أجمع خبراء على أن إنشاء جهاز موحد للإشراف على بيع أراضي الدولة سوف يمنع الوقوع في المشكلات التي تواجه عملية تخصيصها.


القاهرة: أجمع خبراء على أن قرار الرئيس المصري حسني مبارك بإنشاء جهاز موحد للإشراف على بيع أراضي الدولة سوف يقضي على رتابة الإجراءات المعقدة والوقوع في المشكلات التي تواجه عملية تخصيص الأراضي، الأمر الذي سيكون له بالغ الأثر في دفع المستثمرين للإقبال على إقامة المشروعات العملاقة في مصر، ليعود ذلك بالنفع على الاقتصاد المصري.

في البداية قال محمد أبو العنين رئيس لجنة الصناعة والطاقة في مجلس الشعب في دورته السابقة، إن وجود جهاز موحد للتصرف في أراضي الدولة أمر إيجابي لكونه سيوفر على المستثمر غلبة التردد والتعامل مع أكثر من جهة، فسوف يختص هذا الجهاز بمعليات كانت تقوم بها جهات خاصة في وزارات متعددة بين الزراعة والإسكان والسياحة.

وسيكون هذا الجهاز ممثلاً عن كل هذه الجهات، ويكون وحده المنوط به تنفيذ الإجراءات التي تعد أهم عقبات الاستثمار التي لم يتم التغلب عليها، وأضاف أبو العينين أن الجهاز سيحدث نقلة نوعية في الاستثمار، حيث إنه سيوفر تحديد الأنشطة وخرائط الأراضي التي تناسبها في كل محافظة والإمكانيات والمميزات التي توفرها المحافظة في ضوء الخدمات والموارد المتاحة لديها لتنفيذ المشروع.

إضافة إلى ذلك فإنه سيضع حداً للنزاعات بين المستثمرين والحكومة. وأشار أبو العينين إلى أنه من المهم أن يوفر الجهاز الجديد خريطة كاملة وزمنية تحدد أنشطة الاستثمار في كل محافظات مصر لتسهل على الشركات اختيار الموقع المناسب لها أو النشاط المتاح في الأراضي التي ترغب في استغلالها.

أما المهندس صلاح حجاب رئيس لجنة التشييد والبناء في جمعية رجال الأعمال فأكد على ضرورة الوعي بأن أراضي الدولة هي وديعة لدى الحكومة يجب المحافظة عليها واستغلالها بالشكل الأمثل وإنشاء جهاز موحد للتصرف في أراضي الدولة، يعتبر بمثابة خطوة كبيرة في هذا الشأن.

وأوضح أنه يجب التنسيق الكامل بين الجهاز وكل الوزارات المعنية بأراضي الدولة، وكذلك الإدارات المحلية، لأن الأوضاع على طبيعتها الحالية يوجد فيها تداخل في اختصاصات كل جهة، ولا تعمل وفق منظومة محددة. فمثلاً في مجال البناء والتشييد نريد من الجهاز أن ينسق الأوضاع من حيث توفير الإمكانات وترتيب الأدوار، بحيث يكتمل المشروع بصورة مدروسة بداية من تخصيص الأرض وعملية البناء وتسويق الوحدات لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة للمستثمر من جانب والمستهلك من جانب، والأهم من ذلك المساهمة في رفع معدلات النمو وتوفير وخلق فرص عمل جديدة.

من جانبه قال محرم هلال رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان quot;نحن نعاني كمستثمرين من طول مدة وصعوبة الإجراءات للحصول على أراضي، أيًا كان نوعية الاستثمار فيها، فبالوضع الحالي يجب علينا الحصول على عدد كبير من التراخيص، ثم بعد ذلك يتعرقل المشروع بسبب ما يختص بهيئة من هيئات الدولة لها علاقة بالأرض، فتجد نفسك في دوامة وعناء جراء الروتين والقوانين الجائرة، ثم يصاب المستثمر بالإحباط. فإما أن يعدل عن قراره ويتوجه للاستثمار في مكان آخر، وإما يلجأ لطرق ملتوية كرشوة أو تزوير أو ما شابه حتى يتمكن من تنفيذ مشروعه.

ورأى أن هذه العراقيل قد تسببت للدولة في كثير من المشاكل وحدوث عمليات التعدي على الأراضي، فللخروج من هذه الإشكالية كان يجب على الحكومة إقامة جهة واحدة تضم ممثلين عن كل المؤسسات صاحبة الولاية على أرض الدولة بمختلف أغراضها لتحديد استخداماتها في والتصرف فيها وفقًا لمعايير متفق عليها.

وتطرق هلال إلى نقطة مهمة، وهي خطورة التصرف في أراضي الدولة على أنها ملك خاص للحكومة، وعدم بيعها للأجانب، وإنما يتم البيع فقط للمصرين، على أن تقدم الاستثمارات الأجنبية بنظام حق الانتفاع فقط، وتعود ملكيتها للدولة بعد انتهاء فترة الانتفاع أو تجديدها حسب نجاح المشاريع المقامة عليها وحجم الاستفادة المحلية منها.

كما طالب بوضع شروط ملزمة تضمن عدم تغيير النشاط في المكان الواحد إلا من خلال آلية متفق عليها وتصريح من الجهاز الموحد المتحكم في الأراضي، بحيث لا يقوم مستثمر مثلاً بالحصول على أراضي لأغراض زراعية، ثم يحولها لمشروع سكني أو سياحي، وهو ما يحدث كثيرًا في الوقت الحالي، وينصح بتوقيع عقوبات وغرامة رادعة، مثل سحب الأراضي وتحصيل غرامات مالية كبيرة.

صلاح الطاروطي أحد كبار المستثمرين في مشروع ترعة السلام، أشار إلى أن دول العالم كافة تسير وفق منظومة واضحة المعالم في ما يتعلق بتخصيص الأراضي، مما يرفع من معدلات النمو والاستثمار المحلي والأجنبي بدليل الطفرة التي يشهدها الاستثمار الأجنبي في دول مجاورة بفضل التسهيلات الموجودة، وعلى رأسها اختصار الوقت والجهد في الحصول على الأراضي اللازمة لأي مشروع من خلال جهة واحدة هي التي تتولى التنسيق والبت في الطلبات.

وأضاف الطاروطي أن التنسيق بين الجهاز الجديد وجهات الدولة المعنية سيتخلص من العشوائية التي تظهر في تنفيذ المشروعات والقرارات الخاصة بالزراعة ونوعية المحاصيل وإمدادات المياه.