في تجربة جديدة يرى خبراء أنّها ستقلب وجه منظومة الصيد في الجزائر رأسًا على عقب، حدّد متخصصون 60 موقعًا مؤهلاً لتربية الأسماك في الجنوب الجزائري، بالتزامن مع افتتاح أول مزرعة لتربية الأسماك في المياه العذبة في ولاية النعامة الحدودية مع المغرب، ويرى خبراء أنّ تفعيل هذه المواقع سيسهم في تنمية وتكاثر الثروة السمكية، بما سيساعد على تحقيق رهان نصف مليون طن سنويًا بحلول العام 2025.

كامل الشيرازي من الجزائر: قال الخبير عبد المالك حدّار لـquot;إيلافquot; إنّ دراسات علمية أجراها فريق مؤلّف من 15 باحثًا، أثبتت وجود 60 موقعًا مؤهلاً وصالحًا لتربية الأسماك عبر عدد من مناطق الجنوب الشرقي، ويشير حدّار إلى أنّ هذه المواقع تتوزع عبر خمس ولايات صحراوية هي: quot;ورقلة وبسكرة وغرداية وأيليزي والأغواطquot;، واستنادًا إلى معطيات توافرت لـquot;إيلافquot;، فإنّ هذه المواقع تمثل نسبة 13.33 % من المجموع العام للمواقع المؤهلّة بالجزائر، والبالغ عددها 450 موقعًا.

بدوره، يرى الخبير أنيس بن مختار أنّ الاستغلال العقلاني للمواقع الصيدية قد يفجّر ثورة صيدية ضخمة في البلاد، سيما بعد نجاح استزراع أحواض مائية في ثلاث مناطق مختلفة، وبروز طرق تربية المحاريات بأنواعها في بعض المشاريع الاستثمارية في الجزائر، وقد تميزت بنجاح وتطور ملحوظين في المناطق الداخلية كافة وبعض الولايات الساحلية.

ويركّز سليم لعجايلية، المتخصص في الشأن الاقتصادي على تقاطع ترقية منظومة المائيات في الجزائر مع حتمية تدعيم المخزون الصيدي المحلي، لافتًا إلى ما ستولّده العملية من خلق فرص عمل في مجالات مبتكرة، علاوة على تنمية المناطق الجنوبية المنعزلة وإخراجها من دائرة الفقر والحرمان.

من جانبه، أكّد إسماعيل ميمون الوزير الجزائري للصيد البحري والموارد الصيدية، في تصريح صحافي، قرب افتتاح 280 موقعًا لتربية الأسماك والموارد البحرية الأخرى، بما سيتيح، بحسب الوزير، استحداث مائة ألف منصب شغل جديد، وإنتاج 221 ألف طن من الأسماك، و53 ألف طن من سائر المائيات، مع الإشارة إلى مساع لبدء مخطط يقضي بإنجاز 7 موانئ جديدة.

ويتجه التفكير إلى حث مستثمرين محليين وأجانب على الاهتمام بتربية الجمبري وكذا سائر الأسماك، والاعتناء بأنواع نادرة من سمك quot;السوندرquot; الذي يفوق وزنه 12 كيلوغرامًا، وquot;الشبوط الملكيquot; بأنواعه الثلاثة بأوزان تتراوح بين 5 و6 كيلوغرامات، وكذا سمك quot;البوريquot;.

وأصبحت عملية استزراع الأعشاب البحرية وإقامة الأحواض في مياه البحر أو ما يُعرف بـquot;تربية المائياتquot; تستأثر باهتمام جمهور المستثمرين في الجزائر، سيما بعد نجاح تجربة أولى من نوعها، تمّ خلالها استزراع 6800 من بيضات أسماك quot;الشبوطquot; وquot;البلطيquot; عبر 13 حوضًا في محيط عاصمة الجزائر، وهو ما أغرى متعاملين هناك بتعميم التجربة ونشرها على امتداد محافظات الجزائر الـ48، ضمن إستراتيجية تراهن عليها الحكومة الجزائرية لدفع قطاع الصيد البحري وتوظيف الموارد الصيدية من خلال خلق مشاريع يستفيد منها مستثمرون خواص.

