قال وزير النفط السعودي علي النعيمي في كلمة ألقاها خلال منتدى الأعمال السعودي الأميركي في مدينة شيكاغو الأميركية أنه ومع انحسار أسوأ أزمة مالية واقتصادية منذ عقود وإذ يدخل العالم مسارا جديدا من النمو وتعود أسعار النفط الى مستوياتها المستدامة، فإنه متفائل بمستقبل الطلب على الطاقة والنفط ومستقبل صناعة الطاقة.

إيلاف: قال وزير النفط السعودي علي النعيمي خلال كلمة ألقاها في منتدى الأعمال السعودي الأميركي في مدينة شيكاغو الأميركية إن السنوات القليلة الماضية كانت حرجة على الاقتصاد العالمي ومنظومات الطاقة العالمية، وتناول خلال كلمته دور ومساهمة قطاع النفط في العلاقات الاقتصادية والسياسية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، قائلاً: quot;قام النفط بدور مهم في العلاقات بين البلدين منذ التوقيع في عام 1933 على اول اتفاقية امتياز للتنقيب عن النفط في المملكة العربية السعودية مع شركة ستاندارد اويل كومباني اوف كاليفورنيا ـ سلف شيفرون اليوم ـ وتطور ستاندارد اويل اللاحق الى ارامكو اربعة الأميركية، ومنذ اكتشاف النفط في العربية السعودية وادراك ما ينطوي عليه من امكانات وطاقات ، طرأ تغير كبير على المشهد النفطي العالمي ـ وكذلك على العلاقات الاستثمارية والتجارية بين بلديناquot;.

quot;وقد عمل الشعبان السعودي والأميركي ، اللذان تربطهما اهتمامات واهداف مشتركة ، ليس من اجل منفعتهما المتبادلة فحسب بل ولمصلحة العالم بصفة عامة، وعمل آلاف الأميركيين في بلدنا مساهمين في إرساء الأساس لقيام صناعة نفطية فاعلة، وبالمقابل فإن استمرار امدادات النفط السعودية الموثوقة الى الولايات المتحدة اسهم في توازن اميركا على مستوى الطاقة وفي ازدهارها الاقتصادي، وفي الوقت نفسه درس عشرات آلاف السعوديين في الولايات المتحدة وعادوا لبناء حكومة فاعلة وصناعة نفطية مسؤولة وقطاع خاص مزدهرquot;.

والجدير بالملاحظة ان حكومتنا عندما تفاوضت بشأن تسلم ارامكو مع الشركات الأميركية الكبرى الأربع وجدت صناعة نفطية قوية بكادر سعودي كفء ، واختارت الحفاظ على هذه الثقافة الموروثة في ادارة الشركات، والحق ان هذه العلاقة الصناعية النفطية بين أرث ارامكو والشركات الأميركية لم تنته بالسيطرة السعودية عليها، فان شركات النفط الاميركية ومعها شركات اخرى واصلت حضورها النشيط في خدمات التكرير والبتروكيمياويات والطاقة في المملكة، وأسهمت ارامكو اربعة التي خُفضت الى اثنين بعد عمليات الدمج والتملك الأميركية في اواخر التسعينات، بقسط كبير في تكامل صناعة النفط الصعودية عموديا وتحقيق القيمة المضافة في سلسلة انتاج النفط والغاز داخل المملكة.

