واصل الذهب انفصاله الذي دام شهرًا عن الدولار، حيث أدى تجنب المخاطر على خلفية الأزمة اليونانية، إلى رفع كل من سعر صرف الدولار الأميركي وسعر الذهب، بحيث تمكن الذهب أخيرًا من كسر نطاقه الحديث، محققًا ارتفاعًا، ومتمتعًا بأحسن أسبوع له خلال ثلاثة أشهر.

دبي - إيلاف: سادت العلاقة العكسية الثابتة بين الذهب والدولار معظم فترات العام 2009 - باستثناء الربع الأول، بحسب تقرير لساكسو بنك، حيث دفعت توقعات التضخم الذهبَ والدولار إلى الارتفاع واليورو إلى الانخفاض - حتى شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وذلك عندما بدأت المخاوف بشأن الديون السيادية تدفع الذهب والدولار إلى الارتفاع مرة أخرى، حيث تمكّن كل من الذهب والدولار الأسبوع الماضي من الارتفاع وحقق الذهب - مسعرًا باليورو - ارتفاعات قياسية جديدة.

على المدى القصير، وكما يتبين من خلال الارتفاع الأخير في الطلب على الصناديق المتداولة في البورصة، سوف يحاول الزخم وتجدّد التدفقات المالية دفع الأسعار إلى الارتفاع. وتمثل ذروة شهر يناير عند 1162 دولارًا أميركيًّا للأوقية مستوى المقاومة التالي، يعقبها مستوى 1180 دولارًا أميركيًا للأوقية. أما الدعم فسوف يكون عند الذروتين القديمتين 1145 دولارًا أميركيًا للأوقية، يعقبه 1133 دولارًا أميركيًا للأوقية.

إلى ذلك، توقف الارتفاع الذي شهده إغلاق المراكز المالية المكشوفة بالدولار الأميركي واليورو قبل عيد الفصح فجأة، في حين ساعدت الشكوك المثارة حول قدرة اليونان على سداد ديونها الدولار الأميركي على استعادة ما فقده.

وتواصل التوقعات الاقتصادية خارج أوروبا تحسنها، مما أصاب المستثمرين ببعض الارتباك بشأن المحور الذي ستكون له الهيمنة في المستقبل القريب. وبحسب تقرير ساكسو بنك، شهدت عوائد سندات الحكومة اليونانية ارتفاعًا حادًا، حيث زاد عائد السندات أجل سنتين بنسبة 2.5 % تقريبًا في أقل من أسبوع إلى مستويات لم تشهدها منذ 12 عامًا. وتشير البيانات الحديثة إلى أن التعافي في منطقة اليورو قد توقف في الربع الرابع، مما يؤكد على العودة البطيئة إلى النمو في القارة الأوروبية.

ولا يزال الإقبال على المخاطر عند مستويات مرتفعة في بلدان أخرى، حيث حققت السلع على العموم مكاسب في منتصف الأسبوع الماضي. وبلغ مؤشر مكتب أبحاث السلع (CRB) أعلى مستوى له منذ 10 أسابيع، مدفوعًا في المقام الأول بقطاعي المعادن والطاقة، قبل أن يذهب انبعاث الدولار الأميركي ببعض الدعم.

وشهد النفط الخام وسيط غرب تكساس ارتفاعًا جديدًا تجاوز 87 دولارًا أميركيًا للبرميل، بعدما كسر نطاق 6 دولارات، الذي ظل فيه أسابيع عدة. وقد أدى جني الأرباح، بعدما ارتفعت مخزونات الخام الأسبوعية للأسبوع العاشر على التوالي إلى المتاجرة فيه عند مستوى أقل قرب مستوى الدعم البالغ 83.95 دولارًا أميركيا للبرميل، وهو ما يمثل ذروة شهر يناير/كانون الثاني الماضي.

ومن منظور تقني، يشير التقرير إلى أن هناك نطاق متاجرة جديد يتبلور حاليًا مع وجود دعم عند مستوى 84 دولارا أميركيًا للبرميل، ثم 83 دولارًا أميركيًا للبرميل. وفوق مستوى 87 دولارًا أميركيًا للبرميل، سوف تكون المقاومة عند مستوى مهم هو 90 دولارًا أميركيًا للبرميل، مما يمثل حركة تصحيح بنسبة 50 % لبيع التصفية الذي تراوح بين 147 و33 دولارًا أميركيًا للبرميل في عامي 2008 و2009. وعلى مدى أطول، فإن المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم قد انخفض عن مستواه خلال 100 أسبوع للمرة الأولى منذ العام 2003، مما يدل على صعوبة تحقيق مكاسب أخرى فوق سعر 90 دولارًا أميركيًا للبرميل.

