سألت quot;إيلافquot; خبراء ومسؤولين جزائريّين عن وضع سوق القمح في بلادهم تزامنًا مع ارتفاع الأسعار واضطراب حركة التّصدير دوليًّا، فبدا واضحا الانقسام بين الفريقين، إذ بينما يشدّد مسؤولون على أنّ الجزائر محصّنة ضدّ أيّ تقلبات محتملة بحكم إنتاجها 12.2 مليون طنّ من الحبوب خلال سنتين، يشكّك خبراء آخرون في ذلك.
الجزائر: يستبعد نور الدين كحّال، المدير العام للديوان الجزائري للحبوب، أيّ تأثير لطوارئ سوق القمح العالميّة على بلاده، ويستند محدّثنا إلى تمكّن الجزائر من تحقيق اكتفائها الذاتي ليس من القمح بنوعيه فحسب، بل أيضًا من الشعير، وهو ما يغطّي حاجيّات السوق المحليّة لأعوام مقبلة.
على طرف نقيض، يقول الخبير فريد مدّاس إنّ الجزائر ليست محصنة بتاتًا ضدّ القلاقل التي تعرفها سوق القمح الدوليّة حاليًّا، ويعزو مدّاس اتجاهه إلى استيراد الجزائر لنحو 60 في المئة من احتياجاتها من مادة القمح بنوعيه، ومع ارتفاع سعر الأخير عالميًّا، فإنّ الجزائر ستكون مدعوّة لدفع ثمن باهظ للحصول على الكمية المطلوبة.
ويستغرب الخبير في الشأن الزراعي في الجزائر، كيف للحكومة أن تزعم عدم استيرادها القمح مع أنّها تمارس ذلك فعليًّا، ويستدل محدثنا بما يسميها quot;فضيحةquot; استيراد الحبوب قبل فترة في صفقة اشترك فيها كل من ديوان الحبوب المملوك للحكومة والمجمع الخاص (سيم)، حيثتمّ بحسبه استيراد كمية هائلة بكلفة عالية، قبل أن تتمّ معاودة تصديرها بأقلّ كلفة في حادثة تختصر الفوضى السائدة في قطاعتمّ التخلّي فيه نهائيًّا عن نظام اقتصاد السوق، والعودة إلى النمط الذي ظلّ متّبعًا خلال سبعينيّات القرن الماضي.
ويتفق الأستاذ حسين شبكي رأي مدّاس، مفيدًا أنّ قطاع الزراعة في الجزائر يفتقد إلى سياسة اقتصادية بمعنى الكلمة، ويحيل شبكي على ما تشهده الجزائر في شهر رمضان الحالي، إذ يفضّل ترك الواقع يتكلّم، فالجزائر اضطرت إلى استيراد اللحوم من الهند، فيما لا تزال سوق الخضروات رهينة التهاب غير مسبوق، والملحوظة نفسها تنسحب على قطاع الحليب الذي يترنح بدوره، فكيف تفسّر السلطات كل هذه المطبات؟ ويلحّ كلّ من شريف ذويبي وعبد الحق العميري وهيثم رباني على ضرورة وضع إستراتيجية محلية متكاملة من شأنها إنعاش منظومة الحبوب الجزائرية واستعادة مكانتها بشكل دائم وحاسم، ويتقاطع هؤلاء في حتمية توخي إستراتيجية موضوعية تبنى على الإمكانات المتاحة والظروف المحيطة والاحتمالات المستقبلية.
التعليقات