يشهد قطاع النقل البحري العراقي حرب استثمارات ومصالح خاصة تتخفى وراء قوانين وتعليمات رسمية، حيث يعاني أصحاب الوكالات البحرية من مشاكل جدية نتيجة عدم وجود خطة للدولة لعمل مؤسساتها وعمل ومستقبل القطاع الخاص أو وجود آليات تنافس لتحسين واقع قطاع النقل البحري، يضاف اليه موقف وزير النقال عامر عبد الجبار الذي يشن حربا ضد المستثمرين في هذا القطاع ويستخدم اجهزة امنية للتهديد بتلفيق اتهامات بالارهاب ضد اصحاب شركات النقال البحري الخاص.

صباح الخفاجي من بغداد: تعتبر منطقة الخليج العربي منطقة توتر عالمي منذ أكثر من نصف قرن .وبسبب غزو الكويت فقد فرضت الأمم المتحدة عقوبات اقتصادية صارمة على العراق. ومنعت البواخر والنقل الحكومي (لاستخدام صدام حسين الملاحة البحرية في تهريب اسلحة والنفط). تولى القطاع الخاص المهمة كناقل بديل بموافقة الدولة. وتحمل كافة المسؤوليات في ما يتعلق بالبواخر والحمولات التجارية .ونقل مفردات البطاقة التموينية التي سمحت الامم المتحدة للحكومة استيرادها. ونقل القطاع الخاص المسافرين والبضائع طوال تلك الأعوام .

وسمحت الدولة آنذاك حتى بتهريب النفط لتوفير عائدات.انتعشت الملاحة البحرية .لكن الوكالات البحرية لم تكن تمتلك الكثير بسبب انهيار الاقتصاد والحصار. اعتمدوا في البدء على (لنجات) بدائية .ثم تطور الأمر الى استخدام وتأجير البواخر.ثم أصبح كثيرا من التجار وأصحاب رؤوس الأموال أكثر قدرة مالية.فاشتروا (البواخر) وأصبحت صناعة تدر مردودات هائلة . حيث بلغ عدد البواخر نحو 420 باخرة مختلفة بين ناقلات نفط وبواخر حمولات. وأصبح مستوى شركات الوكالات البحرية الخاصة مقاربا لمستوى الشركات الكبرى.وطبقا لسامي العاشور رئيس الرابطة التأسيسية لاتحاد الناقلين والتجارة عبر البحارquot; فان شركات الوكالات البحرية تعاونت مع شركات كبيرة في دبي في بادئ الأمر.ثم توسعت التعاملات التجارية دولاً أسيوية وأوروبية.

مشاكل تواجه المستثمرين في النقل البحري

لكن الاستثمار في النقل البحري في العراق ووفقا لأصحاب الوكالات البحرية يعاني من مشاكل جدية وشديدة منها quot; عدم وجود خطة للدولة لعمل مؤسساتها وعمل ومستقبل القطاع الخاص. عدم وجود آليات تنافس لتحسين واقع النقل البحري. نقص الخدمات التي تقدمها الحكومة. لا يوجد خفض الأسعار بما يتناسب وقواعد العرض والطلب .الحكومة لا توفر الخبرات والخبراء، ولم تستحدث مكاتب استشارية لتنسيق العمل بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي بمؤسساته المختلفة.

ويقول معد ناصر صاحب شركة بحرية في تصريح لايلاف: المشاكل كثيرة quot;لدينا مشكلة القنوات الملاحية. فالعمق الموجود في شط العرب يتراوح بين5- الى 7,5 مترا.ولو اشترت أحدى الوكالات البحرية بواخر حديثة بغاطس بحدود 12 مترا مثلا فكيف ستدخل الباخرة؟ يجب ان يتم كري القنوات الملاحية في شط العرب والخور وأم قصر وابو فلوس. ولا توجد حفارات او ساحبات للقطر.كثرة الغوارق في شط العرب.يجب إصلاح الأرصفة ,تبليط الطرق خصوصا طريق ام قصر الذي تحول الى طريق مميت يبتلع من 5-8 أشخاص يوميا. بناء الفنادق الحديثة.هل يعقل ان تخلو الموانئ من فندق 5 نجوم مثلا؟ انعدام الحاويات الرافعات والحاضنات.

وشدد معد ناصر على الحكومة ضرورة تفعيل قرار 51. وان تقدم دعما للوكالات البحرية.كما يجب ان تكون الوكالات البحرية متساوية مع شركة النقل المائي وفقا لحرية التنافس التي اقرها قانون رقم 51 لسنة 2004.

وأردف: يجب ان تقدم الدولة دعما في شراء البواخر.نحن نملك إمكانية شراء بواخر.لكننا بحاجة إلى قانون الحماية القانونية وهذا واجب الحكومة.كثير من حكومات العالم أعطت قروض طويلة الاجل وتسهيلات مصرفة وإعفاءات ضريبية, لتمكن النقل الخاص من شراء بواخر.هذه الخطوة من شانها تسهيل الطريق أمامنا لشراء بواخر جديدة وبمواصفات عالمية بدلا من البواخر المستعملة القديمة.وهذا كله يصب في خدمة الاقتصاد العراقي.

