تبدي فعاليات جزائرية اهتماماً متزايداً بترقية الاستثمار النسوي في البلاد، تبعاً لانعكاسه الإيجابي على إدماج المرأة في سوق العمل، لا سيما النساء المقيمات في الوسط الريفي، وتبرز في هذا الإطار نماذج ناجحة، لكنّ الإقبال لا يزال محدوداً، وهو ما تبحثه quot;إيلافquot; في هذا التقرير.

كامل الشيرازي من الجزائر: تمثل نسبة النساء المستثمرات في الجزائر نحو 12.77 % من مجموع المستثمرين في البلاد، وهي نسبة لا تزال ضئيلة مقارنة بعددهن في الجزائر. وحول هذا المعطى، تشير حميدة ناش صاحبة مؤسسة محلية للنسيج، إلى أنّ الاستثمار النسوي في بلادها لا يزال quot;مُحتشماًquot;، رغم وجود 40 امرأة من رئيسات المؤسسات، والتحفيزات الكثيرة والفضاءات المُستحدثة التي تتيحها مختلف الأجهزة العمومية الداعمة للاستثمار، فضلاً عن الرعاية المتوافرة من لدن جمعية النساء الجزائريات لرئيسات المؤسسات.

وتُرجع المهندسة عائشة ريّاح، مديرة مكتب للدراسات، النسبة الضعيفة من النساء المساهمات في الاقتصاد المحلي، إلى كون معظم النساء في الوسط الريفي لا يمتلكنّ شهادات، مثلما لم ينخرطن في دورات تدريب لتعميق مؤهلاتهن المهنية التي تعتبر شرطاً أساسياً للاستفادة من مزايا دعم مشاريع الاستثمار.

من جانبه، يقول أكلي رابح، وهو مدير جهوي للصندوق الجزائري للتأمين على البطالة، إنّ الأخير انفتح بشكل كبير على منظومة الاستثمار النسوي، من خلال إسهامه في إنشاء عديد المؤسسات النسوية، لا سيما في الأرياف والمناطق المعزولة. ويضرب أكلي مثلاً بمدينة quot;تيزي وزوquot; (110 كلم شرق العاصمة)، التي ظلت إلى وقت قريب تستوعب 80 مؤسسة نسوية فقط، أي ما يمثل نسبة 8 % فحسب من مُجمل 1097 مشروعاً استثمارياً تم استحداثها منذ سنة 2005 في إطار جهاز الصندوق المذكور.

ويرى أكلي أنّ المؤهلات العلمية والقدرات التسييرية والمهارات اليدوية التي تمتلكها الكثير من مواطناته، تمكنهنّ من الاندراج بقوة في السوق المحلية للاستثمار، لا سيما مع تجربة المؤسسات المصغّرة والمتوسطة التي تشهد صعوداً لافتاً في الجزائر. ويلفت الخبير خالد بطوش إلى أنّ البذور الأساسية للاستثمار النسوي متوافرة، وتحتاج فقط تأطيراً وتوظيفاً جيّداً، لا سيما وأنّ الكفاءة موجودة، على غرار ما تعرفه ميادين الصناعات التقليدية، وكذا الغذائية، فضلاً عن النسيج، والخياطة، وحرف صنع الكسكسي والفخار وحياكة الزرابي والحلويات التقليدية وغيرها. لذا يدعو بطوش إلى توفير تكوين في تقنيات التسيير لفائدة الراغبات في إنجاز مشاريع وإنشاء كيانات اقتصادية قائمة بذاتها.

وتشجيعاً منها لقاطرة الاستثمار النسوي، أقرّت السلطات المحلية من خلال مجلس وزاري مشترك انعقد في يوليو/ تموز 2008، تعديلات على التشريع المسير للقطاع، إذ رفعت بموجبها سقف القرض الممنوح إلى 10 ملايين دينار مقابل 5 ملايين دينار في السابق، كما تمّ توسيع رقعة النساء المستفيدات لتطال اللواتي يتراوح سنهنّ ما بين 30 إلى 50 عاماً، بدلاً من سقف الـ35 سنة كحد أقصى التي كان معمولاً بها سابقاً.

وفي الجزائر، هناك نماذج بارزة لكوكبة من النساء المستثمرات، على منوال quot;فريدةquot; وquot;لمياءquot; وصليحة اللاتي أسسن شركتهنّ المتخصصة بحياكة الزرابي، ويوجد مقر هذه المجموعة الصغيرة - الكبيرة في منطقة آيت هشام في محيط منطقة القبائل الكبرى، حيث تشغّل عشرات الفتيات المحنّكات في حياكة وترصيع الزرابي المحلية، وهي مهنة مضنية، لكنّها أصيلة، ولها شعبيتها الواسعة هناك.

في هذا الشأن، تعلّق فريدة مديرة المؤسسة أن quot;المشروع لم يكن سهلاً في البدء، بسبب عراقيل بيروقراطية عدة، لكننا نجحنا في تذليل الصعاب، على نحو سمح بتوسيع نطاق المؤسسة وتضاعف رقم الأعمال، ونتطلع الآن إلى عدم الاكتفاء بتسويق منتوجنا في الأسواق المحلية، وغزو نظيراتها الخارجية بزرابي تتسم بنمطها الفريد وطابعها البربري الخالصquot;.

وشجّع نشوء هذه المؤسسة في تلك البلدة الأمازيغية النائية، فتيات أخريات على إنشاء فضاءات مماثلة، خصوصاً مع براعة النسوة الجزائريات في ميادين حرفية شتى، على منوال النسيج والطرز وصناعة الآواني الفخارية، ومختلف أنواع الخزف.

وأظهر تحقيق حديث أنّ إجمالي النساء غير النشيطات في الجزائر، واللواتي يتراوح سنهن ما بين 15 إلى 59 عاماً، يقدّر بـ6.5 ملايين إمرأة (المجتمع المحلي قوامه 36 مليون نسمة)، وبين الفئة المذكورة، هناك 51.1 % منهنّ يقطنّ في الوسط الحضري، و48.9 % في الوسط الريفي، وتمثل النساء المتزوجات 60.6% من هذا الوعاء، بينما 36.3 % منهن عازبات، و3.1 % مطلقات وأرامل، علماً أنّ 37.1% من هؤلاء النساء غير متعلمات، بينما 26 % لديهن مستوى إبتدائي، و14.3 % مستوى إكمالي أو أكثر.