توقع محللون اقتصاديون وماليون انتعاش الأسواق الإماراتية والخليجية والعالمية التي بدأت بالفعل في تحقيق مكاسب قوية أمس، حيث انعكست أنباء إعادة هيكلة ديون دبي العالمية بشكل ممتاز على حركة الأسهم في تلك البورصات الخليجية والعالمية.
أحمد قنديل من دبي: بعدما أعلنت حكومة دبي أمس الخميس أنها قدمت دعمًا ماليًّا جديدًا لمجموعة دبي العالمية بقيمة 9.5 مليار دولار (قرابة 35 مليار درهم)، وبعد تقديم quot;دبي العالميةquot; مقترحًا بشأن عملية إعادة هيكلتها إلى لجنة التنسيق التي تمثل دائني الشركة الماليين لإعادة جدولة ما قيمته 23.5 مليار دولار أميركي من إجمالي الديون المستقلة المترتبة على الشركة حتى شهر ديسمبر/كانون الأول 2009، والضمانات التي التزمت بها دبي العالمية، فيما تخضع عملية إعادة الهيكلة المقترحة لموافقة دائني الشركة التي سوف تسعى إلى الحصول عليها خلال الأسابيع المقبلة.. توقع المحللون الاقتصاديون والماليون انتعاش الأسواق الإماراتية والخليجية والعالمية التي بدأت بالفعل في تحقيق مكاسب قوية أمس، حيث انعكست هذه الأنباء الإيجابية عن دبي بشكل ممتاز على حركة الأسهم في تلك البورصات الخليجية والعالمية.
وبحسب بيان صدر أمس من مكتب لجنة السياسات المالية لإمارة دبي، فإن نخيل ستحصل على 8 مليار دولار، بينما ستحصل دبي العالمية على 1.5 مليار دولار. وستعلن دبي العالمية ونخيل كل على حدة خطة شاملة لإعادة هيكلة ديونهما، حيث سيحصل الدائنون جميعهم على حقوقهم كافة. وأكد رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية في دبي الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم أن حكومة دبي تعهدت بدفع 9.5 مليار دولار أميركي كدعم مالي لإعادة هيكلة ديون مجموعة دبي العالمية.
مؤشرات إيجابية
وأشار المحللون إلى أن مؤشرات الأسهم في الإمارات العربية المتحدة قفزت بقوة أمس الخميس، بعد كشف حكومة دبي عن خطتها لإعادة هيكلة ديون quot;دبي العالميةquot;، التي طالما أثّرت الأخبار السلبية عليها في أسواق المال، بينما عاودت أسهم أسواق معظم الدول الخليجية لتحقيق مكاسب جيدة. فقد سجل سوق دبي المالي أعلى مستوى له منذ 11 أسبوعًا، بعد إعلان حكومة دبي عن دعم مجموعة دبي العالمية بمبلغ 9.5 مليار دولار لإعادة هيكلة شركاتها.
وطمأن الإعلان، الذي طال انتظاره، المستثمرين الذين نفذوا عمليات شراء واسعة أدت إلى ارتفاع أسهم quot;إعمارquot; العقارية بنسبة 8.8 % متخطيًا حاجز الـ4 دراهم، وارتفع quot;الإمارات دبي الوطنيquot;، وهو أحد البنكين المحليين المتعرضة لمجموعة دبي العالمية، بنسبة 3.38%، وصعد سهم quot;أرابتكquot; 6.91%.
وارتفع مؤشر سوق دبي المالي 4.31% إلى 1845.2 نقطة، وسجلت التداولات أكثر من 731.5 مليون سهم بقيمة 1.7 مليار درهم. واقتفت سوق أبوظبي أثر مكاسب الأسهم في دبي، حيث دعمت أسهم العقارات والبنوك مؤشر سوق أبوظبي الذي ارتفع 1.17 % إلى 2905.2 نقطة. وتم تداول 139.1 مليون سهم بقيمة 296.7 مليون درهم. وصعد سهم بنك أبوظبي التجاري 5.76 %، وسجلت أسهم quot;الدارquot; العقارية وquot;صروحquot; إرتفاعات بنسبة 5.37% و6.75% على التوالي.
