بدأت حركة الإسترليني تتأثر أخيرًا بالتوتر الذي يشوب الحياة البريطانية قبيل الانتخابات، ويحذّر رجال أعمال إنكليز من أن تشهد السوق على مدار شهر حالة من التقلب، ما لم تتقدم الأحزاب السياسية بخطط أكثر تماسكًا لخفض العجز الذي تقدر قيمته بـ 167 مليار جنيه إسترليني.

إعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: في الوقت الذي انخفض فيه سعر الجنيه الإسترليني بأكثر من 1 % أمس الثلاثاء أمام الدولار الأميركي، متأثّرًا بحالة عدم التيقن السياسي التي تفرض نفسها واقعًا في تلك المرحلة على الساحة في المملكة المتحدة، مع تكهن بعض المحللين بأن تمر العملة البريطانية بفترة من التوتر حتى يوم الانتخابات، تباينت تحليلات الصحف الصادرة الأربعاء حول هذا الأمر.

فمن جانبها، تنقل صحيفة quot;ذا دايلي تلغرافquot; البريطانية عن رجال أعمال إنكليز تحذيراتهم من أن تشهد السوق على مدار شهر، حالة من التقلب قبيل الانتخابات العامة، ما لم تتقدم الأحزاب السياسية بخطط أكثر تماسكًا لخفض العجز الذي تقدر قيمته بـ 167 مليار جنيه إسترليني. وتشير الصحيفة في هذا السياق أيضًا إلى أن الجنيه الإسترليني شهد انخفاضًا أمس الثلاثاء أمام الدولار واليورو، في الوقت الذي فشلت فيه تحركات الانتخابات الافتتاحية في إقناع التجار بأن الانتخابات المقبلة ستتمخض عن فائز واضح.

كما حذّر المحللون من احتمالية تعرّض الإسترليني لضغوط أخرى خلال الشهر المقبل، ما لم تستبعد استطلاعات الرأي احتمالية تكون برلمان معلق. ويوضح أدارش سينها، محلل العملات وخبير أسواق الصرف لدى باركليز كابيتال،quot;أن حساسية الجنيه الإسترليني من الأخبار الخاصة بالانتخابات من المحتمل أن تزداد على مدار الشهر المقبلquot;. وبينما شهد ثمن الإسترليني ارتفاعًا خلال الآونة الأخيرة، يعتقد سينها أن إمكانية حدوث تقدم آخر كبير من تلك المستويات ستكون عملية من المستبعد حدوثها، إلى أن تتبدد حالة عدم اليقين التي تحوم حول الانتخابات.

أما ريتشارد لامبرت، المدير العام لاتحاد الصناعات البريطانية فأشار للصحيفة إلى أن quot;كل حزب قد أعطى المزيد من المعلومات من دون أن ينشروا بيانهم. ومع هذا، ما زالت هناك درجة من الارتباك. فليس لدينا تفاصيل بشأن الطريقة التي ستسترد من خلالها الأحزاب الاستقرار الاقتصادي، وبخاصة أولوياتهم بشأن خفض الإنفاق والضرائبquot;. وأضاف quot;لقد سمعنا من الأحزاب كافة أنهم يريدون إدارة الدين ومنح الاقتصاد نموًا كذلك. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: quot;من سيقوم بتلك المهمة على نحو أفضل؟. من يمتلك الرؤية الأفضل بالنسبة إلى الطاقة، والتخطيط، وكل أدوات الإدارة الاقتصادية؟quot;.

في حين تؤكد صحيفة فاينانشيال تايمز، في تقرير نشرته في عددها الصادر اليوم الأربعاء ضمن هذا السياق، على أن الانخفاض الذي طرأ يوم أمس على قيمة الجنيه الإسترليني، بالتزامن مع إعلان رئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون، عن تحديد موعد للانتخابات العامة البريطانية يوم السادس من شهر مايو/ أيار المقبل، قد ارتبط ببدء ظهور مخاوف من احتمالية تكوين برلمان معلق (أي لا أكثرية مطلقة)، تلك النتيجة التي أعرب المحللون بشأنها عن تخوفهم من أن تتمخض عن حكومة تفتقر إلى السلطة التي تُمَكِّنُها من السيطرة على العجز المالي القياسي للمملكة المتحدة.

ثم تشير الصحيفة إلى معاناة الإسترليني في الوقت الذي أشارت فيه استطلاعات الرأي إلى أن حزب المحافظين المعارض قد يفشل في الفوز بغالبية، حيث أظهر آخرها (وهو ذلك الذي أجرته صحيفة الغارديان) أن الحزب يأتي في الصدارة بفارق أربع نقاط مئوية فحسب. وفي هذا الجانب، يوضح خبير العملات لدى باركليز كابيتال، أدارش سينها، للصحيفة أنه quot;حتى إن قدَّم المحافظون أداء أفضل من المتوسط في المقاعد الهامشية، كما يتوقع معظم المراقبين، فإنهم سيعانون من أجل تشكيل حكومة قويةquot;.

وفي تقرير لها اليوم تحت عنوان quot;الانتخابات البريطانية تؤدي دورًا محوريًا بالنسبة إلى الإسترلينيquot;، ترى صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أنه، وفي الوقت الذي انخفض فيه الإسترليني واليورو خلال هذا العام حتى الآن بما يقرب من 6.3 % أمام الدولار، إلا أن الانتخابات البريطانية التي يُبَشَر لها منذ فترة طويلة - وقد تأكد أخيرًا إجراؤها في السادس من مايو المقبل - قد تُغيِّر الصورة، على الرغم من أنها لن تكون ربما في مصلحة الإسترليني.

وتلفت الصحيفة في السياق نفسه إلى أن الوضوح السياسي (بالإعلان عن حزب فائز في الانتخابات المقبلة بصورة واضحة بعيدًا من احتمالية تشكيل برلمان معلق) سوف يسمح للأسواق بالتركيز على المهمة المالية التي تواجه الحكومة الجديدة، وهي المتعلقة بطريقة خفض العجز مما يقدر بنحو 11.8 % من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. متوقعة أن يكون الإسترليني أكثر عرضة للتحولات في مشاعر المستثمرين، وبخاصة إن ظلت مشاعر القلق لدى حاملي السندات الأجانب إزاء التصنيف الائتماني المرتفع quot;AAAquot; لاقتصاد المملكة المتحدة.

وبحسب الصحيفة، فإن القيام كذلك بتشديد السياسة المالية في المملكة المتحدة بصورة قوية، ستكون خطوة من شأنها أن تضر وتؤثر على الاقتصاد، وتُبقِي على السياسة النقدية فضفاضة للغاية، حتى مع حديث بعضهم عن استئناف محتمل لسياسة التخفيف الكمي.