يتفق quot;يحيى زانquot; وquot;أنيس بن مختارquot; المراقبان للشأن الجزائري، أنّ إقالة وزير الطاقة الجزائري السابق quot;شكيب خليلquot; لها صلة مباشرة بتفجير فضائح فساد داخل المجموعة النفطية quot;سوناطراكquot; المملوكة للحكومة، وكذا quot;توازنات منظومة الحكمquot; على خلفية ما يتردد عن quot;صراعات محتدمة داخل هرم السلطةquot;.

كامل الشيرازي من الجزائر: يركّز quot;يحيى زانquot; على أنّ السبب الرئيسي لإقالة خليل بعد مكوثه في منصبه منذ العام 1999، راجع إلى الفضائح المالية التي حدثت في مجموعة سوناطراك وهي الشركة البترولية الأولى في البلاد، ويرى زان في تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot;، أنّ عملية تنحية خليل تهدف بالأساس إلى إعادة تبييض وجه سوناطراك في المحافل الدولية خاصة مع حساسية المكانة التي تتمتع بها سوناطراك في بلد يعتمد اقتصاده على 98 بالمائة من إيرادات المحروقات، فضلا عن تموقع سوناطراك كشريك أساسي لعديد المجموعات الطاقوية العالمية.

ويلّح الأستاذ يحيى زان على أنّ الحكاية برمتها تتعلق بصورة الجزائر كدولة لا تريد تلطيخ صورتها دوليا بسبب أخطاء أفراد، وبحكم أنّ خليل كان المسؤول الأول عن قطاع المحروقات في الجزائر، جرى عزله ولو بعد أكثر من أربعة أشهر من انفجار أولى خيوط فضائح سوناطراك ووضع عدد من كبار مسؤوليها تحت الرقابة القضائية في 13 يناير- كانون الثاني الماضي في إطار تحقيق مرتبط بمنح صفقات غير مشروعة وتبديد أموال.

ولا يفصل زان إقالة خليل عما يٌصطلح عليه في الجزائر quot;توازنات الحكمquot;، في إشارة إلى ما يدور في فلك السرايا، إذ يلاحظ زان أنّ فضيحة سوناطراك جرى تفجيرها مباشرة بعد تسريب أنباء عن استعداد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لإقرار تغيير حكومي يتم بموجبه تنصيب شكيب خليل وزيرا أولا، وهي حيثية تدفع محدثنا إلى القول أنّ ثمة أطراف في السلطة لم يرقها الأمر، فجنحت إلى إخراج تلك الفضائح المثيرة إلى العلن.
كما يقحم أ.زان أيضا الفشل الذي مُني به المنتدى الدولي للطاقة المنظم بمدينة وهران (450 كلم غرب الجزائر) الشهر الماضي، وهي خيبة زادت من حجم الانتقادات إلى شخص وزير الطاقة الجزائري السابق، بعد الشكلية التي طبعت ذاك الموعد رغم كل الهالة والمخصصات الطائلة التي رُصدت لإنجاحه.

وتعليقا على إقالة خليل تحديدا في وقت جرى الإبقاء على وزراء آخرين، يتصور زان أنّ السلطات الجزائرية تتعامل بمنطق (افعل ما شئت في كل القطاعات، إلاّ في مجال المحروقات) وهو ما يفسر بشكل ما تجديد الثقة في وزيرين شهد قطاع كل واحد منهما فضائح مدوية، ومع ذلك جرى التمديد لهما.

وبشأن quot;المهام الأخرىquot; التي قال بيان الرئاسة الجزائرية أنّه سيجري تكليف شكيب خليل بها، يشدّد زان على أنّ (المهام الأخرى) توليفة محلية درجت السلطات الجزائرية منذ عشريات على استخدامها حينما تقدم على تنحية وزير ما، ويوضح زان بهذا الصدد:quot; المهام الأخرى تعبير رسمي مستعمل في الجزائر، يُوظف من باب حفظ ماء وجه الوزير المُقال ، وهو أسلوب متعارف عليه في الجزائرquot;.

ويستبعد زان أن يتم تولية وزير الطاقة المعزول، أي مسؤوليات، ويتوقع أن يشدّ خليل الرحال إلى الولايات المتحدة بحكم إقامته هناك، وحيازته الجنسية الأمريكية، بيد أنّ زان يبقي الباب مفتوحا لاحتمال بقاء خليل في الجزائر، خصوصا إذا ما قام القضاء المحلي باستدعائه في إطار التحقيقات الجارية حول فضائح مجموعة سوناطراك، تبعا لكونه المسؤول المباشر على تلك الفضائح التي وقعت في عهده.

بدوره، يؤيد المحلل السياسي الجزائري quot;أنيس بن مختارquot; تصريحات يحيى زان، ويجزم أنّ الفضائح التي طالت قطاع المحروقات في الجزائر، وعلى رأسها تلك التي أفرزتها مجموعة سوناطراك وما انتاب عملية تحضير وسيرورة منتدى الغاز، وهي تفاصيل تداولتها الصحف المحلية بإسهاب.

ويدرج بن مختار ما ورد في بيان الرئاسة الجزائرية عن (تكليف شكيب خليل بمهام أخرى)، ضمن خانة الأدبيات السياسية التي تعوّدت عليها الجزائر، ويرجح بن مختار أن يتم منح خليل منصب سفير على الأكثر، ويضيف المتحدث:quot;شكيب خليل ليس من رجال النظام، بل هو رجل ثقة بوتفليقة، ظهر مباشرة بعد تولي بوتفليقة شؤون الرئاسة قبل أحد عشر سنة.