أكدت معظم حكومات اميركا اللاتينية أنها لن تواجه أي مشكلة في كميات الحبوب لديها وعلى رأسها القمح ، لان المحاصيل هذا العام إمّا تخطّت النسبة المعروفة التي تحققت العام الماضي او حافظت عليها. إذ من المعروف ان أغلب بلدان هذه المنطقة زراعية لانها تخصص مساحات كبيرة لزراعة الحبوب على مختلف أنواعها، فيصنع جزء لا بأس منها علفا للمواشي لكثرة تربيتها، والجزء المتبقي يكون بين الاستهلاك المحلي او التصدير بناء على اتفاقيات مع دول مجاورة.

سان خوسيه: حسب تقارير منظمة بلدان اميركا،ثلث المحاصيل الزراعية في بلدان اميركا اللاتينية هي من القمح والشعير والصويا، يتحول حوالى 20 في المئة منها في الارجنتين على سبيل المثال الى علف والباقي يتحول الى مواد غذائية مختلفة لان شعوبا كثيرة في القارة الاميركية الجنوبية ما زالت تعتمد في غذائها على الحبوب وبالأخص القمح. وهذا ينطبق ايضا على البرازيل التي تشكل المساحات المزروعة فيها حوالى سدس مساحتها من اجل زراعة الحبوب كي تحول الى علف للحيوانات وكميات من الصويا كي تتحول الى ديزل. لكن منظمات حماية الطبيعة والغابات بدأت منذ سنوات تحذر من قطع الاشجار في الغابات البرازيلية وفي الامازون لأن ذلك ادى الى انخفاض المساحات الزراعية، ما قد يؤثر سلبافي المساحات التي تزرع بالقمح بالدرجة الاولى.

وفي هذا الصدد اكدت الحكومة هناك انها بدأت مشروعا وطنيا من اجل حماية المساحات المزروعة وبالتحديد التي تستخدم لزراعة الحبوب على أنواعها بتخفيض عدد رخص قطع التجار للاشجار حتى ال70 في المائة. في الوقت نفسه، اكدت أن البرازيل بعيدة كل البعد عن أزمة خبز او قمح هذا العام، لان معدلات المطر التي تساقطت سوف تساعد الفلاحين على زيادة الحصاد، ما يجعلها كما غيرها من البلدان الجارة تنافس روسيا، اكبر مصدر للحبوب والقمح بعد إعلان موسكو عن حظر تصدير القمح الى الخارج نتيجة الحرائق التي دمرت قسما كبيرا من الاراضي المزروعة، ما جعل سعر القمح والحطنة في بورصة شيكاغو ينتعش بنسبة 8.3 في المائة.

واشار المحلل الاقتصادي التشيلي المعروف كاسترو اميريتي الى أن إعلان روسيا حظر تصدير القمح بسبب كارثة الحرائق سوف تستفيد منه بلدان في اميركا اللاتينية، فهذا يفتح أفقا جديدة للتصدير امام الشركات التي لديها مساحات زراعية شاسعة، مثلا في المكسيك والارجنتين والبرازيل التي تعتبر اكبر الدول المنتجة على الصعيد العالمي بعد الولايات المتحدة وروسيا وكندا واستراليا. اذ يصل مجموع المساحة التي تزرع بالقمح في هذه البلدان الى 13 مليون هكتار. حتى ان هناك من يقول ان الارجنتين قد تصدر الى روسيا كميات من الحبوب والقمح اذا ما تعرضت الى نقص، وذلك بعد تحسن العلاقات بين البلدين عقب الاجتماع المهم بين الرئيسة الارجنتينية كرستيانا فرناندس دي كيرشن والرئيس الروسي ديمتري مدفيدياف في موسكو قبل فترة وجيزة.

ولقد كانت محاصيل الحبوب وحبوب الصويا في بلدان اميركا اللاتينية ، وفي مقدمتها البرازيل والمكسيك الاكثر زرعا لها، الافضل منذ سنوات، وزادت عن العام الماضي حوالى 72 مليون طن( عام 2009 كانت 435 مليون طن) ما يعني نموا وصل الى 20 في المئة، والسبب في ذلك الامطار الغزيرة في مناطق برازيلية مثل بارانا وماتو كروس.الا ان غواتيمالا والاوروغواي وبالاخص كوبا سوف تتأثر بالحظر الروسي على تصدير الحبوب ومنها القمح الذي وصل منه الى كوبا في الشهر الماضي 75 الف طن، وذلك بناء على اتفاقية تقضي بتسليمها مائة الف طن من القمح الروسي. وسبق ان اتفقت روسيا مع كوبا لتسليمها مجانا اكثر من مائة الف طن من القمح، وذلك كإشارة تضامن مع الشعب الكوبي. وكانت قد قدمت لها عام 2008 مائة الف طن من الحبوب على انواعها بعد تردي اوضاع الفلاحين نتيجة الاعاصير التي دمرت المحاصيل في الكثير من المناطق الكوبية. لذا يطرح السؤال الان الى أي مدى ستلتزم موسكو باتفاقيات بيع القمح مع هذا البلد.