كما أشار النعيمي إلى ردود المملكة العربية السعودية على التحديات التي تواجه قطاع الطاقة العالمي قائلاً: quot;نحن في العربية السعودية استجبنا لهذه التطورات في السوق النفطية العالمية في اتجاهات مختلفة، فقد واصلنا سياستنا المعهودة في الاعتدال وابقاء الأسواق حسنة الامداد في كل الأوقات، وعندما بلغت الأسعار مستويات لا يمكن استدامتها ، مع ما تلحقه من ضرر بالنمو الاقتصادي العالمي وامكانات التطور في البلدان النامية، دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الى اجتماع تاريخي في جدة في حزيران/يونيو 2008 حث فيه البُلدان المنتجة والمستهلكة فضلا عن الصناعة عموما على ايجاد حلول عالمية لقضية تقلب الأسعار عالميا، وتكللت قمة جدة والاجتماع اللاحق في لندن بتشكيل مجموعة التوجيه الدولية رفيعة المستوى لدراسة بنية العلاقة بين المنتج والمستهلك وتقلب الأسعار، وقُدم تقرير هذه المجموعة الى الاجتماع الوزاري لمنتدى الطاقة الدولي في كانكون في نهاية الشهر الماضيquot;.

quot;وكان ردنا الآخر الشروع في سلسلة من الزيادات في طاقة انتاج النفط الخام بلغت اجمالا 2.8 مليون برميل يوميا بين 2004 و2009 رافعة الطاقة الانتاجية الى 12.5 مليون برميل في اليوم، وواصلنا سياستنا في الحفاظ على ما لا يقل عن 1.5 الى 2 مليون برميل يوميا من الطاقة الانتاجية الاضافية في كل الأوقات لتلبية حاجات السوق واللجوء اليها في اوقات اضطراب السوق أو انقطاع الامدادات في اماكن أخرى، ولا بد من القول انه ما من بلد آخر قادر تقنيا أو مستعد للاستمرار في ممارسة سياسة كهذه، واسهمت مثل هذه الزيادات في الطاقة الانتاجة والاضافية في ابقاء الأسواق حسنة الامداد ومتوازنة طيلة هذه الفترةquot;.

quot;اننا ننفذ أكبر البرامج طموحا في تاريخ الصناعة النفطية السعودية على مستوى قطاع التكرير ، بتوسيع المصافي ومشاريع تحديث وتكامل مع المنشآت البتروكيماوية ، تحتاج الى استثمارات بعشرات مليارات الدولارات خلال السنوات الخمس القادمة، ونمضي قدما بقدراتنا الذاتية أو مع شركائنا الدوليين لبناء ثلاث مصافٍ في المملكة في جبيل وينبع ومدينة جزان جنوب غربي البلاد، كما انجزنا بالشراكة مع شركة سوميتومو اليابانية تحديث ودمج مصفاة رابغ بالمجمع البتروكيمياوي ونعمل على خطط تنفيذ مشروع بتروكيمياوي عملاق مع شركة داو كميكال الاميركية، فنحن دائما نخطط بأفق بعيد المدى ، واستراتيجية النظر الى الأمام هذه تعكس ايماننا بأن الاقتصاد العالمي سيتعافى ـ ومعه الطلب على الطاقة والنفط ـ كما نشهد بوادره من الآنquot;.

وحول قضية ردود الأفعال على التغير المناخي قال النعيمي: quot;اعتقد ان الامكانات الكاملة للخيارات التكنولوجية لم تلق الاهتمام الكافي على المستويين الوطني أو الدولي، وإذ يذهب الرأي المتفق عليه عموما الى ان العالم سيحتاج الى محروقات احفورية في المستقبل المنظور لتلبية اجمالي متطلباته من الطاقة يكون لزاما علينا ان ندعم ونستثمر في تكنولوجيات تتعامل مع انبعاثات ثاني اوكسيد الكاربون بدلا من التوجه الى حلول باهظة الكلفة للحد من استخدام المحروقات الاحفورية، وان تكنولوجيا جمع الكاربون وحصره اثبتت كونها تكنولوجيا تخدم جميع الأطراف، وفي حال تطبيقها في المناطق المنتجة للنفط فانها ستخفض الانبعاثات العالمية ، ومن خلال تطويرها في قطاع النفط ، ستسهم في توفر الموارد النفطية والمد في عمرها، ونحن في العربية السعودية كنا نشطين في هذا المجال باطلاق مشروع تجريبي لجمع وحصر الكاربون في احد حقولنا وبالمشاركة في جهود التعاون الدولي والمبادرة اليها مع بلدان اخرىquot;.

