بانيا لوكا: يهدد الاضطراب السياسي وعدم تشكيل حكومة في البوسنة النهوض الاقتصادي في بلد مقسوم بلغت فيه نسبة البطالة 43% من اليد العاملة النشطة. فبعد ثلاثة اشهر ونصف شهر على الانتخابات العامة التي اجريت في الثالث من تشرين الاول/اكتوبر، لا يزال تشكيل حكومة مركزية جديدة في البوسنة متعثرا بسبب الانقسامات.

كذلك لا يتمتع الكيانان اللذان يؤلفان البوسنة، اي الجمهورية الصربية (صرب) والاتحاد الكرواتي-المسلم، بسلطات تنفيذية. ويمكن ان يستمر هذا الوضع طوال اشهر ايضا، كما يقول بعض المحللين. وقال حاكم البنك المركزي البوسني كمال كوزاريتش اخيرا ان quot;الوقت ليس لمصلحتنا. ونأمل ان نشهد مناخا سياسيا افضل يسوده الاستقرار، حتى يحتل الاقتصاد الدرجة الاولىquot; من اهتمامات رجال السياسة. وتدارك quot;لكننا ويا للاسف لا نرى هذه التطورات في البوسنةquot;.

واوضح كوزاريتش ان نهوضا اقتصاديا لن يكون ممكنا في 2011 الا اذا تم الاسراع في تشكيل الهيئات الحاكمة.

واضاف ان quot;اخر شباط/فبراير هو بالنسبة الينا المهلة الاخيرة (لتشكيل الهيئات التنفيذية). لم نكن نعتقد ان الامر سيكون صعبا الى هذه الدرجة وبطيئاquot;. وتخرج البوسنة بصعوبة من الازمة الاقتصادية العالمية التي ادت الى تراجع اقتصادها بنسبة 2,9% في 2009، وقد راهنت على نمو اقتصادي محدود بنسبة 0,5% في 2010.

الا ان صندوق النقد الدولي يأمل بارتفاع اجمالي الناتج الداخلي في البوسنة بنسبة 2,2% في 2011. لكن نسبة البطالة ما زالت مرتفعة جدا وتناهز 43% من اليد العاملة النشطة. ويقول محللون ان عدم الاستقرار السياسي لا يشجع ايضا مستثمرين اجانب محتملين على الاستثمار في البوسنة.

وبعد تراجع الاستثمارات الاجنبية بنسبة 36% في 2009 لتبلغ 452 مليون يورو، شهدت هذه الاستثمارات تراجعا جديدا في 2010 ناهز 50% مقارنة بالسنة السابقة، كما افاد الخبير في غرفة التجارة الخارجية دولكو هازيتش. ونقلت صحيفة دنفني افاز اليومية عن هازيتش قوله ان quot;الاجواء السياسية والاقتصادية لا تعطي المستثمرين الاجانب ما يكفي من الضمانات القانونيةquot;.

وقرع رئيس البنك الدولي في البوسنة ماركو مانتوفانيلي جرس الانذار في الصحيفة نفسها. وقال ان quot;مشاريعنا جارية، لكنها ستتباطأ. واذا لم يتشكل قريبا حكم فاعل فسنصل بالتأكيد الى مرحلة يتوقف فيها كل شيءquot;. وبعد الانتخابات الاخيرة، تواصل عدم تطبيق الاصلاحات المطلوبة من الاتحاد الاوروبي والذي كان بدأ قبل اربعة اعوام بسبب الخلافات الدائمة بين المجموعات.

وقد تسببت تلك الخلافات على سبيل المثال بتجميد اكثر من 660 مليون يورو من القروض التي كانت رصدتها المؤسسات المالية الاوروبية والبنك الدولي لهذا البلد، وخصوصا لشق طرق سريعة، كما ذكرت وسائل الاعلام المحلية.

وقال المحلل في غرفة التجارة الخارجية ايغور غافران لفرانس برس ان quot;تداعيات عدم تشكيل حكومة جديدة بالغة السلبية وهذا يمنع عجلة الاقتصاد من الدورانquot;. واعتبر ان quot;الحكومة الجديدة ستحتاج الى بضعة اشهر بعد تشكيلها للامساك بالوضع. وحتى في ظروف مثالية، فان السيطرة على الامور في شكل مباشر لن تكون ممكنة طوال العامquot;.