بيروت: يراهن لبنان على استمرار نسب النمو المرتفعة التي يسجلها منذ سنتين من أجل خفض حجم مديونيته بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحلي، وهي من النسب الأكثر ارتفاعاً في العالم، وتتجاوز حتى تلك المسجلة في اليونان، التي تشهد أزمة اقتصادية حادة.

وقالت وزيرة المال ريا الحسن في مقابلة مع وكالة فرانس برس quot;خلال السنتين الماضيتين، تمكنا من خفض حجم المديونية بالنسبة إلى إجمالي الناتج المحليquot;. وتتجاوز ديون لبنان الخمسين مليار دولار، إلا أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي تراجعت إلى 148% في نهاية 2009، بعدما كانت 180% في 2006، نتيجة نسب نمو مرتفعة. فقد بلغ النمو 9% في 2008 و8% في 2009.

ولا تزال نسبة الدين مرتفعة جداً بالمقارنة مثلاً مع اليونان، حيث نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 115%. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن النسبة في لبنان من أعلى النسب في العالم، لكنه توقّع في الوقت نفسه استمرار النمو وتسجيل نسبة لا تقل عن 8% في 2010.

وأوضحت الحسن أن quot;الودائع المصرفية ازدادت بنسبة تفوق العشرين في المئة سنوياً، بفضل تحويلات الجالية اللبنانية في العالم (ستة إلى سبعة مليارات دولار سنوياً، أي 22% من الناتج المحلي) وتدفق رؤوس أموال ناتج من تراجع فرص الاستثمار في دول أخرىquot;. وتموّل المصارف التي يبلغ حجمها ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي، القسم الأكبر من الدين العام.

وأشارت وزيرة المال إلى أن التدفق المستمر لرؤوس الأموال quot;يسمح لنا بتأمين خدمة الدين والحفاظ على السيولة، بينما تباطؤ نسبة الدين يشير إلى أن القرارات التي نتخذها لجهة تقليص النفقات بالنسبة إلى العائدات، صائبةquot;. وتابعت quot;إلا أن الطريق لا يزال طويلاًquot;، مؤكدة أن الحكومة تسعى إلى الإفادة من النمو من أجل زيادة حجم الاقتصاد.

وقد أشاد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى لبنان قبل أيام بـquot;الأداء الإيجابيquot; للاقتصاد اللبنانيquot;، على الرغم من الأجواء العالمية الصعبةquot;، معتبراً أن quot;لبنان يجني ثمار الاستقرار الداخلي والسياسات الحذرةquot;. وأقرت وزيرة المال بأن أي quot;انتكاسة أمنية ستؤثّر بشكل أو بآخرquot; على المنحى الإيجابي الموجود حالياً. وتابعت أن quot;الوضع يبدو هادئاً على الأقل في المديين القصير والمتوسط، ما يؤشر إلى استمرار نسب النمو التي سجلت في السنتين الماضيتين، وحتى إلى ارتفاعهاquot;.

وأوعز صندوق النقد الدولي بضرورة البدء بورشة إصلاحات ملحة ومعالجة المشاكل الخطرة في البنى التحتية من أجل المحافظة على نسبة النمو وخفض عجز الدولة البالغ 9% في نهاية 2009. ومن أبرز الإصلاحات المطلوبة تلك المتعلقة بقطاع الكهرباء، الذي يعتبر ثالث مصدر إنفاق للدولة بعد خدمة الدين ورواتب الموظفين. ويكلف هذا القطاع الدولة أكثر من مليار دولار سنوياً.

وذكرت الحسن أنه تمت مضاعفة المبالغ المخصصة للاستثمار في البنى التحتية (الاتصالات وشبكة الطرق ووسائل النقل العام...) لتصل إلى 3.5% من نسبة الناتج المحلي في مشروع موازنة 2010، الذي يتم درسه حالياً في مجلس الوزراء. ورحب الخبراء بهذه الخطوة.