من جهته، أكّد رئيس إدارة السندات الخليجية في بنك أبوظبي الوطني سعيد وجدي أن إعلان حكومة دبي عن تقديم دعمٍ مالي بتسعة مليارات ونصف المليار دولار كان quot;جيدًا بالنسبة إلى الأسواق الخليجية ككلquot;، متوقعًا أن تشهد حركة إصدار السندات في المنطقة انتعاشًا جديدًا ودفعة قوية بإعادة جدولة ديون دبي العالمية. وأضاف quot;رأينا حركة إيجابية في أسواق السندات والأسهم التابعة لدبيquot;، مشيرًا إلى أن بنك أبوظبي الوطني يعتبر ما عرضته دبي حتى الآن عادلاً ومرضيًّا جدًا.
ورأى وجدي أن البنوك والمصارف في الإمارات وفي المنطقة ستتأثر إيجابًا بما تم إعلانه من حكومة دبي، وأن quot;هذا الشيء إيجابي على مستوى البنوك المحلية والعالمية المتأثرة مباشرة باقتصاد الإمارات، ودبي خصوصًا، وسيكون هناك زيادة في الإقراض، ولكن بشكل تدريجي، كما إن المخصصات التي يتم تجنيبها من قبل هذه البنوك ستنخفض، ولكن بشكل تدريجي أيضًاquot;.
سندات نخيل
وأشار وجدي إلى أن أسواق السندات تأثّرت بشكل إيجابي سريعًا، ولوحظ ارتفاع في أسعار سندات نخيل، وهذا يفتح المجال أمام الشركات الخليجية لإصدار سندات جديدة، خاصةً بعد عودة ثقة المستثمرين في الأسواق الخليجية.وتوقع أن نشهد إصدارات جديدة من السندات في كل من الإمارات وقطر والسعودية خلال الأشهر المقبلة.
كما ارتفعت أمس سندات شركة نخيل التابعة لمجموعة دبي العالمية، في حين تراجعت تكلفة التأمين على ديون دبي، بعد الكشف عن خطة لإعادة هيكلة دبي العالمية، تتضمن السداد الكامل لديون نخيل. وقفزت سندات نخيل الإسلامية المقومة بالدرهم استحقاق مايو/أيار 2010 بواقع 24.5 نقطة إلى 94.5، في حين ارتفعت السندات الإسلامية المقوّمة بالدولار استحقاق يناير/ كانون الثاني 2011 بواقع 26.75 نقطة إلى 92، وهو أعلى مستوى منذ يوليو/ تموز 2008.
وبحسب مؤسسة ماركت، انحدرت تكلفة التأمين على ديون دبي من خطر عدم السداد لمدة خمس سنوات 60 نقطة أساس إلى 360 نقطة أساس. وهذا أدنى مستوى منذ 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، أي قبل يوم من صدمة إعلان دبي العالمية عن طلب تجميد أقساط ديون، كما ارتفعت أصول أخرى مرتبطة بدبي. وارتفعت السندات الإسلامية لنخيل استحقاق 2014 بواقع 1.69 نقطة إلى 96.5، وزادت السندات الإسلامية لموانئ دبي العالمية استحقاق 2017 بواقع 1.74 نقطة إلى 92.5.
وتراجعت تكلفة التأمين على ديون موانئ دبي العالمية لمدة خمس سنوات 40 نقطة أساس إلى 340 نقطة أساس، وعلى ديون العاصمة الإماراتية أبوظبي أربع نقاط أساس إلى 105 نقاط أساس. ويتوقف السداد الكامل لسندات نخيل على قبول الدائنين لخطة إعادة الهيكلة المقدمة من دبي.
أرابتك
في إطار التفاؤل الكبير لانتعاش الأسواق بعد أخبار دبي الإيجابية، توقّعت شركة quot;أرابتك القابضةquot;، وهي أكبر شركة مقاولات في المنطقة، أن تُعيد خطة إعادة جدولة ديون دبي العالمية الانتعاش إلى السوق العقاري في دولة الإمارات، وأن تعاود الكثير من المشاريع العقارية المتعثرة أو المتوقفة العمل، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي في النهاية على شركات المقاولات والعقارات في الدولة.
