ريما زهار من بيروت: في دراسة أعدّها المركز اللبناني للدراسات، بعد ست سنوات على انتهاء الحرب الأهلية وأربع سنوات على تشكيل حكومة رفيق الحريري الأولى، تبيّن حينذاك أن مليون لبناني يعيشون تحت خط الفقر المطلق، ونحو 250 ألفًا تحت خط الفقر المدقع.

هذه الأرقام لا تزال تقريبًا على حالها، بدليل أن تقرير التنمية البشرية للعام 2009 الصادر من الأمم المتحدة يؤكد بدوره أن 28 % من اللبنانيين فقراء، و8% معدمون، وجيوب الفقر تلف بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية مدن لبنان الكبرى، ومدخل بيروت الجنوبي بصورة خاصة، إلا أن الشمال والجبل موئلان للفقر أيضًا، ولو أن التقارير لا تركز على هذه الحقيقة.

يعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة في حديثه لـquot;إيلافquot; أن الإحصاءات في لبنان حول الفقراء غير جدِّية، وهناك تقديرات، لأننا لا نستطيع تحديد الفقير، ويجب أن يكون هناك إحصاء دقيق لأعدادهم في المناطق. أما ما هي أهم الخطط الإقتصادية للحد من ظاهرة الفقراء في لبنان، فيجيب حبيقة quot;يجب أن يكون النمو الاقتصادي قويًا، ويجب أن يتوزّع على مختلف المناطق اللبنانية، ويستفيد منه كل الشعب، وليس فقط الميسورون.

ويوضح أن النمو عادة يتركز في المدن الكبيرة، كبيروت مثلاً، بينما لا نجده في المناطق النائية، وهنا دور الدولة في إعادة توزيع النمو من خلال استحصال ضرائب من المناطق الميسورة إلى المناطق غير الميسورة، وردًا على سؤال ما هي أولويات الحكومة اليوم للحد من الفقر وهل ستقوم بمهامها، يشير حبيقة إلى أن quot;البنك الدولي يعرِّف الفقير من كان يحصل على دولارين في اليوم، ونحن لا نملك فقراء إلى هذه الدرجة، في لبنان الفقير من دخله أقل من مليون ليرة لبنانية في الشهر، وهناك العديد منهم، لافتاً إلى أن أولويات الحكومة في هذا الصدد تكون من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية ودورها كبير في إعطاء أموال للجمعيات التي توزّعها على الفقراء، والمشكلة اليوم- برأيه- تكمن في أن معظم هذه الجمعيات هي صُورية، ولا تؤدي دورها، وهي فقط تؤمن الأموال لجيوب السياسيين أو أصحابها، مطالبًا بالإبقاء على الجمعيات الجدِّية فقط.

إضافة إلى إعادة تأهيل المدارس في المناطق البعيدة مثل بعلبك وجزين وصور وكذلك المستشفيات، وإقامة مراكز للتغذية، وهذا دور الدولة الاساسي، وأمور انمائية ككل. ويحصر حبيقة أسباب الفقر في لبنان في quot;الغلاء في البلدquot;، موضحًا أن لبنان أغلى من أميركا وأوروبا، لأن هناك احتكارات في كل القطاعات، لذلك تبقى الأسعار غالية، ولدينا في لبنان ما يسمى حماية الدولة للوكلات الحصرية، بمعنى لا يستطيع أحد أن يستورد إلا عبر الوكيل، وهذا يجعل الأسعار عالية في لبنان، إضافة إلى أنه لا توجد قوانين منافسة فيه.

من جهة ثانية، يؤكد حبيقة أن الحروب اللبنانية أثرت كثيرًا من خلال ترك أرباب العمل لبنان والتوجه إلى الخارج، وأصبحت رقعة العرض أقل، وهذا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. كذلك ساهمت الحرب في إبعاد الكثير من الشركات إلى خارج لبنان في كل القطاعات، بدءًا بالمصارف والشركات المهمة الأجنبية من شركات صناعية.

ويرى أن الفقر quot;قد يدفع إلى الهجرة، ويتم الحد من ذلك بتحسين وضع الفقراء، من خلال إنشاء مدارس ومستشفيات، والبقاء في المناطق، وعدم توجه الجميع إلى بيروت، حيث هناك 40% من الشعب اللبناني.

حبيقة يشير إلى أن البطالة تسبب الفقر، ويبقى الفقير عاطلاً عن العمل، واليوم مع تغير التكنولوجيا وتطور العلوم يجب القيام بمتابعات كي يحصل على مهنة، والبطالة تحتاج استثمارات وشركات توظّف الناس، واليوم من أصعب الأمور الحصول على عمل، مطالبًا القيام بإصلاح إداري وإزالة الفساد في الإدارات.

ويأسف حبيقة لكو لبنان لا يتبع سياسة خاصة لمكافحة الفقر، مؤكدًا أنه لا يوجد أي اهتمام جدّي أو رسمي أو حكومي بقضية الفقر، لأن هؤلاء الناس لا يؤثّرون، وفي لبنان الفقراء لا يتحركون، ولا يملكون جمعيات للمطالبة بحقوقهم، ويرى أن الأمر مختلف في بريطانيا وأميركا، حيث الفقراء يحرِّكون الشارع والرأي العام. أما في لبنان فيسكتون.

وشدّد على ضرورة إتباع سياسة لبنانية لمكافحة الفقر، من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية مع وزارة المالية والوزارات التي تتعاطى بشؤون التعليم والصحة، كذلك التنسيق لتعزيز وضع المدارس والمستشفيات والطبابة والغذاء.