كامل الشيرازي من الجزائر: تفيد مراجع جزائرية متخصصة أنّ معدل الإنفاق الرمضاني في جزائر 2009 صار بحدود ثلاثمائة مليار دينار ( ما لا يقلّ عن ست مليارات دولار )، ويُعتبر هذا الرقم كبيرا في مجتمع قوامه 36 مليون نسمة، وتشتد حدة الإنفاق الرمضاني في الجزائر عاما بعد آخر، وإذا كان السكان المحليون في باقي أشهر السنة يكتفون بصرف 35 ألف دينار إلى 50 ألف دينار ( بحدود خمسمائة دولار ) لتوفير مختلف حاجياتهم، فإنّ هذا الإنفاق يرتقي السلم بصورة عجيبة، بحيث تصبح المبالغ المصروفة في شهر الصيام خيالية، إذ قد ينفق أحدهم 80 ألف دينار إلى مائة ألف دينار ( أكثر من ألف دولار بقليل ) لتوفير لوازم المائدة الرمضانية وسائر الحاجيات، وترتفع النسبة أكثر عند العوائل الكثيرة العدد، مثلما تتضاعف لدى أرباب الأسر الذين ينفقون بلا تحفظ.
واستنادا إلى دراسة اقتصادية ميدانية اطلعت عليها quot;إيلافquot;، فإنّ معدّل الإنفاق الرمضاني لدى عائلة واحدة مؤلفة من ستة أشخاص (وهو المعدل المنتشر محليا)، لا ينزل تحت مستوى 1500 دينار للوجبة الواحدة (قرابة مائتي دولار)، وهو ما يعني أنّ العائلة الواحدة مرشحة عمليا لأن تصرف بين 36 ألف دينار إلى 45 ألف دينار (بما يعادل نحو ستمائة دولار)، علما أنّ الأمر يتعلق هنا بأدنى نسبة إنفاق، هذا الأخير يأخذ منحنيات عليا بحسب قدرات رب الأسرة وثقافة الإنفاق بمنظوره، وتعاطيه مع لهيب الأسعار الذي لم يخمد منذ عشية رمضان.
وفي بلد لا يتجاوز السقف الأدنى للراتب الحكومي 15 ألف دينار (بحدود 250 دولارا)، يقول عبد الغني (41 عاما) رب أسرة مكونة من ثلاثة أشخاص:quot;صدقوني المهمة ليست سهلة بتاتا، لست أصدّق أني صرفت 60 ألف دينار، وقد أصل إلى إنفاق مائة ألف دينار بنهاية شهر الصيامquot;، وردا عن كون القيمة المذكورة راجعة لإسرافه، يجيب عبد الغني بعصبية:quot; الأمر غير مردود تماما إلى أي إسراف، أنا أنفق بشكل عاد على لوازم ضرورية، الغلاء وضعف القدرة الشرائية هما السببquot;.
من جانبه، يسجّل مهدي (31 سنة) وهو موظف في دار للشباب، أنّ عائلته المكوّنة من ثمانية أفراد، اعتمدت نظاما تقشفيا مشددا أنه تخلى عن كثير من مكونات المائدة الرمضانية، ومع ذلك بلغ حجم نفقاتها إلى حد الآن 22 ألف دينار، وهي قيمة ضخمة بالنسبة إلى عائلة لا يتجاوز راتب معيلها 14 ألف دينار، وهذا الواقع ينسحب على آلاف الأسر في بلد يحصي 17 ألف عائلة محدودة الدخل.
وعادة ما تكون المائدة الرمضانية الجزائرية مشكّلة من طبق quot;الشوربةquot;، إضافة إلى رقائق quot;البوراكquot; وطبق المثوّم وكلها يتم تحضيرها بالخضروات واللحم، إضافة إلى quot;شطيطحة جاجquot; الذي يقدّم مع الدجاج، وهي أطباق تتأثر مباشرة بالأسعار الخرافية المنتصبة في الأسواق المحلية، إذا ما علمنا أنّ سعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا يقدّر بخمسين دينارا، وأسعار الخس والبنجر والبصل والطماطم والكوسة مشتعلة هي الأخرى، فضلا عن سعر الكيلوغرام الواحد من اللحم الذي صار يناهز 950 دينارا (أكثر من مائة دولار) كما أنّ اللحم المجمّد يفرض على من يريد اقتناء كيلوغرام واحد منه، دفع خمسمائة دينار، تماما مثل سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج الذي قفز إلى 390 دينارا، في وقت تُباع الدزينة الواحدة من رقائق الديول بخمسين دينارا، والتمر بـ240 دينارا، والتين المجفف بـ340 دينارا، وانتهاء بالبيض، فسعر الواحدة منها عشرة دنانير.
وبعملية حسابية بسيطة، يمكن الوقوف على مستوى الغلاف المالي الذي ترصده أي عائلة للوفاء بمتطلبات الأطباق المذكورة، مع الإشارة إلى أننا تغاضينا عن أطباق أخرى أساسية كاللحم الحلو وطاجين الزيتون والسلطات على سبيل المثال لا الحصر، دون ذكر الفاكهة التي صار كثيرون يتجاهلونها، لسخونة أسعارها، رغم كون الدلاع والعنب والمشمش تُباع في أوج موسمها.وإذا ما أضفنا فاتورة الحلويات الذائعة محليا، كقلب اللوز (40 دينارا للوحدة) والزلابية (170 دينارا للكيلو) والقطايف والمشروبات التي لا غنى عنها لإحياء السهرات العائلية واستقبال الضيوف، تكتمل الصورة بالنسبة إلى منظومة النفقات في رمضان، والتي ستتسع وتيرتها في الأسبوع الأخير من شهر الصيام، لتزامنه مع الدخول المدرسي وما يفرضه الأخير من أعباء إضافية ستثقل كواهل أولياء الأمور.
التعليقات