شهدت مختلف الأسواق في لبنان، من المأكولات، إلى الأدوية وصولاً إلى الأدوات المنزلية والمواد الاستهلاكية الحيوية، ارتفاعًا حادًا في الأسعار، في ظل غياب شبه تام للرقابة الحكومية والتحركات الرسمية لمواجهة هذا البركان المعيشي الذي بدأ غليانه يصيب كل بيت وكل عائلة بغض النظر عن انتماءاتها السياسية.


بيروت: إذا كانت تداعيات القرار الظني وملف شهود الزور الشغل الشاغل للحكومة اللبنانيةوالطبقة السياسية بمختلف أطيافها الموالية والمعارضة، فإن الاهتمام الشعبي اتجه في الأيام القليلة الماضية في اتجاه آخر، عنوانه الوضع المعيشي وغلاء الأسعار. فقد شهدت مختلف الأسواق، من المأكولات، إلى الأدوية وصولاً إلى الأدوات المنزلية والمواد الاستهلاكية الحيوية، ارتفاعًا حادًا في الأسعار، في ظل غياب شبه تام للرقابة الحكومية والتحركات الرسمية (باستثناء الكلامية منها) لمواجهة هذا البركان المعيشي الذي بدأ غليانه يصيب كل بيت وكل عائلة بغض النظر عن انتماءاتها السياسية.

توضح رلى عوني ان هناك غلاء ملحوظ وكبير في اسعار السلع في لبنان، والفرق كبير بالنسبة للحوم والخضار، والمواد الاستهلاكية، حيث لاحظت ذلك من فاتورة السوبرماركت حيث كانت تدفع 150 الف ليرة اما اليوم وللبضائع ذاتها تضاعفت الفاتورة. وسبب الغلاء الفلتان برأيها عدم وجود الرقابة، ولا متابعة للامر او لتحسين حياة المواط. اما الحل برأيها يكون برقابة اسعار البنزين التي تزداد كل اسبوع وتنعكس على غلاء الاسعار، وبين شهر وآخر ترتفع الاسعار، والمواطن الذي يملك معاشًا محدودًا ماذا يفعل؟ ويجب ان يكون هناك سياسات ويجب تفعيل وزارة الاقتصاد، واذا استمر الوضع على هذا المنوال لن يستطيع المواطن ان يحيا حياة كريمة، اذا اصبح لبنان فقيرًا جدًا فالامر سيولد برأيها ثورة الشعب، كما حصل خلال الثورة الفرنسية.

يعتبر جان فرح ان غلاء الاسعار في لبنان يعود الى السوق الاقتصادي في لبنان لانه يستورد من الخارج، الدولة اللبنانية لم تجر مساحة معينة للقطاع الزراعي والانتاجي في لبنان، بالعكس اليوم المساحات الخضراء في البلد تتقلص، وكل المواد الخام يؤتى بها من الخارج، من اوروبا والصين والدول العربية، فمثلاً اذا اردنا الاستيراد من اوروبا، ازداد اليورو، وهذا ينعكس على العملية الاستيرادية.

ويضيف: quot;سياسة الدولة اللبنانية خاطئة لناحية غلاء اسعار البنزين، وكنا نملك انابيب نفط كانت تأتي مباشرة من العراق وايران والدول الداعمة للبنان، لم تعد تضخ للبنان، واليوم مخازن النفط في لبنان ندفع عليها مصاريف ولا تشتغل، وكذلك هناك تأثير للعملات الاجنبية لان البترول يأتي من الخارج، ويتابع:quot; برأيي الطبقة الفقيرة في لبنان ستصبح معدمة، والطبقة المتوسطة اصبحت اليوم فقيرة وهذه ليست سياسة صحيحة للدولة لان الغني حتى عندما يكون المحيط الذي يعيش فيه من الفقراء لن يتمتع بالغنى، لانه سيتعرض حتمًا للسرقةquot;.

رأي خبير

ماذا يقول الخبراء الاقتصاديون في موضوع الغلاء في لبنان؟ يعتبر الدكتور ايلي يشوعي في حديثه لإيلاف ان الغلاء هو تضخم وارتفاع الاسعار وله اسباب عدة منها الغلاء في المستورد خصوصًا في موضوع المشتقات النفطية لان برميل البترول يأخذ منحى تصاعديًا.وقال: quot;وهنا لا اعرف اذا كانت دول النفط ستزيد انتاجها كي تجعل الاسعار اكثر اعتدالاً، والمنحى كذلك تصاعديًا بالنسبة للذهب واليورو، والاقتصاد الاميركي بعيد عن التعافي ويتخبط بمشاكل كثيرة تؤثر سلبًا على سعر العملات، والمعروف اننا quot;مدولرونquot; في لبنان اي نعتمد على الدولار، وهذا الشيىء يعود الى عيب في السياسة النقدية عندما ربطت الليرة اللبنانية فقط بالدولار الاميركي بدل ان تربطه بالدولار واليورو، لان شركاءنا التجاريين الاساسيين ليسوا في اميركا بل هم الدول الاوروبية، فنحن مدولرون وندفع باليورو، واسباب اخرى مثل اسعار القمح والحديد والفضة، الحل كان المفروض باواخر التسعينات عندما ارتفعت اسعار اليورو للبنك المركزي ان يربط الليرة بالدولار مناصفة بالدولار واليورو، ومن الاسباب الداخلية لا يوجد منافسة بالاسواقquot;.

وأشار إلي أن هناك محاولة من وزارة الاقتصاد لتطبيق الهوامش، ويوجد احتكار، وهناك مستوردون يأتون بآلاف السلع الاستهلاكية، والاستيراد محصور فيهم، وضعف الدولة ومراقبتها وضعف حماية المستهلك ووزارة الاقتصاد، وفي لبنان شبه دولة، فضلاً عن ان اليوم الانتاج المحلي يبقى ارخص من المستورد، وكل هذا الخلل يؤثر على مستويات الاسعار والانتاج الداخلي الذي يمكن ان يؤثر ايجابًا على مستويات الاسعار، والقيمة المضافة وعدم تخفيض الجمارك ادت كلها الى جعلها في مهب الريح.

ولدى سؤاله هل سيصبح لبنان جراء ارتفاع الاسعار فقط مكونًا من الطبقة الفقيرة؟ يجيب:quot; هناك مليون شاب وفتاة يشتغلون خارج لبنان من اصل مليونين ونصف، وبشروط الآخرين لانهم يعتبرون مهجرين اقتصاديين، وقصرًا رغمًا عنهم خرجوا من لبنان بسبب السياسات الاقتصادية المعوجة المنحرفة والمؤذية، وهذا يدل على فقر وحاجة، واكيد كل السياسات من اساساتها تزيد الغني غنى والفقير فقرًا، وتُراكم الدين على القطاع العام والخزينة اللبنانية وتُهجر شباب لبنان وتحُد من نمو الاقتصاد وايجاد فرص للعملquot;.