يدرس المسؤولون في المغرب إمكان خفض الرسوم الجمركيّة على استيراد القمحين الليّن والصلد، بعد استمرار ارتفاع الأسعار في الأسواق الدوليّة، علمًا أنّ الحكومة كانت رفعت التعرفات الجمركيّة على واردات القمح الليّن إلى 135 %.

الدار البيضاء: ألقى تفاقم أزمة نقص الحبوب في الأسواق الدولية بظلاله على المغرب، الذي يحتاج إلى استيراد ما لا يقلّ عن 2.3 مليون طن من القمح اللين، و600 ألف طن من القمح الصلد، خلال السنة الجارية، للتعويض عن النقص في محصول الحبوب المحلي.

أمام هذا الوضع، تجدّدت دعوات المهنيين إلى ضرورة خفض الرسوم الجمركية إلى صفر، لتصبح تكلفة واردات القمح في متناول مستوردي الحبوب، علمًا أنّ الحكومة كانت رفعت التعرفات الجمركية على واردات القمح اللين إلى 135 % من 90 % لحماية المزارعين المحليين من المنافسة الأجنبية.

وقال الحسين أزاز، رئيس النقابة الوطنيّة الموحدة لأرباب المخابز والحلويات في المغرب، إنّ quot;الوضع خطر حاليًّا، لأن المؤشرات في آسيا وأوروبا تظهر أن الأمور تسير نحو التفاقمquot;، مشيرًا إلى أنّ quot;المستورد إذا أدّى 35 % إلى الجمارك، فإنّ الثمن سيكون مرتفعًا بأكثر من الثلثquot;.

وذكر الحسين أزاز، في تصريح لـquot;إيلافquot;، أنّ quot;ما نعيشه حاليًّا يذكّرنا بأزمة 2007 و2008quot;، مبرزًا أنّ quot;المؤشر في رمضان سيكون صعبًاquot;. وأضاف رئيس النقابة الوطنية الموحدة لأرباب المخابز والحلويات في المغرب quot;نحن حاليًّا ندخل في سلم اجتماعي احترامًا لشهر رمضان، لكن بعد خروج هذا الشهر المبارك سنخوض مجموعة من المحطات الحاسمة والمؤثرة في المستقبلquot;.

وأكد أن المخابز تخسر يوميًّا في رمضان حوالى الـ2000 درهم (230 دولارًا)، لافتاً إلى أن quot;المؤشرات لا تنبئ بالخير، والأسعار مرتفعة جدًّا، والخسائر كبيرةquot;. وأشار إلى أنّ المغرب، في اتفاقية التبادل الحرّ مع الولايات المتحدة الأميركية، يحاول استيراد ما يحتاجه فقط، مقابل الاعتماد على المنتوج الوطنيquot;، غير أن القمح اللين لا يعطي المنتوج الذي نحتاج، في حين أنّ القمح المستورد من أميركا أو كندا، يكون منتوجه جيّدًا.

وتدعم الحكومة القمح بنسبة كبيرة لإبقاء أسعار السميد والخبز منخفضة للحفاظ على الاستقرار السياسي والحيلولة دون تكرار أعمال الشغب التي اندلعت بسبب الخبز في الثمانينات، والتي خلفت مئات القتلى في المدن المغربية الرئيسة بما فيها الدار البيضاء.

وخصص المغرب 14 مليار درهم (1.62 مليار دولار)، أي ما يعادل 3 % من الناتج المحلي الإجمالي لدعم الأغذية والمواد الأساسية الأخرى هذا العام.

ورأى عبد السلام أديب، محلل اقتصادي مغربي، أنّ quot;الزيادات كبيرة جدًّا، وستكون لها انعكاسات مهمّة على المملكة، التي لديها فجوة كبيرة في هذا الجانبquot;. وأوضح أديب، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أنّ quot;50 % من حاجيات المغرب يستوردها من الخارجquot;، مشيرًا إلى أنّ quot;المملكة لا تستثمر بالشكل المطلوب في مجال القمح، إذ إنّ الاقتصاد المغربي يتّجه نحو المنتوجات الموجّهة نحو التصدير، على حساب المواد الغذائية التي تحقق الأمن الغذائي،حيث إنّ إنتاجها تراجع بشكل كبير، وهذا خطأ وقعت فيه حكومة الرباط منذ خمس سنواتquot;.

وذكر المحلل الاقتصادي أن إقبال المغرب على المنتوجات الموجهة نحو التصدير مردّه العائدات الكبيرة من العملة الصعبة، التي يدرّها هذا النشاط التجاري، موضحًا أنّ quot;الغلاف المالي المخصّص للاستيراد رفع، الأمر الّذي أدّى إلى ظهور عجز في الميزان التجاري، وتاليًا فإنّ الأزمة مرشحة للتفاقم أكثرquot;.

وتتوقع الحكومة أن يشمل محصول الحبوب هذا العام 3.8 ملايين طن من القمح اللين، و1.7 مليون طن من القمح الصلد، و2.5 مليون طن من الشعير.

وكان وزير الزراعة والصيد البحري، عزيز أخنوش، توقع أن يناهز محصول الحبوب الخريفية 80 مليون قنطار، من بينها 38 مليون قنطار من القمح الطري. وحرصًا، حسب وزير الفلاحة، على ضمان استفادة الفلاح المغربي من هذا المحصول المهمّ وتيسير تسويقه، حدّدت الحكومة الثمن في 280 درهمًا (33 دولارًا) للقنطار كثمن مرجعي للقمح الطري. وأكّد أنّ الحكومة ستواصل تقديم الدعم عن التخزين بدرهمين عن كل قنطار ولكل 15 يومًا حتّى 30 أيلول/ سبتمبر المقبل، تشجيعًا لعملية تجميع المنتوج الوطني.