تشهد أسعار الأضاحي في الأردن مع حلول عيد الأضحى ارتفاعات بلغت نسبتها للمواشي البلدية أكثر من 70%، في حين بلغت نسبة الزيادة في أسعار المواشي المستوردة 40 % مقارنة بالعام الماضي. كما تراجعت الحركة الشرائية، حيث كان الركود نصيب معظم المحال التجارية لاسيما الملابس والحلويات.
عصام المجالي ورانيا تادرس من عمّان: تضاعفت أسعار المواشي حاليًا في الأسواق الأردنية مقارنة مع العام الماضي، نتيجة عوامل عدة، أبرزها ارتفاع كلف تربية المواشي، وخصوصًا أسعار الأعلاف وقلة الأمطار العام الماضي، إضافة إلى عمليات التصدير الواسعة إلى إحدى الدول المجاورة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار محليًا.
إذ يتراوح سعر الأضحية البلدية بين 190 دينارًا إلى 300 دينار، ويباع الكيلو quot;قائمًاquot; بسعر 7.25 دينار فيما لم يتجاوز السعر 3.25 دينار في الأعوام الماضية، بحسب تجار لحوم ومربي مواشي.
لكن أسعار المحلية والمستوردة وقبل يوم من عيد الأضحى المبارك استقرت على انخفاض نسبي وعند مستويات مقبولة جاء نتيجة تجاوب الحكومة الأردنية مع مطالب قطاع مربي الماشية في المملكة بتخفيض سعر العلف من 180 دينارًا للطن الواحد إلى 175 دينارًا، إضافة إلى مضاعفة كميات النخالة لتصبح من خمسة شوالات نخالة مع كل طن شعير إلى 12 شوالاً على السعر المدعوم، تزامنًا مع قرار الحكومة بتثبيت أسعار الشعير حتى آخر العام.
وشهدت الأسعار انخفاضًا ملموسًا وبنسبة 10% ndash; 20% لمختلف المناشئ، مقارنة بالأسعار الدارجة خلال الأسبوع الماضي، وجاء هذا الانخفاض نتيجة للمنافسة الحادة بين الشركات المستوردة للحوم الحية وتجار الماشية في المملكة. ومن المتوقع استمرار الانخفاض في أسعار الأضاحي طيلة أيام الأضحى، ما سيزيد من إقبال على التضحية (قربة إلى الله تعالى) وتأدية الالتزامات الاجتماعية، في ظل الظروف المعيشية الحالية وارتفاع الأسعار.
وانخفضت أسعار لحوم الضأن والجديان الحية البلدية بمقدار 50 ndash; 75 قرشًا للكيلو القائم خلال اليومين الماضيين، لتهبط من 4.25 ndash; 4 دينار إلى 3.5 دينار. فيما هبطت أسعار اللحوم الحية المستوردة من 160 قرشًا للروماني إلى 140 قرشًا للكيلو القائم، ومن 180 قرشًا للنيوزيلندي إلى 170 قرشًا، ومن 180 قرشًا للأسترالي إلى 150 قرشًا، فيما حافظ السوداني على سعره عن مستوى 130 قرشًا للكيلو القائم.
ويؤكد تجار ماشية وجود منافسة حقيقية ووفرة كبيرة في أعداد الأضاحي لهذا العام في السوق المحلية تسببت بهبوط الأسعار إلى مستويات مقبولة لغاية الآن، أملاً بتحقيق التناسب العادل للأسعار مع الكلف في السوق المحلية.
وفي العادة، يشكل ارتفاع أسعار الأضاحي قبيل عيد الأضحى معضلة حقيقية للراغبين بالأضحية، وتحول دون قدرة بعضهم على تحقيق هذه السنة النبوية التي ينتظرها الكثيرون في كل عام. ولعل العديد من الناس يرون أن ارتفاع الأسعار تقع تحت مبررات كثيرة غير مقنعة، وتشكل ضغطًا ومعاناة لمن ينتظرها بفارع الصبر، ويدخر لها لوقت لا يستهان به، وسط أعباء مالية صعبة تعيشها غالبية الشرائح الاجتماعية، بخاصة وأن احتكار التجار وتصديرها إلى الخارج دفع بالأسعار مرة أخرى إلى ارتفاعات قياسية وغير مسبوقة.
ووفق إحصاءات غير رسمية، ينفق الأردنيون ما يزيد عن 42 مليون دولار لشراء حوالي 200 ألف أضحية خلال فترة عيد الأضحى المبارك.
وأظهرت نتائج دراسة الميزانية الغذائية أصدرتها دائرة الإحصاءات العامة أخيراً أن احتياجات المملكة من لحوم الضأن قد بلغت 35.251 طناً في عام 2009، وأن كمية الإنتاج المحلي منه قد بلغت 16.032 طناً، حيث تشكل 45% من تلك الاحتياجات. وتشير النتائج إلى أن نسبة المستوردات من لحوم الضأن قد بلغت 70% و55% في عامي 2005 و2009 من احتياجات المملكة.
وارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتي من لحوم الضأن من 30.3% في عام 2005، إلى 45.4% في عام 2009. أما لحوم الماعز، فقد بينت النتائج بأن نسبة الاكتفاء الذاتي منها قد ارتفعت من 97.3% في عام 2005 لتصل إلى 100% في عام 2009.
