إتفقت دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماع لوزراء الخارجية في مدينة جدة السعودية على تجميد مسار الوحدة النقدية بعد ظهور أزمة في منطقة اليورو، للتأمل والاستفادة من التجربة الأوروبية. لكن اقتصاديًا سعوديًا رأى أن التأمل مطلوب لكون اليورو عملة أصدرها تكتل اقتصادي، لذلك فعلى دول الخليج أن تستخرج دروسًا من هذه الأزمة.

الرياض: إتفقت دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماع لوزراء الخارجية في مدينة جدة السعودية على تجميد مسار الوحدة النقدية بعد ظهور أزمة في منطقة اليورو. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن وزير الخارجية الكويتي ورئيس الاجتماع الذي عقد في جدة مساء أمس الشيخ محمد الصباح السالم الصباح قوله إنه أمر غير مسؤول أن يمضي أعضاء مجلس التعاون الخليجي في العملة الموحدة من دون دراسة تداعيات مشاكل الوحدة النقدية الأوروبية.

وأوضح الشيخ الصباح أن التطورات الجديدة لأزمة منطقة اليورو تتضمن العديد من الدروس التي يجب أن نستخلصها، لذلك علينا الآن أن نتوقف موقتًا، مضيفًا أن التوقف لا يعني التأجيل، بل أخذ مزيدًا من الوقت للتفكير، مشيرًا إلى أن مشروع عملة موحدة يحتاج إلى مزيد من المشاورات بين الدول الأعضاء وتوحيد معايير وضع الموازنات بينها، والعمل على تقريب السياسات المالية.

من جانبه، يرى الاقتصادي السعودي ورئيس مركز جواثة الاستشاري الدكتور إحسان محمد بوحليقه في تصريح لــ quot;إيلافquot; أن تصريح وزير الخارجية الكويتي لا يعني التوقف أو التأجيل، لكنه في ظل الظروف الحالية والأزمة التي تمر بها منطقة اليورو يصبح التأمل أمرًا مطلوبًا لكون اليورو عبارة عن عملة أصدرها تكتل اقتصادي، وبالتالي فإن على دول الخليج أن تتأمل وتستخرج الدروس من هذه الأزمة.

وأشار إلى أنه لا يتصور أن يؤدي ذلك إلى توقف الجهود الحالية أو تأجيلها، لأن التأمل والاستفادة من أزمة منطقة اليورو لا يقوم باستخلاص الدروس من تجربة أوروبا.

وأضاف أن اتفاقية الاتحاد الخليجي الموقّعة من دول الخليج الأربع متحفظة، ولم تنطلق إلى تأسيس بنك مركزي، بل نصت المرحلة الأولى منها على تشكيل المجلي النقدي، وهو عبارة عن مجلس إدارة وجهاز تنفيذي، وأن لهذا المجلس مهمة محددة تتمثل في التحضير لإنشاء وإطلاق البنك المركزي الخليجي.

وذكر بو حليقة أن تأسيس البنك المركزي يأتي في المرحلة ثانية، مشيرًا إلى أن الاتفاقية ذكرت أن هناك مرحلة لإصدار العملة الخليجية الموحدة، بمعنى أن تتفق الدول الخليجية على قيمة العملة الموحدة مقارنة بالعملات الوطنية، وبعد ذلك تكون عبارة عن وحدة حسابية، ثم تصدر العملة الخليجية الموحدة وتتداول.

وأشار إلى أنه قبل ذلك كله فإن قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الكويت نهاية العام الماضي طالبت المجلس النقدي بأن يضع جدولاً زمنيًّا لإصدار العملة الخليجية الموحدة، كما أن المادة الثالثة من اتفاقية الاتحاد النقدي نصّت على متطلبات محددة، وهذه المطالبات في النهاية تكمن في التفكر والتدبر والتأمل والدراسة، منها تنسيق السياسات الاقتصادية للدول الأعضاء بما يضمن مساهمتها في الاستقرار المالي والنقدي، وبما يكفل درجة عالية من التقارب والنمو الاقتصادي المستدام.

وبالتأكيد فإنه لتحقيق ذلك لا بد من استخراج عدد من الدروس التي تمر بها منطقة اليورو، وكذلك تهيئة البنى التحتية الخاصة بالنظام المصرفي، وكذلك تبني تشريعات مصرفية وقواعد مشتركة في مجال الرقابة المصرفية، موضحًا أن هناك العديد من الدروس التي يمكن الاستفادة من التجربة الأوروبية، ولا سيما في رقابة البنك المركزي الأوروبي على السياسات المالية، خصوصًا اتفاقية ماسر.

ولفت بو حليقة إلى أن ما قاله وزير الخارجية الكويتي متحقق في اتفاقية الاتحاد النقدي الخليجي، ويتفق مع ما طرحه رئيس مجلس إدارة الاتحاد النقدي الخليجي الدكتور محمد الجاسر قبل أسبوعين.

يذكر أن اتفاقية الوحدة النقدية التي وقّعتها أربع دول فقط من مجلس التعاون بعد انسحاب الإمارات وعمان تنص على إنشاء مجلس نقدي مقره الرياض خلال العام 2010، والذي سيتحول لاحقًا إلى بنك مركزي يتولى تحديد السياسات النقدية.