نيقوسيا: تفادت قبرص تداعيات الأزمة المالية في اليونان، حليفتها التاريخية، إلا أن الجزيرة المتوسطية، التي تواجه مغادرة البريطانيين المقيمين فيها وتراجعاً كبيراً في عدد السياح، تخشى اتساع فجوة عجزها المالي.

واعتبر بامبوس باباجورجيو المكلف شؤون الدراسات في الجامعة الأوروبية في قبرص أن لليونان تاثيراً غير مباشر (على الاقتصاد القبرصي) عبر وجود مصارف قبرصية هناك، وتميل قيمة أسهمها إلى التأثّر. لكن لا توجد عواقب حقيقية على النشاط الاقتصاديquot;.

واليونان أكثر ارتباطاً من الناحية الثقافية والسياسية بالجمهورية القبرصية، التي باتت جزءاً من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن ثلثها الشمالي يرزح تحت الاحتلال التركي منذ 1974.

واعتبر خبراء أن الاقتصاد القبرصي- الذي يشهد تقنياً حالة انكماش منذ حزيران/يونيو - سيغرق في المقابل في أزمة غير مسبوقة، إذا لم تتوصل الحكومة إلى تحفيز النمو وخفض الديون، في حين قد يبلغ عجز الموازنة نسبة 7% من إجمالي الناتج الداخلي في 2010، ليتجاوز بذلك بكثير عتبة الـ3% المحددة من قبل بروكسل.

والاقتصاد القبرصي، الذي كان متيناً جداً في الماضي، قاوم الأزمة العالمية لفترة طويلة، لكنه انتهى بالوهن، خصوصاً بسبب مغادرة كثيفة للبريطانيين، الذين باعوا مساكنهم الثانوية، جراء أزمة التسليف في بلادهم، وبسبب تراجع قيمة الاستثمارات الروسية في الجزيرة، بحسب ما أشار المحللون.

وقال باباجورجيو quot;إن بريطانيا هي أبرز الشركاء التجاريين لقبرص، وهناك أيضاً شركات روسية تقيم مكاتب لها هنا، واستثمارات في روسيا تمر عبر قبرصquot;.

وقد أدت سوق عقارية جامدة وعائدات سياحية منخفضة بنسبة 16.7% إلى ربح فائت في العام 2009 بقيمة 1.35 مليار دولار، بحسب وزارة المالية. ويتوقع باباجورجيو تسجيل quot;نسبة نمو قريبة من الصفرquot; في العام 2010. وسيعلن وزير المالية خاريلاوس ستافراكيس قريباً سلسلة إجراءات لتوفير 500 مليون يورو.

والاثنين، أعلن الرئيس ديمتريس خريستوفياس من جهته أنه سيتخلى -على غرار وزرائه وبعض أعضاء حكومته- عن 10% من راتبه السنوي في إطار الجهود المبذولة لدعم الموازنة. وأعرب عن أمله أيضاً في أن يحذو حذوه مسؤولون سياسيون آخرون، وخصوصاً برلمانيون.

وأوضح الاقتصادي كوستاس أبوستوليدس quot;أن الحكومة كانت تعتقد أنها ستتجنب الأزمة، لكنها لم تكن مستعدة بشكل جيد، لأنها لم تتحكم بالوضع. لم تشهد قبرص حالة انكماش على الإطلاقquot; حتى الآن. وقال quot;لدينا روابط اقتصادية أقوى بكثير مع بريطانيا منها مع اليونان، إضافة (من جهة أخرى) إلى تبعية في قطاعي السياحة والعقارات، وهما قطاعان تعرضا للانهيارquot;.

وشهدت قبرص في 2009 أول حالة تقلص في اقتصادها في غضون ثلاثة عقود، حيث تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 1.7 % مقارنة بالعام 2008، ويعود السبب في ذلك خصوصاً إلى quot;معدلات نمو سلبية للغايةquot; في قطاعي البناء والسياحة وquot;الأداء السلبيquot; للصناعة والتجارة والنقل.

واقتصاد الجزيرة، التي سجل فيها النمو نسبة 3.6% في 2008، و4.4% في 2007، تأثّر متأخراً بالصدمة التي سببتها الأزمة المالية والانكماش في أوروبا.