وقال المدير المالي لشركة quot;أرابتكquot; زياد مخزومي إن quot;الحركات الإيجابية للسيولة تعيد الحركة إلى السوق، وتكون ذات أثر إيجابي في النهايةquot;، لكن مخزومي تحفظ في إصدار حكم مطلق على ما تم إعلانه فيما يتعلق بخطة إعادة جدولة ديون دبي العالمية، موضحًا أن quot;الحكم على الخطة يتوقف على معرفة تفاصيلهاquot;. وأشار مخزومي إلى أن شركات المقاولات والدائنين كانوا يفضلون الحصول على كامل مستحقاتهم المالية، لكنهم في النهاية يريدون المساعدة في تجاوز هذه الأزمة.
وأضاف quot;إذا تم ضخ سيولة في مجموعة دبي العالمية وشركتها التابعة نخيل، فإن أوضاعنا وأوضاع شركات المقاولات ستشهد تحسنًا بكل تأكيدquot;، لكنه أشار إلى أن أرابتك لم يكن اعتمادها مقتصرًا على هذه السيولة، حيث إن لها العديد من المشاريع في قطر والسعودية وأسواق أخرى في المنطقة. وحول المشاريع، التي يتوقع أن تعاود السير نحو الإنجاز في دبي، اعتبر مخزومي أن هذا الأمر سيعتمد على دراسات السوق التي يُفترض أن تجريها شركة quot;نخيلquot; لتحديد ما هي المشاريع الأكثر جدوى من أجل استئناف العمل بها وإنجازها بعد الحصول على هذا الدعم المالي.
أسواق خليجية
وعن الأسواق الخليجية، فقد ارتفعت بورصة قطر بنسبة بلغت 0.5%، وذلك بدعم من أسهم العقارات، حيث صعد مؤشر بورصة قطر 0.56% إلى 7413 نقطة، مع إقبال المستثمرين على شراء الأسهم بعد هبوطها أمس إلى مستويات منخفضة. وتم تداول 8.7 مليون سهم بقيمة 288.2 مليون ريال. وتصدر سهما quot;بروةquot; العقارية والقطرية للاستثمارات العقارية الأسهم الصاعدة، وارتفع السهمان 2.4% و2.3% على التوالي.
واستقرت أسهم البنوك، بعدما هبطت في الجلسة السابقة مع جني المستثمرين للأرباح التي تحققت أخيرًا. وارتفع سهم الريان 0.76 %. كما أنهى مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية يومه أمس على ارتفاع قدره 25 نقطة مع نهاية التداولات، ليستقر عند مستوى 7489 نقطة، بينما بلغت كمية الأسهم المتداولة نحو 428 مليون سهم، بقيمة 4.95 مليون دينار. وارتفعت مؤشرات 5 قطاعات من أصل ثمانية، يقودها قطاع الخدمات الذي قفز بنحو 193 نقطة، تلاه قطاع غير الكويتي بنحو 21 نقطة، ثم قطاع البنوك بنحو 12 نقطة، ثم قطاع التأمين الذي ارتفع بمقدار 10 نقاط، وقطاع العقارات بنحو أربع نقاط.
وعن الأسواق العالمية فقد أغلق مؤشر نيكي القياسي الياباني على ارتفاع بنسبة 0.1%، وارتفعت أسهم شركات التكنولوجيا مثل quot;أدفانتست كوربquot; بدعم من الآمال بتحقيق أرباح مرتفعة، وبتراجع الين إلى أدنى مستوياته خلال شهرين أمام الدولار في اليوم السابق. وارتفع مؤشر نيكاي لأسهم الشركات اليابانية الكبرى 13.82 نقطة إلى مستوى 10828.8 نقطة، بعد يوم من تسجيل أعلى مستوياته خلال شهرين، بينما صعد مؤشر توبكس الأوسع نطاقًا 0.16 نقطة، توازي 0.02% إلى مستوى 952.13 نقطة.
إعادة الهيكلة
وفي التفاصيل، أعلنت شركة دبي العالمية أنها قدمت مقترحا لعملية إعادة هيكلتها إلى لجنة التنسيق التي تمثل دائني الشركة الماليين، لإعادة جدولة ما قيمته 23.5 مليار دولار أميركي من إجمالي الديون المستقلة المترتبة على الشركة، كما في ديسمبر/كانون الأول 2009، والضمانات التي التزمت بها دبي العالمية، الشركة القابضة. وأوضحت أن المبلغ المذكور يشتمل على تمويل بقيمة 4.1 مليار دولار أميركي قدمه صندوق دبي للدعم المالي، بهدف سداد قيمة صكوك نخيل التي استحقت في 14 ديسمبر 2009، والتي كانت تضمنها شركة دبي العالمية.