بول بريمر يطلق التنافس بين الناقل الوطني والحكومي
اصدر صدام حسين قرار رقم 56 في 1985 يقضي بحصر عمل الوكالات البحرية في الموانئ العراقية بالمنشاة العامة للوكالات البحرية. لكن الأمريكي بول بريمر الحاكم المدني للعراق بعد 2003 اصدر في 4 كانون الثاني قرار رقم 51 الغى بموجبه القرار رقم 56 .وأطلق القرار الجديد التنافس في القطاع البحري بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي.كما ألغى حق شركة النقل النهري ألحصري في العمل كوكيل ملاحي منفرد في الموانئ العراقية. والغي اسم المنشاة العامة للنقل البحري الى شركة النقل البحري.

وفي 13 آب 2006 اصدر مجلس الوزراء قرار آخرا,مؤكدا على إطلاق حرية التنافس بين الناقل الحكومي والناقل الخاص وتم إلغاء اقتصار نقل البضائع العائدة للدولة ودوائرها بوزارة النقل وامتدت لتشمل شركات الوكالات البحرية الخاصة.

شركة النقل البحري الحكومية

احتكرت شركة النقل البحري الحكومية (تابعة لوزارة النقل) منذ أواسط الثمانينيات أعمال النقل البحري بموجب القانون رقم 56 لعام 1985 حيث أتاح ذلك القانون للشركة الانفراد باعمال النقل البحري. كانت الشركة تمتلك أسطولا عاملا .لكنه تفكك بسبب الحروب المتتالية .وفقدت الشركة معظم قطعها البحرية.وهذا يعني ان الشركة اليوم عاجزة عن تقديم الخدمات خصوصا وانه لم يتم صيانتها لكن الأمر الآخر ان شركة النقل المائي اليوم تحولت بفعل قرار رقم 51 لسنة 2004 الى شركة عادية.يتوجب عليها وطبقا للقانون ان تتنافس على قدم المساواة مع الوكالات البحرية الأخرى شانها شان بقية شركات الوكالات البحرية.

شركة النقل البحري الحكومية عادت لتحتكر

لكن عوضا عن التنافس مع الوكالات البحرية الأخرى. عمدت شركة النقل البحري إلى احتكار العمل في الموانئ عن طريق منع شركات الوكالات البحرية الخاصة من العمل في الموانئ العراقية الا بالحصول على إجازة من شركة النقل البحري. لكن شركات الوكالات البحرية الخاصة,و العاملة منذ أكثر من 16 عاما عمدت الى تشكيل نقابة تضم شركات الوكالات البحرية التابعة للقطاع الخاص للمطالبة بحقوقها.

وابلغ سامي العاشور رئيس الرابطة التأسيسية لاتحاد الناقلين والتجارة عبر البحار ايلاف انه quot; خلال السبع سنوات الماضية نحن الذين أعدنا العمل في الملاحة البحرية.نحن الذين أسسنا العمل البحري, وبنينا علاقات مهمة مع دول كانت تخشى إرسال بواخر الى العراق بسبب ظروفه المنفلتة امنيا. بنينا علاقات متينة مع دول العالم.وقدمنا لهم تعهدات مكتوبة بدفع تعويضات بملايين الدولارات في حال ما حصل مكروه لبواخرهم. لم يكن للحكومة وجود فعلي خلال السنوات الماضية. وأكثر البواخر الداخلة الى الموانئ العراقية اليوم إنما تأتي لحساب الشركات الخاصة.نحن عبدنا الطريق امام الحكومة وشركة النقل البحري اليوم.لأننا ضمنا استمرار عمل الموانئ في السنوات الماضية عندما كانت الحكومة ضعيفة!

شركات النقل البحري الخاص تلجأ للقضاء

وفي ظل عدم تفعيل قرار رقم 51 الذي أطلق حرية التنافس بين الناقل الحكومي والناقل الخاص ومنح شركات الوكالات البحرية من حق العمل والتنافس مع شركة النقل البحري الحكومية .تبقى شركات وكالات الملاحة البحرية تعاني من الخوف والتهميش بسبب احتكار الشركة الحكومية انجازاتها وجهودها طوال الأعوام الماضية..وطبقا لسامي العاشور فانه وبسبب عدم تطبيق القرار رقم 51 فقد منعت وزارة النقل متمثلة بوزير النقل عامر عبد الجبار إسماعيل شركات الوكالات البحرية الخاصة من العمل في الموانئ .وقال: ان لم نحصل على إجازة من شركة النقل البحري الحكومية فلن نتمكن من العمل في النقل البحري.وهذا ما حدث؟

ما الذي حدث

عمدت وزارة النقل على حصر العمل في النقل البحري للشركات التي تحصل على إجازة من شركة النقل البحري التابعة للوزارة. كما عمدت الوزارة الى رفع رسوم العوائد على شركات الوكالات البحرية. ورفع الرسوم مقارنة بالموانئ العربية المجاورة.مما أثار استياء شركات الوكالات البحرية المستند على أرضية ان القانون يفترض ان تكون شركة النقل البحري الحكومية شركة منافسة لشركات الوكالات البحرية.فلماذا تعمد وزارة النقل ووزيرها عامر عبد الجبار اسماعيل الى تسيدها وفرض قوانينها على الشركات الأخرى؟

