انتقلت عدوى ارتفاع أسعار الحديد في السعودية إلى مواد البناء الأخرى، حيث سجلت أسعار الأسمنت السائب ما بين 250 ريال إلى 265 ريال للطن، بزيادة قدرها 15 ريال للطن، وامتدت الارتفاعات إلى البلاط الأسمنتي بنسبة 10%.

عبد الله أحمد من الرياض: أوضح الدكتور عبد الرحمن السلطان أستاذ الاقتصاد في جامعة الإمام لـ quot;إيلافquot; أن ارتفاع مواد البناء سيؤثّر على المقاولين بشكل كبير، إذا كانت دراساتهم للمشروعات أغفلت تلك الزيادات منذ البداية، وقدرت هوامش ربح محدودة. أما إذا كانت الأرباح مبالغ فيها، فإنها ستكون مجرد انخفاض في هامش الربح.

من جانبه، قال المهندس إبراهيم العسيري الرئيس التنفيذي لشركة مفاز للتطوير العقاري إن تعامل المقاولين مع الارتفاعات سيختلف من مقاول إلى آخر، وسينقسمون إلى قسمين، الأول سيلجأ إلى تأخير تنفيذ المشروعات، على أمل انتهاء تلك الزوبعة، والقسم الثاني سيتم تعويضهم طبقاً للعقود المبرمة مع الجهات المالكة للمشروعات، حسب المتغيرات في الأسعار، مشيراً إلى أن المقاولين الذين يعملون في المشروعات الحكومية سيكونون أكبر المضارين، إلى أن يصدر أمر سامي بتعويضهم، كما حدث من قبل.

من جانبه، رأى أحمد شربتلي صاحب شركة مقاولات أن ارتفاع أسعار مواد البناء مجرد شائعات، أكثر من كونها أمراً واقعياً، مؤكداً أنه عند الرجوع إلى المصادر الأساسية سنجد الأسعار شبه ثابتة، باستثناء الحديد.

الدكتور السلطان، رأى أنه لا يوجد خيار أمام المقاولين إلا تأمين احتياجاتهم من مواد البناء بالأسعار الحالية، خاصة إذا كانت الارتفاعات ليست ناتجة من اختناقات مؤقتة، مضيفاً أن المخاطر تقع على عاتق منفذي المشروعات في الوقت الراهن، خاصة وأن التعويضات قد لا تطال إلا منفذي المشروعات الحكومية، كما حدث في 2008.

وأوضح المهندس العسيري أنه يوجد شق واقعي لتلك الزيادة، يجب على المقاولين استيعابه، خصوصاً إذا كانت ناتجة من ارتفاعات عالمية، بفعل زيادة أسعار النفط، مشيراً إلى أنها قد تكون هناك أسباب داخلية، وهنا يأتي دور اللجنة المكوّنة من وزارة التجارة وأمراء المناطق لقيادة حملات تفتيشية صارمة لإعادة الأمور إلى نصبها الصحيح. وقد ذهب شربتلي إلى الرأي نفسه، قائلاً إن الملف حالياً في وزارة التجارة، وهي تعمل عليه، من خلال الحملات التي شملت التجار والموزعين.

ورجّح الدكتور السلطان انسحاب المقاولين من بعض المشروعات، خاصة إذا كان الضمان المالي والغرامات المرتبة على الانسحاب أقل من الخسائر الناتجة من ارتفاع أسعار مواد البناء، في حين استبعد المهندس العسيري هذا الاحتمال، خاصة وأن منفذي المشروعات الكبيرة، حسب وجهة نظره، شركات ذات قدرة مالية ضخمة.

وهو ما أكده شربتلي، مشيراً إلى أن انسحاب المقاولين من المشروعات أمر غير وارد، سيما وأن العقود حالياً تتضمن بنداً يحمل المالك، أي زيادة في أسعار مواد البناء تزيد عن 5 إلى 10 %، إضافة إلى أن أي مقاول يضع الحسبان ما بين 10 إلى 15 % من تكلفة المشروع لتغطية أي زيادة في الأسعار.

وقد اتفق الثلاثة على احتمالية ظهور السوق السوداء، مع هذه الزيادات في أسعار مواد البناء، حيث أشار الدكتور السلطان إلى أنه في حال كانت الزيادة نتيجة لتخزين التجار لمواد البناء، فستنشط السوق السوداء. أما إذا كانت الارتفاعات بفعل شحّ الكميات فظهورها مستبعد.

من جانبه، أكد المهندس العسيري أن نشاط السوق السوداء في تلك الحالات متوقع، خاصة وأن الارتفاعات في الأسعار لم تكن موازية لحجم الزيادة العالمية. وقال شربتلي إنه في حال استمرار الإشاعات بدون رقابة، فستعاود السوق السوداء الظهور، كما حدث في عام 2007، التي وصل فيها سعر الحديد إلى 6 آلاف ريال وأكثر.