وأشارت إلى أن عملية إعادة الهيكلة المقترحة تخضع لموافقة دائني شركة دبي العالمية، والتي سوف تسعى الشركة إلى الحصول عليها خلال الفترة المقبلة. وقال كبير مسؤولي إعادة الهيكلة في شركة دبي العالمية أيدان بيركِت إن quot;هذا المقترح يمثل أفضل حل ممكن بالنسبة إلى جميع أصحاب المصلحة، ويأتي في أعقاب محادثات مستفيضة أجريناها مع دائنينا، ودراسة متعمقة لأعمال شركة دبي العالمية، ودعم مالي كبير من قبل الحكومة. ويوفر المقترح للشركة مستقبلاً قويًّا وفرصة زيادة قيمة أصولها على المدى المتوسط إلى طويل الأجلquot;.
البنود الرئيسة للمقترح
تبلغ القيمة الإجمالية للديون غير المسددة والمترتبة على شركة دبي العالمية تجاه دائنيها، غير شاملة للمطالبات القائمة والخاصة بصندوق دبي للدعم المالي، ما يعادل 14.2 مليار دولار أميركي كما في 31 ديسمبر 2009. وتقترح حكومة دبي، ممثلة بصندوق دبي للدعم المالي، تحويل مطالباتها للشركة وقيمتها 8.9 مليار دولار أميركي، التي تمثل 38% من إجمالي الديون المستقلة والضمانات التي التزمت بها شركة دبي العالمية، إلى أسهم في الشركة، مما يعطي أولوية لمطالبات الدائنين الآخرين.
كما يلتزم صندوق دبي للدعم المالي بضخ سيولة نقدية تصل إلى 1.5 مليار دولار أميركي في شركة دبي العالمية، لتمويل الرأسمال العامل للشركة وسداد التزامات مدفوعات الفوائد التي سوف تترتب على الشركة جراء التسهيلات الائتمانية الجديدة التي ستحصل عليها. وسوف تحصل الجهات الدائنة الأخرى غير صندوق دبي للدعم المالي، على نسبة 100% من أصول ديونها عبر إصدار شريحتين من التسهيلات الائتمانية الجديدة التي يحل موعد استحقاقها بعد خمس وثمان سنوات. حيث قالت دبي العالمية إن إجمالي الديون المستحقة للدائنين، عدا صندوق دبي للدعم المالي، بلغ 14.2 مليار دولار في نهاية ديسمبر/ كانون الأول.
وأكدت الحكومة أنه سيطلب من الدائنين المصرفيين إعادة هيكلة ديونهم بالأسعار التجارية. وسيحصل الدائنون التجاريون على عرض بمبلغ نقدي كبير وأوراق مالية متداولة. الجدير بالذكر أنه لا يزال نظام اللجوء إلى المحاكم الذي أقرته حكومة دبي من خلال تأسيس لجنة قضائية خاصة في ديسمبر 2009 متاحًا لحماية شركة دبي العالمية وشركاتها ودائنيها وغيرهم من أصحاب المصلحة.
من جهتها، قدمت شركة نخيل العقارية، وهي الشركة الأخرى المشمولة ببرنامج إعادة الهيكلة الذي طرحته حكومة دبي في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، خطة إعادة هيكلة إلى دائنيها، وتقرر في أعقاب دراسة متعمقة، استثناء شركة quot;ليميتلِسquot; أيضاً من عملية إعادة الهيكلة، لأنها لا تحتاج إلى دعم حكومي. كما يستمر استثناء كل الشركات الأخرى التابعة لشركة دبي العالمية من العملية. وقالت الحكومة إن هناك 5.7 مليار دولار متبقية من قرض قدمته أبوظبي، ستساهم بنصيب الأسد من إجمالي التسعة مليارات ونصف المليار دولار، التي ستتضمن أيضًا ما قالت إنها موارد داخلية لحكومة دبي.
وفي ما يتعلق بشركة نخيل العقارية، أشارت الحكومة إلى أنها ستضخ تمويلاً جديدًا بقيمة ثمانية مليارات دولار، وتحول 1.2 مليار دولار من المستحقات الحكومية إلى مساهمة في رأس المال.
التعليقات