واضاف العاشور : نحن شركات عريقة ,عملنا على استقدام البواخر الأجنبية اعتمادا على سمعتنا الطيبة التي بنيناها خلال الأعوام الماضية بين الدول. نحن قدمنا تعهدات بملايين الدولارات من اجل استقدام بواخر من شركات عالمية الى الموانئ العراقية.فلماذا تحتكر شركة النقل البحري الحكومية جهودنا وتستحوذ على زبائننا .ومن ثم تمنعنا من العمل في الموانئ هل هذا هو التنافس ؟.

ودفع قرار وزارة النقل بوجوب الحصول على إجازة من شركة النقل البحري مقابل السماح للشركات البحرية الخاصة العمل في النقل البحري, أثار استياء شركات النقل البحري الخاصة. حيث قامت عدد من الشركات على رفع دعاوى قضائية ضد الوزير عامر عبد الجبار اسماعيل .فقد أقدمت شركة سبا وبركة العاشور وشركة بارون على رفع دعوى قضائية.مما دفع الوزير الى منع تلك الشركات من ممارسة عملها داخل الموانئ العراقية منذ قرابة 8 شهور.

يقول سامي العاشور مدير شركة بركة العاشور: تم منعنا من دخول الموانئ في 12/11/2009 فرفعنا دعاوى فضائية ضد وزير النقل عامر عبد الجبار إسماعيل الذي منعنا من العمل في الموانئ العراقية.واشترط الوزير على الشركات التنازل وسحب الدعوى التي أقامتها ضده حتى يسمح لها بالعمل.ورضخت إحدى الشركات الكبرى بعد تهديد عاملين في النقل البحري الحكومي له بتلفيق تهمة الإرهاب رقم 4 ان لم يسحب دعواه لكن الأمر مختلف مع شركتي بركة العاشور وشركة باروون.

الشركة تربح الدعوى والوزير لا يمتثل للقضاء

وقد تم منع شركة بركة العاشور من دخول الموانئ في 7/8/2009. لكن شركة بركة العاشور لجات الى القضاء .ومنح القضاء في 13/8/2009 حكما بدائيا لصالح شركة بركة العاشور.وفي 29/10/2009 منحت محكمة استئناف منطقة البصرة الاتحادية حكما لصالح الشركة ذاتها .وبين القرار أن شركة النقل البحري لا تمتلك طبقا للقانون أي صفة قانونية تؤهلها للسيطرة على شركات الوكالات البحرية الأخرى.او احتكار العمل في الموانئ العراقية. وجاء في القرار انه طبقا لقرار 51 الذي أطلق حرية التنافس بين شركات الوكالات البحرية .فان شركة النقل البحري الحكومية, إنما تعتبر شركة منافسة حالها حال شركات الوكالات البحرية الأخرى.

لكن الوزير رفض تنفيذ الأمر القضائي فعمد رئيس شركة بركة العاشور الى الاستعانة برئيس الحكومة نوري المالكي الذي اصدر مدير مكتبه أمرا بتاريخ 30/12/2009 يسمح للشركة وباقي الشركات الأخرى مزاولة أعمالهم في الموانئ العراقية اعتمادا على قرار حرية التنافس لكن الوزير رفض تطبيق القرار مجددا.

عن ذلك قال سامي العاشور: لم ينفذ وزير النقل عامر عبد الجبار إسماعيل قرار المحكمة ولا القرار الصادر من مكتب رئيس الحكومة بتاريخ 22/3/2010 القاضي باعتماد قرار القضاء .وطلب مني سحب الدعوى بعد ان أقدم على حجز 8 بواخر تابعة لشركتي لمدة شهر في البحر. وأضاف: ليس ذلك فحسب فقد عمد وزير النقل الى منع العمال من إتمام إنزال حمولة لباخرتين كانتا في ميناء ام قصر.

ولفت سامي العاشور الى أن وزير النقل استعان بشخصيات نافذة قريبة من رئيس الوزراء وتمكن من إصدار أمرا امنيا يمنع شركة بركة العاشور مع شركتين كبيرتين quot;من العمل في الموانئ مدعيا ورود معلومات وإشكالات أمنية الى حين تدقيق المعلومات واتخاذ ما يلزمquot;!

وأردف: منعونا وأفراد شركتي الذين يفوق عددهم 5000 آلاف موظف من دخول الموانئ. ان وزير النقل عامر عبد الجبار اسماعيل يستخدم إمكانات الدولة الأمنية لمحاربتنا برغم ان القضاء والقانون أنصفنا.

واختتم العاشور قائلا: نحن المستثمرين يتم ترهيبنا ومنعنا من العمل في الموانئ العراقية دون وجه حق.ربحنا الدعاوى القضائية لكننا مازلنا ممنوعين من دخول الموانئ. كيف يحدث هذا ولمصلحة من يحارب المستثمر العراقي؟