وقد أعربت منظمة الدول المصدرة للنفط quot;أوبكquot; أخيرًا عن رضاها عن تراوح سعر النفط بين 70 و80 دولارًا أميركيًا للبرميل، وهي تعلم أن أي ارتفاع مستدام في الأسعار من شأنه أن يعرض التعافي الاقتصادي العالمي للخطر؛ حيث إن أي ارتفاع للأسعار يتجاوز هذا المستوى بكثير في هذه المرحلة من التعافي سوف يؤدي إلى مخاوف من أن نشهد مرحلة ثانية من الركود. وما زال المستهلكون الأوروبيون يترنحون من ارتفاع أسعار الطاقة التي تسبب فيها الضعف الذي شهده أخيرًا سعر صرف اليورو أمام الدولار الأميركي، وهو التحرك الذي يتوقّع المتاجرون أن يستمر خلال الأسابيع المقبلة. وتتوقع بنوك وول ستريت الكبرى وصول الأسعار رقمًا من 3 خانات، مما سيكون تطورا مقلقًا ربما يترتب عليه تضخم مع تأثر عوائد السندات، إلا إذا وطد هذا التعافي دعائمه.

وأوضح التقرير أن المعادن الصناعية مثل النحاس والألمنيوم والنيكل تواصل تحليقها في ظل إعادة الشركات التزود بالمخزون استباقًا لحدوث تعافٍ عالمي في الطلب، ومن ثم ارتفاع في نشاط التصنيع. وقد شهد الأسبوع الماضي قفزة مؤشر بورصة لندن للمعادن (LME) الخاص بالمعادن الخسيسة إلى ذروة لم يبلغها منذ 20 شهرًا. ولكن التدفقات الاستثمارية ما زالت فيما يبدو المحرك الرئيس، حيث شهدت الأنباء الاقتصادية الإيجابية مواصلة المستثمرين ضخّ الأموال في هذا القطاع. وإلى أن تشهد السوق تأكيدًا للاستهلاك الفعلي، فإن هذه الأسعار المرتفعة عرضة لحدوث تصحيح.

كذلك بدأ سعر السكر يشهد استقرارًا، على الرغم من انخفاضه بنسبة 4 % مقارنة بالأسبوع قبل الماضي. وتتوقع منظمة السكر الدولية، التي تتخذ من لندن مقرًا لها، عجزًا عالميًا مقداره حوالي 8 مليون طن. وفي هذه الأثناء، فإن الصين - ثاني أكبر مستهلك للسكر بعد الهند - ربما تزيد وارداتها من السكر، بعدما أثار الجفاف الذي أصاب أحد أقاليمها المنتجة للسكر الشكوك حول إنتاجها. ويرجع التقرير البيع المكثف الذي أدى إلى انخفاض سعر عقد السكر تسليم شهر مايو/أيار في نيويورك بنسبة 46 % أوائل شهر فبراير/شباط الماضي إلى حركة تصحيح في الأسعار، مشيرًا إلى أن أي ارتفاع فوق مستوى 16.45 دولارًا أميركيًا للعقد سيكون أول بادرة على تحسن التوقعات الفنية.

وأخيرًا، فإن تكلفة شراء انبعاثات الكربون الأوروبية قد ارتفعت بنسبة 5 % تقريبًا خلال الأسبوع الماضي، وكانت متجهة إلى أكبر مكسب أسبوعي لها منذ 4 شهور. وقد حدث هذا الارتفاع على خلفية المفاجأة التي تعرض لها المشاركون في السوق بعد مزاد التصاريح الذي أقيم أخيرًا، والذي توقع كثيرون أنه سيضغط الأسعار. وفي النهاية، يلفت تقرير ساكسو إلى أن أخبار ارتفاع أسعار الكهرباء في ألمانيا، علاوة على المزاد الجيد، دفعت الأسعار إلى الارتفاع، حيث شهدت بورصة إنتركونتيننتال (ICE) أحجام تعاملات قياسيةً في العقود الآجلة تسليم ديسمبر/كانون الأول 2010.