بيروت: أكّد أديب ميالة حاكم مصرف سوريا المركزي الخميس أن بلاده ستمضي قدماً في برنامج تحرير الاقتصاد، على الرغم من اضطرابات الأسواق العالمية، بسبب الأزمة المالية في اليونان.

وذكر ميالة في حديث لرويترز أن quot;الأزمة في اليونان هي درس واضح جداً لمن لا يريد أن يكون هناك انفتاح. وسنستمر في انفتاح منضبط له أسس ضمن برنامج خطوة بخطوة ومعياري، وليس فقط فتح البابquot;. وتعمل الحكومة التي تواجه معدل بطالة مرتفع وبنية أساسية متهالكة على رفع الحظر تدريجياً على إقامة مشروعات خاصة، بعد أربعة عقود من تطبيق حزب البعث الحاكم، الذي تولى السلطة عام 1963، لسياسات اقتصادية، على غرار سياسات الاتحاد السوفيتي وقانون الطوارئ الذي لا يزال سارياً.

لكن الحكومة، التي استبعدت فكرة الخصخصة، مازالت تسيطر على قطاعات كبيرة من الاقتصاد، وتدير برنامج دعم ضخم. ولم يخض ميالة في التفاصيل، لكنه قال إن الإجراءات التنظيمية ضرورية. ويعتبر ميالة من الاقتصاديين المؤيدين لتحرير اقتصادي شامل في مواجهة تيار مؤثر، يفضل الإبقاء على الدور الرئيس في الاقتصاد للدولة.

وأوصى بأن تبدأ الحكومة في إصدار سندات خزانة، باعتبارها الأسلوب الأكثر فاعلية لتمويل احتياجاتها من الاقتراض، واستخدام موارد القطاع المصرفي الخاص الوليد في البلاد. وتحدث ميالة على هامش مؤتمر اقتصادي عربي، نظمته مجلة الاقتصاد والأعمال في العاصمة اللبنانية بيروت. وتمول الحكومة العجز - الذي تقول إنه سيظل مستقراً هذا العام عند مستوى أقل من 5 % من الناتج المحلي الإجمالي - عن طريق الاقتراض من البنك المركزي.

واقترضت كذلك أكثر من 13 مليار دولار من بنوك القطاع العام، التي تملك أصولاً تبلغ قيمتها 32 مليار دولار. وقال ميالة quot;سأستمر بالقول إننا نشجع الحكومة على إصدار سندات وأذونات خزينةquot;. وقوبلت خططه بمعارضة من وزارة المالية، التي لا تريد أن تمتص أذون الخزانة جزءاً كبيراً من سيولة القطاع المصرفي، كما هو الحال في لبنان.

وأشار إلى أن السلطات النقدية تعزز أوضاع البنوك، عن طريق زيادة الاحتياجات الرأسمالية بدرجة كبيرة إلى ما بين 220 و230 مليون دولار. وذكر ميالة أن quot;التحدي الأساسي هو لتطوير البنية التحتية، فهي الخطة التي تقوم عليها مقومات الاقتصاد الأخرىquot;. وتابع أن زيادة رأس المال ستساعد البنوك على المساهمة في تمويل ذلك.

وتخلت الحكومة عن احتكارها للقطاع المصرفي قبل نحو ست سنوات، ولدى سوريا الآن عشرة بنوك خاصة، تبلغ أصولها 11 مليار دولار، لكن القطاع مازال صغيراً مقارنة مع نظيره في لبنان، الذي تتجاوز أصوله 161 مليار دولار. ويعارض العديد من الاقتصاديين السوريين السماح للحكومة بإصدار أذون خزانة، لأنهم يقولون إن الفساد يمثل مشكلة كبرى، وهناك مخاطر كبيرة من تبديد الأموال التي سيتم جمعها. لكن ميالة قال إن القواعد التنظيمية ستضمن توجيه الأموال للتنمية.

وأضاف quot;سياستنا في مجال الرقابة كانت ناجحة، وأنظمتنا المالية صمدت أمام الأزمة بشكل أفضل كثيراً من انظمة أخرى نراها تتخبطquot;. واتفق ميالة مع توقعات صندوق النقد الدولي بأن يحقق الاقتصاد السوري نمواً بمعدل 5 % هذا العام مقارنة مع 4 % في العام الماضي، و5.2 % في عام 2008. وتوقع أن يظل معدل التضخم مستقراً عند حوالي 4 % هذا العام.

وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لسوريا سيبلغ 53 مليار دولار. وتقول الحكومة إن معدل البطالة يبلغ 10 %، لكن تقديرات مستقلة تقدر المعدل عند 25 %. ويبلغ عدد سكان سوريا نحو 20 مليون نسمة، وينمو بمعدل 2.5 % سنوياً.