قبل أسابيع من دخول الشهر الكريم، خرج نزار بركة، وزير الشؤون الاقتصادية والعامة في المغرب، ليؤكد أن رمضان سيشهد وفرة في المواد الغذائية الأساسية، مشيراً إلى أن الحكومة ستسهر على وضع آلية أكثر فعالية لمراقبة الأسعار. غير أن هذه التصريحات لم تنجح في طمأنة المواطنين، الذين اعتادوا كل سنة سقوطهم تحت رحمة المضاربين.
الدار البيضاء: مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، بدأت الأسر المغربية استعداداتها لاستقبال هذا الشهر الكريم، رغم أن بعضها ما زال غارقاً في عطلته الصيفية، في حين ارتأى البعض الآخر التزام المنزل، على اعتبار أن المناسبات متزامنة، وأن الدخول المدرسي على الأبواب، وبالتالي فإنه مطالب بتوفير مبالغ مالية مهمة لمواجهة هذه التحديات.
وما يزيد من مخاوف الأسر هو أن شهر رمضان يشهد ارتفاعات صاروخية في الأسعار، رغم أن العرض أكثر من الطلب، وبالتالي فإن المستهلك يجد نفسه مضطراً إلى اقتناء تلك المواد بلائحة الأثمان الجديدة، أو البحث عن أخرى أقل جودة. ولم تنفع التطمينات الرسمية في إطفاء نار القلق التي تنتاب المواطنين حالياً، خاصة أنهم عاشوا تجارب مماثلة في السنوات الماضية.
وكان وزير الشؤون الاقتصادية والعامة، نزار بركة، قال، في تصريح للصحافة عقب اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة المكلفة بتتبع تموين الأسواق وأسعار المواد الأساسية، التي ترأسها الوزير الأول عباس الفاسي، إن التعديل الذي عرفه قانون المنافسة والأسعار يعتبر الغش في الجودة والوزن بمثابة رفع غير مشروع للأسعار، يقع تحت طائلة العقاب، موضحاً أنه quot;جرى ربط الزيادة في العقوبات برقم معاملات التجار، لكي لا يكون هناك ضغط كبير على التاجر في هذا المجالquot;.
وأبرز الوزير أنه جرى القيام بحملة تحسيسية لفائدة التجار وحملة أخرى خاصة بالمراقبين، من أجل شرح المعطيات الجديدة المتعلقة بالمنافسة والأسعار، والعمل على تطبيقها على أرض الواقع، quot;حتى تشهد الأسواق تمويناً كافياً، وفي مستوى أسعار مقبول خلال شهر رمضانquot;.
من جهته، أكد أحمد رضا الشامي، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، في تصريح مماثل، أن اللجنة الوزارية المشتركة تشتغل منذ أشهر من أجل تأمين تموين ملائم خلال شهر رمضان، مؤكداً أن كل المواد الغذائية الأساسية، على الخصوص، اللحم، والسكر، والحليب، والتمور، والقطاني، ستكون متوافرة خلال شهر رمضان. وأضاف أنه ستجري مراقبة للأسعار quot;حتى يتسنى للمواطنين اقتناء المواد الأساسية بأثمان مناسبة دون أي وساطات أو مضارباتquot;.
تصريح الوزير لم يأت بالشيء الجديد، بالنسبة إلى جمعيات حماية المستهلك، التي ترى أن سيناريوهات السنوات السابقة ستتكرر مجدداً. فأوضح محمد لمنصور، رئيس رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين، أنه quot;تماشياً مع تصريحات السلطات، فإنه يتبين أن كل شيء متوافر، لكن عندما تصل المسألة إلى الأسعار، فتتجلى أمام حقيقة أن كل هذا مجرد كلامquot;، لافتاً إلى أنه quot;لو كان العرض أكثر من الطلب لحققنا المنافسة المطلوبةquot;.
وأشار محمد لمنصور، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، إلى أن quot;المواد الأكثر استهلاكاً ترتفع أثمانها في شهر رمضانquot;، مؤكداً أن quot;الجودة موجودة، لكنها مكلفة، ويغلب عليها طابع رفع الأسعارquot;. وحذّر رئيس رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين quot;من الجودة المزيفةquot;، مبرزاً أن quot;هناك جهات تعمد إلى رفع أسعار بعض المواد، حتى توهم الناس بأنها ذات جودة عالية، في حين أنها رديئةquot;.
وذكر محمد لمنصور أن quot;هناك مواد تروّج في شهر رمضان غير صالحة للاستهلاك بتاتاً، إذ إنها إما تكون مدة صلاحيتها منتهية، أو ذات جودة ضعيفةquot;، لافتاً إلى أن quot;مجموعة من المواد في هذا الشهر المبارك لا تخضع للمراقبة، والمواطن حالياً يبحث عمّا يسد به رمقهquot;.
وأشار إلى أن شهر الصيام تزامن هذه السنة مع فصل الصيف، الذي يعرف بموسم الغلة والإنتاج، كما إن الأسعار تكون فيه مرتفعةquot;. وشدد رئيس رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين على ضرورة عدم الانخداع بالأسعار، والبحث عن الجودة، وأن يكون مقتصداً في شرائه، ويكبح شهواته، وزاد قائلاً quot;لا يجب على المستهلك أن تغريه مظاهر الازدحام، بمعنى أن كل محل عليه إقبال كبير، فإنه يمتاز بالجودةquot;.
كما أكد محمد لمنصور ضرورة التركيز على مسألة إشهار الأسعار لأنها قانونية، وأن يلجأ كل متضرر إلى الجهات المعنية لتقديم شكاوى. ونبه رئيس رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين على مسألة استهلاك اللحوم في رمضان، إذ أكد أن الكثير من المغاربة يستهلكونها في هذا الشهر، علماً أن ظاهرة الذبح السري منتشرة، في حين أن بضعها يباع في الطرقات والأسواق، دون أن يخضع لأي مراقبة.
أما بالنسبة إلى الأسماك، يضيف محمد لمنصور، فإنها quot;نادرة، رغم توافر المملكة على 3500 كلم من الشواطئ، وما يروج في الأسواق المحلية غير صالح للاستهلاك أو مجمدquot;.
من جانبه، ذكر حسن (ف)، تاجر في سوق المعاريف في الدار البيضاء، أن quot;المضاربين هم من يتحكمون في لائحة الأسعار، إذ إن الأرباح التي نحققها تبقى هزيلة جداً بالمقارنة مع الأرباح الخيالية التي يحققها هؤلاءquot;. وأبرز حسن، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;المواطنين يلوموننا يومياً عندما يصطدمون بتغير لائحة الأسعار كل يوم، لكن الأمر ليس بيدنا، فنحن أيضاً نتعرض للاستغلال من طرف المضاربين الكبار، الذي يقفون كل سنة وراء موجة الارتفاعات الخيالية للأسعارquot;.
يأتي هذا في وقت انخفض الرقم الاستدلالي للأسعار عند الاستهلاك بـ 1.0%، بسبب تراجع أسعار الخضر بـ 15.4 %، وارتفاع طفيف لمؤشر التضخم الأساسي بـ 0.1 % خلال شهر حزيران (يونيو) الماضي مقارنة مع أيار (مايو)، وهو التراجع نفسه المسجل بالنسبة إلى المواد المصنعة، التي شهدت تقلصاً، حسب ما خلصت إليها نتائج البحث الشهري للظرفية، الذي أنجزه بنك المغرب في 400 مقاولة صناعية.
التعليقات