محمد بن رجب من تونس: مع نهاية الأحد عشر شهرًا الأولى من السنة الجارية 2011 أظهرت إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء في تونس ارتفاعًا في الصادرات بنسبة 7.3% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية 2010، حيث بلغت قيمة صادرات تونس 22767.8 مليون دينار (16262 مليون دولار)، كما تطورت الواردات بنسبة 5.8% في نهاية شهر نوفمبر الماضي مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية 2010، وبلغت قيمة الواردات 59630.1 مليون دينار (42592 مليون دولار)، وبالتالي فإن نسبة تغطية الواردات بالصادرات بلغت 74.4%، وهو ما يمثل تحسنًا واضحًا بنقطة واحدة تقريبًا، حيث كانت هذه النسبة في حدود 73.4% في الفترة نفسها من السنة الماضية 2010.
وقد تم تسجيل ارتفاع صادرات الزراعة والصناعات الغذائية، إلى جانب منتوجات الصناعات الغذائية بنسبة 39.8%، كما شهدت مواد قطاع الصناعات الكهربائية تطورًا واضحًا بنسبة 22.9%، وكذلك تطور قطاع النسيج والملابس والجلد بنسبة 6.4%، بينما تم تسجيل تراجع واضح في صادرات الفسفاط ومشتقاته بنسبة 36%.
في جانب آخر، فقد سجلت الواردات بدورها تطورًا واضحًا، حيث سجلت المواد الزراعية والغذائية الأساسية ارتفاعًا بنسبة 28.7%، وكذلك بالنسبة إلى واردات الطاقة التي سجلت ارتفاعًا بلغ 24.6%، بينما سجلت مواد التجهيز والمنتوجات المعدنية والمواد الفسفاطية تقلصًا واضحًا بلغ على التوالي نسبة 8.3% ونسبة 5.44%.
الخبير الإقتصادي د. رضا شكندالي يحلل الوضع، فيقول: quot;رغم أن السياسة المالية قد استوفت أسلحتها، فإن المستثمر التونسي يواصل استثماره وإنتاجه، والدليل على ذلك، ارتفاع الصادرات بنسبة 7.3%، كما إن مجمل نسبة النمو لعام 2011، حسب أرقام وزارة التخطيط والمالية، يبلغ 0.2 %، لكن على مستوى مختلف القطاعات، فإن قطاع الزراعة يسجل نموًا بنسبته 9.5%، والصناعات المعملية بنسبة 2.6%.
أما الصناعات غير المعملية، التي نجد فيها بعض المشاكل، فإن نسبة النمو فيها سالبة، وفي حدود 1.6%، وذلك بسبب مشاكل الحوض المنجمي، وفي قطاع الخدمات النسبة إيجابية، وتبلغ 1.6%، والمشكل الوحيد يكمن في قطاعي السياحة والنقل، وهو ما يعني أننا نعاني ثلاث مشاكل قطاعية فقط في قطاعات النقل والسياحة والمناجم، وبالتالي يجب أن نتعاون جميعًا من أجل إيجاد حلول لهذه المشاكل الثلاثquot;.
أما عن نمو الصادرات فيوضح د. رضا شكندالي لصحيفة quot;إيلافquot; أنّ الوضع غير كارثي، مثلما أوضح البنك المركزي في بلاغه الأخير: quot;إنّ نمو الصادرات هو دليل على وجود إنتاج، وبالتالي فإن البلاغ الأخير للبنك المركزي التونسي بعيد عن الواقع، والأمور ليست كارثية، كما إن الصحافة تضع عناوين لتضخيم ما جاء في البلاغquot;.
وأضاف quot;لقد قال البنك المركزي إن هامش التصرف على مستوى السياسة المركزية هامش ضعيف، وليس هناك بالتالي هامش للتصرف، بمعنى أنه تم تحطيم الأسلحة الممكنة، وجاء في بيان البنك كذلك أن نسبة النمو في تونس لسنة 2011 ستكون في حدود الصفر أو ما دون ذلك، وبالتالي هناك إشارات حمراء في وجه الإقتصاد التونسي، بمعنى أنه قد استعمل كل أسلحته، حيث خفض في نسبة الفائدة مرتين، وهو خطأ كبير، لأن هذا التخفيض تجاوز نسبة التضخم المالي، فتصبح بالتالي نسبة الفائدة الحقيقية، أي نسبة الفائدة للبنك المركزي، دون نسبة التضخم المالي، تصبح سلبية، وهو ما يجعل البنك عندما يمنح قرضًا لا يسترجع قيمة قرضه، بل أقل من ذلكquot;.
ورأى أن quot;لهذا تأثيران، الأول هو أنه يضعف القطاع البنكي، لأن القروض البنكية تصبح لا مردودية لها، ومن جهة ثانية فإن المستثمر الذي يبتعد عن الإستثمار خوفًا من الفوضى والحرق وعدم الإستقرار، يتحول إلى شراء أرض، لأنها بعيدة عن الحرق مثلاً، وعندما تكون له إمكانية للتمتع بقرض بنسبة فائدة ضعيفة، فهو بالتالي لا يستعمل أمواله، بل يتحول إلى الحصول على قرض من البنك، وهذا يشجع على الإحتكارquot;.
وأكد د. شكندالي أن المشكل يتمثل في الإستعمال الخاطئ وغير الموفق للبنك المركزي للسياسة المالية، إذ يقول: quot;من جهة ثانية بالنسبة إلى المؤسسة، لا تتمثل المشلكة في نسبة الفائدة، بل في الأمن والإستقرار المفقودين، لأن عليها أن تنتج لتبيع، والمستهلكون يتزودون بمنتجاتها، وبالتالي ما كان على البنك المركزي تخفيض نسبة الفائدة مرتين، ليقول الآن إن الإقتصاد في وضع صعب، ومستوى هامش التصرف ضعيف، والمطلوب هو توفير الأمن والإستقرار للمؤسسة، حتى تنتج وتسوّق منتوجها.
والآن ليس على البنك المركزي أن يستعمل السياسة المالية، ويستنفذ ما له من أسلحة، فالسياسة المالية تستعمل في الواقع عندما تتحسن الأوضاع، وتعود الإنتعاشة على مستوى الإقتصاد، حينها يمكن أن يستعمل البنك المركزي السياسة المالية لتحفيز الإستثمار، وذلك بتخفيض نسبة الفائدة من أجل تشجيع المستثمر على الحصول على القروض، والاستثمار بعد ذلك .إذن فالمشكلة ليس السياسة المالية، بقدر ما هي السياسة الجبائية، أي تدخّل الدولة، وليس البنك المركزي، وذلك بتوفير البنية الأساسية، وسنّ قوانين تحمي الملكية، وتوفير الأمن، التي تساعد كلها فعلاً على الإستثمار وتشجّع عليه في مختلف جهات الجمهوريةquot;.
التعليقات