ويعتبر الاكتفاء الذاتي المقدر بناءً على عدد أيام السنة من أهم المؤشرات التي توفر لراسمي السياسات ومتخذي القرارات تصورًا عن أوضاع الأمن الغذائي في الأردن. وتبين النتائج أن كمية الإنتاج من لحوم الضأن في عام 2009 تكفي حاجة الأردن لمدة 166 يوماً فقط، في حين تم استيراد الجزء المتبقي من الخارج.
كما بينت نتائج المسح الزراعي لقطاع الثروة الحيوانية لعام 2009 بأن أعداد الضأن قد ارتفعت عن عام 2005 في 1/4 و1/11 (الإسناد الزمني) بنسبة 20% و10% على التوالي، بينما ارتفعت أعداد الماعز بنسبة 97% و78% خلال تاريخي الإسناد الزمني المشار إليهما.
الحركة الشرائية تراجعت في الأردن بحلول عيد الأضحي، حيث كان الركود نصيب معظم المحال التجارية لاسيما الملابس والحلويات، وكذلك حال الإقبال على الاضاحي التي تشهد ارتفاعًا ملموسًا مما دفع الكثير من المواطنين إلى العزوف عن خروف العيد.
الضرائبتؤثر علىاقتناءالملابس
وأرجع خبراء اقتصاديون حالة الركود إلى عوامل عديدة، منها ارتفاع أسعار الملابس بعد فرض ضريبة على الملابس المستوردة مما جعل إقبال المواطنين على شراء الملابس ضعيفًا جدًا. حالة الركود هذه لم تقتصر على العاصمة عمّان، التي شهدت إقبالاً متواضعًا من قبل المواطنين، فيما عانت محافظات المملكة حركة ركود قوية.
توقبت العيد حد من الشراء
تقول مي ياسين مالكة محل ألبسة لـquot;إيلافquot; إن ضعف إقبال الشراء عند المواطن الأردني في عيد الاضحي سببها أن العيد حل في منتصف الشهر وجيوب المواطنين فارغة، حيث لا رواتب، كما إن عيد الأضحى أتى بعد عيد الفطر، وكذلك العودة إلى المدارس وأقساطها والجامعات والتكلفة العالية. مضيفة quot;في ظل تلك الأعباء المتتالة من الطبيعي أن تشهد أسواق الملابس ركودًا غير مسبوق، حيث إنها تندرج ضمن باب الكماليات، وليس الضرورةquot;.
لكن عماد نابلسي مالك محل أطفال في العاصمة عمّان فيؤكد أن ملابس الأطفال شهدت إقبالاً ضعيفًا وحركة الشراء بحكم الموسم الشتوي وحلول فصل الشتاء، الذي أجبر الكثير من العائلات إلى التسوق كحاجة ملحة لأطفالهم.
واللافت أن حركة بيع الحلويات لم تكن قوية، كما يوضح أحمد عقرباوي، بحكم أن جيوب المواطنين فارغة، ويضيف أن الظروف الاقتصادية الصعبة وحالة الغلاء التي تجتاح البلد أجبرت المواطن الأردني على الاستنغاء عن أصناف حلويات عديدة والاكتفاء بنوع واحد أو اثنان فقط بحكم ارتفاع الأسعار للمواد الأساسية للحلويات كالسكر والمكسرات والسمن (..).
وكشفت مسوحات الفقر المعلنة في الأردن أخيرًا بحسب الدراسات الرسمية عن 781 ألف فقير دون خط الفقرالعام متناثرين في 32 جيبًا للفقر في المملكة. وفي ظل ارتفاع نسبة الفقر من الطبيعي أن تكون حالة الركود والعزوف عن الشراء متوقعة لعدم توافر النقود عند معظم المواطنين الذي يعتمدون على الرواتب كدخول لهم. ووفق خبراء اقتصاد فإنه يوجد أكثر مليون مواطن أردني عجزوا عن شراء مسلتزمات العيد، سواء أكانت ملابس أم حلويات.
الفقراء: نحو البسطات درّ
صورة الركود لم تقتصر على العاصمة، بل انسحبت كذلك على محافظات المملكة، حيث لجأ فقراء الأردن إلى البسطات المنتشرة على أرصفة الطرقات لشراء ما يحتاجونه من ملابس كوسائل ترضية لأطفالهم، خصوصا أن أسعار البضائع الزهيدة تتماشى مع الأوضاع المالية لهم.
وفي ظل جيوب فارغة لم يشهد سوق اللحوم حركة قوية بحكم ارتفاع أسعار الأضاحي، رغم استيراد العديد منها بأسعار أقل، حيث قامت الشركة الوطنية للأغذية والمؤسسة المدنية المنتشرة في محافظات المملكة باستيراد أصناف متعددة من دول عدة كالسودان ورومانيا، وتباع بأسعار تتراوح بين 140 إلى 160 دينارًا، ورغم ذلك لا تزال حركة الشراء خفيفة ودون المستوى المطلوب في اليوم الأول للعيد.
رفع أسعار المحروقات عامل مؤثر
اختصار شراء الملابس والحلويات وكذلك الأضاحي لها مبرر آخر هو مخاوف المواطنين من رفع أسعار المحروقات خلال الشهر الحالي، وهم على أعتاب فصل الشتاء وبحلجة إلى توفير مبالغ مالية لتوفير وسائل التدفئة لهم وفق مراقبين.
وحسب القراءات الاقتصادية تميل توقعات خبراء السوق الأردني إلى أنه بحلول عام 2011 ستشهد معظم السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية وكذلك المواد الأساسية ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار، فيا يعاني المزيد ضعفًا في الحركة الشرائية في الأسواق الأردنية.
التعليقات