إلى ذلك، شرع فرع تربية المائيات التابع للغرفة المشتركة ما بين الولايات، مطلع الشهر الجاري في إنجاز أول مزرعة لتربية الأسماك بالمياه العذبة في بلدة عين بن خليل في ولاية النعامة (أقاصي غرب الجزائر)، وبحسب مراجع محلية، فإنّ الطاقة الإنتاجية لهذه المستثمرة التي تتربع على خمسة هكتارات، ستصل إلى خمسة أطنان سنويًا في مرحلة أولى.

وفي إطار تكثيف نشاطات تربية المائيات في الجهة وتحفيز الشباب للإقبال على هذا المجال، جرى استزراع 276 وحدة من فراخ البلطي والنيلي عبر مزارع نموذجية، تشتمل على 18 حوضا مائيًا موزعًا على مناطق عدة، ويأمل مراقبون أن تسمح الخطوة بتربية أنواع أخرى من الأسماك، سيما تلك التي تعيش في المياه العذبة.

وافتتحت الجزائر خريف العام الماضي أول مزرعة نموذجية لتربية الجمبري في البلاد، بشراكة جزائرية كورية جنوبية، وذلك في ضاحية الوادي الكبير في بلدة المرسى التابعة لولاية سكيكدة (330 كلم شرق الجزائر)، بيد أنّ المزرعة المذكورة التي تتربع على 15 هكتارًا استفادت من مخصصات بحدود 2.3 مليون دولار، ستدخل مرحلة الإنتاج بعد نحو عام من الآن.

وستضم هذه المزرعة مجموعة من الأحواض والتجهيزات الخاصة بتربية الجمبري، إضافة إلى هيكل موجه للتكوين والبحث والاستشارة، وستسمح هذه الوحدة النموذجية التي ستستغل أيضا في مجال الإرشاد والاستعراض، بإنتاج مابين 20 إلى 30 مليون طن سنويًا من سمك الجمبري، مع الإشارة إلى أنّ الجزائر تصدّر القشريات كالجمبري والأسماك الطازجة نحو إسبانيا خصوصًا، بينما تستورد سنويًا ما معدله 16 ألف طن من مختلف الأسماك.

وتقول دراسات إنّ الجزائر تتوافر حاليًا على نحو 71 موقعًا ملائمًا لاستزراع المائيات، دون احتساب مئات الأحواض الخاصة بالمزارعين، والتي تمتلك مناخًا مناسبًا وشروطًا بيئية مثلى، تضمن نجاح تجربة تربية المائيات، وشهدت الأخيرة نجاحًا أيضًا في مجال إنتاج الصدفيات والمحار، بعدما تمكّن أحد المستثمرين الخواص في بلدة عين طاية (20 كلم شرق العاصمة) من إنتاج 10 أطنان من الصدفيات و5 أطنان من المحار، في سنته الأولى، ما يؤشر على المزيد من الثروة المخبوءة.

ويراهن عرّابو الصيد البحري وتربية المائيات في الجزائر، على استغلال ثروة سمكية تزيد عن ستة ملايين طن من الأسماك التي يكتنزها شريط ساحلي يمتد على طول 1600 كيلومتر، كما تعتزم وزارة الصيد الجزائرية إطلاق خطة مستدامة للاستفادة من ثروة المرجان الأحمر على مستوى 36 موقعًا تابعة لخمسة مناطق كبرى.

وجرى خلال السنة الأخيرة، القيام بـ205 عملية تفتيش على مدى 111 ساعة بوساطة التصوير، إلى جانب عمليات للغوص تمكّنت الفرق المختصة في أعقابها من جمع 240 مجموعة من المرجان الأحمر تزن 19 كيلوغرامًا، عبر 22 موقعًا ذات عمق يتراوح من 36 إلى 58 مترًا، ويتعلق الأمر بعينات ذات جودة في صورة مجوفات ونباتات بحرية.