يهدد تأخر موسم الأمطار والشتاء بتلف الموسم الزراعي في لبنان وضرب سياحة التزلج فيه.


بيروت: يبدو الصيف في لبنان وكأنه يأبى أن يغادره، فيما موسم الأمطار يتأخر مهددًا بتلف الموسم الزراعي وضرب السياحة الشتوية وبكوارث على صعيد شح المياه.

ويؤكد عميد كلية العلوم في الجامعة اللبنانية الأميركية البروفسور فؤاد حشوة أن تأخر هطول الأمطار quot;بات يهدد بعض الينابيع التي أصبحت كميات المياه فيها شحيحة جدًاquot;. ويحذر الخبير البيئي quot;من أن استمرار الوضع على ما هو عليه يمكن أن يحدث كوارث وأزمة كبيرة في بعض المناطقquot;.

ورغم اقتراب فصل الخريف من نهايته، لا يزال لبنان محرومًا من الأمطار والثلوج، وتبقى الحرارة مرتفعة لتلامس في أحيان كثيرة معدلاتها خلال الصيف. ويشكو المواطنون من شح في المياه التي لم تعد تصل بانتظام إلى منازلهم.

وكان مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني دعا quot;جميع المفتين والعلماء والخطباء إلى إقامة صلاة الاستسقاء في مساجد مناطقهمquot; غدًا الجمعة.

ويهدد تأخر هطول الأمطار والثلوج موسم السياحة الشتوية فوق جبال لبنان التي يقصدها محبو التزلج وسياح من دول أخرى، لا سيما خلال عطلة نهاية السنة.

ويقول جاد خليل، وهو صاحب مشروع سياحي في منطقة فاريا (55 كيلومترًا عن بيروت) المعروفة بمواقع التزلج فيها، quot;تأخرت الأمطار والثلوج عن موعدها كما لم تتأخر منذ سنواتquot;. ويندر الزبائن في المنتجع الذي بات يعرض أسعارًا مخفضة.

ويضيف خليل quot;خسرنا العام الماضي شهرًا ونصف الشهر من عملنا في الشتاء بسبب تأخر الثلوج، وحاليًا نترقب حجوزات لم تأت بعدquot;، رغم أن عطلة أعياد نهاية السنة باتت قريبة. كما بدأ الموسم الزراعي يتأثر بشكل سلبي. وتخشى وزارة الزراعة من خسارة موسم القمح، الذي يعتبر مكونًا غذائيًا أساسيًا.

ويقول مدير عام الوزارة بالوكالة علي ياسين لفرانس برس quot;عادة، تكون الأرض مروية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، ما يسهل زراعة القمح، لكن حتى الآن لم يحدث هذا الأمر، لذا فإن موسم القمح في خطرquot;. ويحذر ياسين من quot;تكرر الجفاف سنة بعد سنة الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى التصحرquot;.

ويقول رئيس تجمع المزارعين في الجنوب هاني صفي الدين إنه quot;دق ناقوس الخطرquot;، مشيرًا إلى اجتماعات لمزارعي الجنوب للبحث في حلول. وفي سهل البقاع (شرق)، الذي تصنف أرضه بين الأراضي الأكثر خصوبة في لبنان، يؤكد المزارع محمد عباس (55 عامًا) أن quot;موجة الحر أثرت سلبًا على حوالي 80 % من مزروعاتناquot;.

أما أبو علي مجيد (49 عامًا)، فلا يتذكر quot;المرة الأخيرة التي حدثت فيها موجة جفاف مماثلةquot;، لكنه يأمل في أن يتغير الحال قريبًا. ويهدد الجفاف شجرة الأرز، التي يتخذها لبنان شعارًا مثبتًا على العلم الوطني. ويقول المهندس الزراعي شربل لحود quot;إن خطر الجفاف المميت يستهدف الأرزات الصغيرة بطول متر أو أقلquot;.

ويشكل غياب الأمطار وارتفاع الحرارة أحد أسباب الحرائق شبه اليومية التي تندلع في لبنان منذ أسابيع، وقد قضت على مساحات واسعة من أحراجه. ويعتبر لبنان غنيًا نسبيًا بالمياه في العالم العربي، وفيه حوالي أربعين مجرى مائي، إضافة إلى وفرة المتساقطات، عادة، بالمقارنة مع دول مجاورة.

ويرى حشوة أن موجة الجفاف الحالية quot;إنذار كبير من أجل إدارة أفضل للمياهquot;، داعيًا إلى بناء سدود لحفظ مياه الأمطار. ويطال هذا الإنذار سوريا المجاورة، حيث أعلنت الأمم المتحدة في شهر أيلول/سبتمبر أن البلاد تواجه quot;وضعًا خطرًاquot; بسبب موجة الجفاف التي تعانيها منذ أربع سنوات، التي تعود في الأساس إلى التغير المناخي في العالم.

ويتوقع وهيبه أن quot;يهطل المطر في لبنان في النصف الثاني من الفصل الشتويquot;، أي اعتبارًا من أواخر العام الحالي. ويتمنى جاد خليل quot;أن يبرد الطقس حتى نشعل الموقدة ويكون للسائح ما يغريه للقدومquot;. ويتابع ضاحكًا quot;على كل حال، فإن حوض السباحة الصيفي هنا، بديل للتزلج، وهو مفتوح وحاضر لاستقبال من يرغبquot;.