أصبح في حكم المؤكد أن الإمارات لن تعود إلى النقد الخليجي بسبب خلافات أبوظبي مع الرياض، التي كان مقر المجلس من أبرزها، وذلك وفق آراء عدد من المحللين الاقتصاديين في الإمارات.

أحمد قنديل من دبي:بعد اختيار الدكتور محمد بن سليمان الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي كأول رئيس للمجلس النقدي الخليجي لمدة عام، من قبل مجلس إدارة المجلس النقدي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي ظل الجهود الرامية إلى اختيار مبنى موقت للمجلس التنفيذي في مدينة الرياض، والمبنى الدائم في مركز الملك عبدالله المالي، من الصعب الحديث عن عودة الامارات العربية المتحدة للاتحاد الخليجي حسب آراء اقتصاديين.

وأكد المحللون أن القرار الذي اتخذته الإمارات العربية المتحدة في مايو (أيار) من عام 2009 بالامتناع في هذه المرحلة عن المشاركة في عمل الاتحاد النقدي لن تتراجع عنه في ظل اختيار الجاسر كرئيس للمجلس النقدي الخليجي واختيار السعودية مقرا للمجلس.

وأشار المحللون إلى أن هيمنة السعودية على معظم مقرات مؤسسات مجلس التعاون الخليجي في عاصمتها الرياض خلقت مشكلة مزمنة، إضافة إلى المعضلات التاريخية بين السعودية وأبوظبي والتي تمتد جذورها لأكثر من ثلاثين عاما وتتمثل في مطالبة الإمارات بنصيب اكبر في حقل الشيبة النفطي الواقع على الحدود بين البلدين وينتج نصف مليون برميل من النفط تقريبا يوميا، بالإضافة إلى مطالبة الإمارات للسعودية بالشريط الساحلي المقابل لذلك الحقل quot;منطقة العيديدquot; الذي تعتبره الإمارات تابعا لها، وقد وصل الخلاف لذروته عندما عارضت السعودية بناء جسر بحري يربط بين الإمارات بدولة قطر ويمر فوق المياه الإقليمية لهذا الشريط .

وقال مسؤول اقتصادي إماراتي إنه يستغرب إصرار السعودية على وجود معظم مقرات مؤسسات مجلس التعاون الخليجي في عاصمتها الرياض، ورغم محاولة السعودية ترضية الإمارات بمنصب محافظ المصرف المركزي الخليجي إلا أن مسؤولين إماراتيين أكدوا أن اختيار محافظ المصرف المركزي الخليجي من الإمارات يعد مسألة ثانوية بالنسبة للإمارات ولا يمكن اعتباره بديلا عن اختيارها مقرا لمجلس النقد الخليجي الذي كانت تتمسك به الدولة قبل انسحابها من المشروع النقدي الخليجي في مايو 2009 .

ويرى المحللون أن رفض الإمارات العربية المتحدة العودة إلى مجلس النقد لا يقتصر فقط على عدم رضاهم من قرار جعل مقر المصرف المركزي الإقليمي في السعودية. إنما له علاقة كذلك بانعدام وحدة المواقف في مسائل تنظيم السوق والمنظومات المالية وكذلك عواقب الأزمة المالية التي مست الدول الخليجية المستخرجة للنفط أيضا.

ورأى المحللون أن لو كان قد تم اختيار أبوظبي مقرا للمجلس وتعيين محافظ سعودي لرئاسة المجلس النقدي، لكان يمكن للإمارات أن تفكر في العودة لان ذلك كان سيحقق الهدف الإماراتي الأول وهو استضافة المقر حتى لا تستحوذ السعودية بكل المقرات الخليجية وتفرض سيطرتها بقوة عليه، وخشية أن يمنح ذلك السعودية مزيدا من السيطرة على الاتحاد.

وكان سلطان بن ناصر السويدي محافظ المصرف المركزي الإماراتي قد أكد في الرابع والعشرين من شهر مارس (آذار) الماضي أنه لا تجري في الوقت الراهن أية مفاوضات لإعادة الإمارات إلى الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي، قائلا: quot;ليس هناك أية مفاوضات حاليا لإعادة الإمارات إلى الاتحاد النقدي الخليجيquot;.

وتشير الدلالات إلى أنهلا يزال إطلاق العملة الموحدة احتمالا بعيدا لأنه ليس من المتوقع أن تتبنى دول الخليج التي يربط معظمها عملاته بالدولار عملة خليجية موحدة قبل عام 2015. ويعتقد الخبراء أن هذا الهدف لا يمكن بلوغه دون تحقيق تقدم في حل مشاكل تقنية عديدة قبل تحديد موعد لإصدار العملة الموحدة. لافتين إلى أن ثمة أمرا أهم من ذلك وهو إقناع عمان والإمارات العربية بالانضمام إلى الاتحاد النقدي.

وكانت سلطنة عمان غير العضو في أوبك والتي تركت التكتل الخليجي في عام 2006 قالت مرارا إن من غير المرجح أن تعاود الانضمام في أي وقت قريب إلى المجلس النقدي ولا يزال افتقاد الإرادة السياسية والمقاومة لهيمنة السعودية أكبر اقتصاد عربي واكبر مصدر للنفط في العالم يمثل تحديا لكل من الإمارات وعمان.

وقال دانييل كي المحلل الاقتصادي الكبير في بنك الكويت الوطني إن أحد الأمور التي تمثل تحديا كبيرا لتحقيق الوحدة النقدية الخليجية يتمثل في التنفيذ، مشيرا إلى ان أوروبا كانت دائما مدعومة بالرغبات في اندماج سياسي أوثق، وأضاف quot;لا أشعر بأي رغبة في ذلك في الخليجquot;.