وعن مستقبل الإقتصاد السعودي ودوره في القطاع النفطي قال النعيمي: quot;إنه ومنذ بداية التخطيط التنموي في المملكة قبل نحو 40 عاما ، كان تطوير الموارد البشرية وتنويع الاقتصاد على رأس اهداف خططنا التنموية المتعاقبة، وفي حين اننا حققنا بعض النجاح في تحقيق هذه الأهداف ، كما يتجسد في العديد من المؤشرات ، فان المطلوب عمل المزيد، وفي الخطة التنموية التاسعة التي أُقرت مؤخرا يجري التشديد بصفة خاصة على العلم والتكنولوجيا بوصفهما المحركين مجسدين هذين الهدفين الرئيسينquot;.

quot;والى جانب البحث والتطوير اللذين تقوم بهما شركات ومؤسسات بحثية سعودية كبيرة في الجامعات والمعاهد فاننا نعمل لتحقيق رؤية الملك عبد الله في الارتقاء بالآفاق والاستثمار في العالم والتكنولوجيا الى ذرى جديدة، وإذ ندرك ان مصلحة المملكة وخيرها في المستقبل يكمنان في الروح الخلاقة لشعبها وقدرته على التكيف مع التغيرات العلمية والتكنولوجية فضلا عن استثمار ثرواته الطبيعية فاننا استحدثنا جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا التي افتُتحت مؤخرا في ثوال على البحر الأحمر بوصفها جامعة ذات مستوى عالمي ستكون منارا دوليا للمعرفة ومركز للعلم، كما نعمل على اقامة مركز الملك عبد الله للدراسات والابحاث ، في الرياض لقيادة ابحاث المملكة في مجال الطاقة والبيئة والدراسات السياسية وتقديم دراسات وتحليلات ذات توجه نحو المستقبل على صعيد عالمي، ويُنتظر من هذه المؤسسات الجديدة ان تقود الأبحاث في مجال الطاقة الشمسية والتكنولوجيا الحياتية والمنظومات المائية والبيئية والعلوم المادية وغيرها من الاختصاصات التي سوف تسهم في تحقيق الهدفين الرئيسين لتطوير الموارد البشرية وتنويع الاقتصادquot;.

كما أشار النعيمي إلى أن قطاع النفط في مركز هذه الحملة من اجل هذا التنويع الاقتصادي والتجديد التكنولوجي، حيث قالquot;هدفنا من تنويع الاقتصاد لا يعني نهاية الاستثمارات والعمليات النفطية أو خفضها، بل على العكس فان النفط كان وسيبقى مصدرا مهما للدخل يوظف في خدمة هدف التنمية الاقتصادية الاجتماعيةquot;.

وفي ختام كلمته قال وزير النفط السعودي إنه متفائل بمستقبل الطلب على الطاقة والنفط ومستقبل صناعة الطاقة، كماأنه متفائل بآفاق الاقتصاد السعودي الذي هو الآخر يدخل مرحلة جديدة من تطوره.

كما قال quot;إن هذه المرحلة الجديدة ترتكز على تطوير كامل قدرات اقتصاد المعرفة مع التشديد على دور العلم والتكنولوجيا في تطوير الطاقة المضافة من مواردنا الطبيعية بكل اشكالها، ومثلما كان نمط التطور في المملكة على امتداد السنوات الخمسين الماضية فان هذه الحقبة الجديدة تنطلق بتعاون الحكومة والقطاع الخاص تعاونا كاملا ومشاركة الشركات السعودية وشركائها في انحاء العالم ـ التي يشكل قطاع الأعمال الاميركي حليفا رئيسا بينها، وإذ نلج هذه المرحلة أُشجِّع شركاءنا العريقين على الانضمام الينا في حقبة جديدة من التعاون السعودي الاميركي من اجل منفعة متبادلة بعيدة الأثرquot;.