تواجه صناعة زيوت الطعام معوقات عدة، لخّصها بعض المتخصصين في عدم كفاية النباتات الزيتية المحلية، ثم عدم وجود تنافسية حقيقية، وعدم السيطرة على الأسعار العالمية للخامات الزيتية.

حسام المهدي من القاهرة: تعتبر صناعة زيوت الطعام من الصناعات العريقة في مصر، ولها جذور ممتدة في التاريخ، لكن سرعان ما بدأت تتراجع هذه الصناعة، وأصبحت الاستثمارات في مجالها تواجه صعوبات وعراقيل، أهمها استيراد معظم النباتات الزيتية التي يستخلص منها الزيوت، وهذا ما جعل التحكّم في أسعار بيع الزيت للمستهلك أمراً صعباً.

وبحسب دراسات عدة، تزرع في مصر نوعيات مختلفة من البذور الزيتية، التي تستخدم في إنتاج زيوت الطعام، أهمها بذرة القطن، وفول الصويا، وعباد الشمس، والسمسم، والفول السوداني، كما تتم زراعة مساحات متزايدة من الزيتون، في حين لا تزرع مصر أنواع النخيل، الذي يستخدم في إنتاج زيت النخيل، وبصفة عامة لا تكفي الكميات المنتجة في مصر من مختلف أنواع البذور الزيتية إلا لمواجهة نحو 10% فقط من احتياجات صناعة زيوت الطعام، ويتم تغطية العجز (90%) باستيراد زيوت خام وزيوت نصف مكررة من الأسواق الخارجية.

يشار إلى أن أنواع زيوت الطعام التي تنتج في مصر هي زيت بذرة القطن وزيت فول الصويا وزيت عباد الشمس وزيت جنين الذرة وزيت السمسم وزيت النخيل، هذا مع حدوث تطورات سنوية في الهيكل النوعي للإنتاج استجابة لتطورات الطلب، نتيجة إقبال المستهلك المصري على أنواع معينة، مما يشجع على التوسع في إنتاجها.

ويحتل زيت عباد الشمس النسبة الكبرى في تكوين الزيوت المكررة، حيث وصل إلى حوالي 42% من إجمالي الزيوت التي يتم تكريرها في مصر، يليه زيت الصويا بنسبة 23.8%، ويمثل زيت بذرة القطن حوالي 5.9% من إجمالي الزيوت المكررة.

هذا ويمثل الإنتاج المحلي من زيت الطعام المكرر في مصر كلاً من الإنتاج المحلي من الزيت الناتج من عصر البذور المنتجة محلياً وتكريره، وأيضاً الزيت المستورد خاماً أو نصف مكرر، ويتم تكريره في المصانع المصرية. وقد أدى التوسع في إقامة خطوط لتكرير زيوت الطعام في مصر في المصانع القائمة وزيادة عدد المصانع خلال السنوات الماضية إلى حدوث ارتفاع في حجم الإنتاج المحلى من هذه الزيوت.

كما تعتبر صناعة تكرير زيوت الطعام من الصناعات القديمة في مصر، ويوجد عدد من مصانع القطاع العام ذات أحجام وطاقات مختلفة حسب العمليات الإنتاجية، إضافة إلى عدد كبير من مصانع القطاع الخاص، التي يصعب حصرها (بعضها غير مسجل)، وتعمل بطاقات إنتاجية محدودة، وهي غالباً تتولى عمليات التعبئة فقط، مع الحصول على الزيوت المكررة من مصانع القطاع العام.

وحول الاستثمار في مجال زيوت الطعام في مصر، يقول أيمن قرة رئيس شعبة صناعة الزيوت في اتحاد الصناعات، إن الاستثمارات في صناعة الزيوت ضخمة ومتنوعة ما بين استثمارات قطاع خاص واستثمارات صغيرة في الأقاليم والقرى، مثل معاصر السمسم، وشركات تابعة لقطاع الأعمال مثل شركة الزيوت المستخلصة ومصر للزيوت والإسكندرية للزيوت.

وإذا كانت الاستثمارات ضخمة ومتنوعة لكن رغم هذا فلا تخفيض حاصل في أسعار الزيوت لأن الخامات المستخدمة في صناعة الزيوت تمثل 90% من صناعتها، وأضاف quot;لأننا نستورد معظم النباتات الزيتية ماعدا بذرة القطن، وهي لا تمثل سوى 6% من إجمالي الزيوت، فالمورد هو الذي يحدد السعر، وتتوقف التكلفة على سعر شراء المنتج المحليquot;.

وينصح قرة بتوجيه الاستثمارات إلى زراعة المحاصيل الزيتية، حتى إذا لم نستطع الوصول إلى اكتفاء ذاتي من المحاصيل الزيتية، لأن مواردنا المائية محدودة، ومساحة الأرض المزروعة محدودة، لا تتجاوز 8 مليون فدان، ولابد أن يكون هناك توازن بين زراعة محاصيل البرسيم والأرز والقمح من جانب، والمحاصيل الزيتية من جانب آخر، ولكن هناك حلاً لهذه المشكلة وهو الخروج إلى مناطق أخرى، مثل السودان وبعض الدول المجاورة، ولو تم لنا ذلك ndash;حسب قرة- فسوف تصبح مصر من أكبر الدول استثماراً في مجال الزيوت، إن لم تكن أكبرها على الإطلاق.

وتعليقاً على دخول مستثمرين عرب وأوروبيين للاستثمار في مجال الزيوت في مصر، يرى قرة أنه quot;في ظل قيام الحكومة بتخفيض الجمارك على الزيوت المستوردة وخاماتها، فالآن يستطيع أي منتج من خارج مصر أن يورد إلى السوق المصري بكل سهولة ويسر، ومن هنا تضمن كثرة عدد الموردين، وبالتالي مع التنافس العالمي والمحلي، تضمن عدم وجود أي استغلال أو احتكار، وهذا بالتأكيد لا يمنع أن انخفاض السعر العالمي يؤدي إلى انخفاض الأسعار، وارتفاعه يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.