي حملت لافتة اسمه كعضو مجلس أمناء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسّسات الماليّة الإسلاميّة، والدكتور علاء الدين زعتري أمين الفتوى في وزارة الأوقاف. وبنظرة سريعة إلى الأرقام والإحصاءات، يتّضح ما وصلت إليه المصارف الإسلاميّة في سوريا والتي حقّقت حجم ودائع حوالى الـ35 مليار ليرة أي ما نسبته 11 في المئة من إجمالي ودائع القطاع المصرفي.


أديب ميالة، حاكم مصرف سوريا المركزي، أشار مرارًا إلى أهميّة تطوير الصناعة الماليّة الإسلاميّة وإيجاد بيئة مؤاتية لعملها. أمّا أمين الفتوى في وزارة الأوقاف السوريّة فاعتبر أنّ الصيرفة الإسلاميّة أثبتت وجودها بحكم القانون والرقابة الشعبيّة وأنّ القانون ألزم مجلس إدارة كلّ المصارف الإسلاميّة بقرارات هيئة الرقابة الشرعيّة، وأكّد على أنّ عمل المصارف الإسلاميّة يحقّق الانسجام بين ما يعتقد به المسلم وما يمارسه في حياته. ويثور جدل بين المحلّلين والمسؤولين الاقتصاديّينحولما إذا كانت الصيرفة الإسلاميّة والعمل المصرفي الإسلامي بعيدين عن الأزمة الماليّة، وحذّر الدكتور محمد نضال الشعار أمين عام هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسّسات الماليّة الإسلاميّة من المبالغة في التفاؤل أو القول بأنّ الاقتصاد الإسلامي المتمثّل في المؤسّسات الماليّة الإسلاميّة المتمثّلة في المصارف الإسلامية وشركات التأمين التكافلي بعيدة عن آثار الأزمة الماليّة العالميّة خصوصًا عندما يكون الطرح من قبيل الشماتة بما حصل جرّاء الأزمة الماليّة. وأفاد بأنّه من غير المنطقي عزل أنفسنا عن الدورة الاقتصاديّة العالميّة وهذا أمر خطر يؤدّي إلى التواكل والتقاعس. ورأى الشعار أنّ الطرح المنطقي يقول إنّنا لم نتأثر لعوامل ذاتيّة لأنّ المصارف الذاتيّة لديها شفافية. وكشف عن أنّ الهيئة حاليًّا تعمل على إصدار قرارات جديدة تدعم الشفافية والإفصاح.

من جانبه يؤكّد علي ذيب زعتر المدير العامللمصرف quot;العربي ndash; سورياquot; على أنّ المصارف الإسلاميّة لم تتأثّر مباشرة بالأزمة الماليّة العالميّة إذ لم توجد خسائر ناتجة عن الأزمة في الواقع وخصوصًا أنّ المصارف الإسلاميّة جديدة ومحدودة بمصرفين، والسوق السوريّة كبيرة جدًّا في الحقيقة وتحتاج إلى أكثر من مصرفين. البعض في سوريا يعتقد بأنّ المصارف الإسلامية في سوريا من الممكن أن تكون ذات عمل أكبر وحجم أكثر في حال تمّ إيصال صورتها كما هي من حيث طبيعة عملها. فعملية الإعلان والدعاية ما زالت قاصرة عن إعطائها حقّها وصمودها أمام الأزمة العالميّة الماليّة وكان من الواضح استطاعتها الاستمرار بنجاح وسط جميع الظروف.