لوبمين (ألمانيا): بدأ تشغيل أنبوب الغاز نورد ستريم، الطريق البحرية الجديدة، لنقل الغاز بين روسيا وأوروبا مرورًا ببحر البلطيق، الثلاثاء، ما يفتح فصلاً جديدًا في العلاقات المتقلبة في قطاع الطاقة.

وفتحت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل والرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ورئيسا الوزراء الفرنسي والهولندي فرنسوا فيون ومارك روتي والمفوض الأوروبي للطاقة غونتر اوتينغر رمزيًا توربينات أول ممر في الأنبوب المعدني الذي يبلغ طوله 1200 كلم، ويصل الى لوبمين شمال شرق المانيا. وقال مدفيديف انها quot;صفحة جديدة في الشراكة في قطاع الطاقةquot; بين روسيا والمانيا.

من جهته، قال فيون ان quot;نورد ستريم هو الدليل على أن قارتنا ما زالت تعرف كيف تلتفت الى المستقبلquot; في أجواء quot;درج فيهاquot; فقدان الثقة في اوروبا التي تهزها ازمة الدين. وانبوب الغاز هذا الذي سيزوّد قبل نهاية 2012 بممر ثان، سيوزّع الغاز على 26 مليون منزل في اوروبا.

والمشروع الذي بلغت كلفته 7.4 مليارات يورو نفذته الشركة الروسية العملاقة غازبروم مع الالمانيتين quot;باسفquot; وquot;ايونquot; والهولندية quot;غاسونيquot; والفرنسي quot;جي دي اف سويزquot;. ويفترض أن يسمح الأنبوب الجديد بتجنب الخلافات المتكررة في السنوات الأخيرة بين روسيا واوكرانيا، التي يمر عبرها الجزء الاكبر من الغاز الروسي المصدر الى اوروبا.

وفي أوج شتاء 2009، منعت كييف نقل شحنات غاز الى الأوروبيين في خطوة انتقامية ضد غازبروم. وكانت أوكرانيا عرقلت مرات عدة شحن الغاز الذي يمر عبر أراضيها إلى أوروبا بسبب خلافات مع روسيا على الأسعار.

وسيصل الغاز الروسي في وقت مناسب إلى ألمانيا، الدولة الأكبر مشاركة في المشروع، والتي تعتمد على انتاج الكهرباء من الغاز ليحل محل مفاعلاتها النووية، التي يفترض أن تتوقف عن العمل بحلول 2022. ويقع مصب نورد ستيرم في لوبمين مقابل أكبر محطة نووية في المانيا الديمقراطية السابقة أغلقت بعد توحيد البلاد، وما زال يجري تفكيكها.

وأثار تشغيل البنى التحتية للمشروع من جديد الجدل حول اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، الذي يؤمّن ربع استهلاكها، ويشكل مصدرًا للكثير من الخلافات. وتخوض المجموعة الألمانية أيون مواجهة قضائية مع مجموعة غازبروم الروسية العملاقة للغاز بسبب ارتفاع رسومها. وايون ليست الشركة الوحيدة التي تأخذ على غازبروم إبقاء أسعار الغاز مرتبطة بلا مبرر بأسعار النفط.

واعترف جيرار ميستراليه رئيس شركة quot;غاز دو فرانس سويسزquot; أيضًا بأن هذا quot;يقلّص القدرة التنافسيةquot; للغاز الروسية، موضحًا ان quot;مفاوضات بناءةquot; تجري في هذا الشأن. وتشتبه المفوضية الأوروبية أيضًا بأن غازبروم انتهكت قواعد المنافسة، وقامت بتفتيش فروعها في أوروبا في نهاية ايلول/سبتمبر. وتواجه المفوضية موسكو أيضًا بشأن شبكات نقل الطاقة التي يريد الاتحاد الأوروبي أن تكون أكثر استقلالية عن الشركات المنتجة.

وتحدث المفوض الأوروبي للطاقة الثلاثاء عن quot;خلافات ربما تكون ثقافية الطابعquot; مع موسكو، وطالبها quot;بالشفافيةquot;. كما دعا غازبروم إلى عدم إهمال quot;الشحن عبر أوكرانيا وبيلاروس، الذي يبقى ضرورةquot;.

أما ميركل فقالت في الحفل quot;سنجري بالتأكيد المفاوضات الضروريةquot;، داعية روسيا والمفوض الأوروبي للطاقة إلى quot;مزيد من التفاهم بينهماquot;.وأخيرًا، قال مدفيديف إنه quot;لا بديل اقتصاديًاquot; للشراكة بين أوروبا وروسيا، مؤكدًا أن موسكو quot;نفذت دائمًا التزاماتها كما يجبquot;.

وكان نائب رئيس ادارة الاتصال في المشروع ينس مولر صرح لوكالة فرانس برس بأن quot;روسيا تؤمّن 25 % من الغاز الأوروبي، وهذه النسبة لن تتغير بشكل كبير بتشغيل الأنبوب، لأن الاستهلاك يتزايد. قد نحاول الوصول إلى نسبة ثلاثين بالمئةquot;. وهو يفضل الحديث عن quot;اعتماد الجانبين على بعضهما بسبب الأهمية الكبرى التي تشكلها مبيعات الغاز للمالية العامة الروسيةquot;.

وخلافًا لأنابيب الغاز الأخرى، التي تمر عبر دول البلطيق وبولندا، يمر الأنبوب الجديد تحت البحر حصرًا. وهذا ما أثار استياء الدول التي جرى الالتفاف عليها إلى حد أن وزيرًا بولنديًا قارنه في 2006 بمعاهدة عدم الاعتداء بين الاتحاد السوفياتي وألمانيا النازية.

ويلقى مشروع أنبوب الغاز اهتمامًا كبيرًا في ألمانيا حتى قبل التحول عن الطاقة النووية. ويرأس المستشار السابق غيرهارد شرودر (1998-2005) مجلس إدارة الهيئة المشرفة على الأنبوب.