بعد الإزدياد الملحوظ على دخول البضائع المستخدمة من إسرائيل إلى قطاع غزة، عاد كثير من الناس وعلى رأسهم الكادحين الذين يتخذون من سوق quot;فراسquot; مكان الشرائهم الملابس المستخدمة لهم ولأبنائهم، ولكنهم هذه المرة لمسوا أن عددا كبيرا من الأغنياء الشباب، وأساتذة الجامعات أقبلوا يشاركوهم شراء هذه الملابس اعتقادا منهم أنها أفضل من البضاعة المحلية الملونة، وأكثر جودة، وأرخص سعرا، الأمر الذي تسبب بمشكلة للفقراء في ظل ظروف حياتهم القاسية، وفقرهم المدقع.


غزة: علي أبو عراج أحد الذين التقتهم quot;إيلافquot; في سوق quot;فراسquot; للملابس المستخدمة يقول: quot;أصحاب الأموال والفخامة لم يبقوا لنا شيئا، ولم يكفيهم المحلات التي تبيع بأسعار مرتفعة، بل جاءوا يشاركونا حتى سوقنا البسيط الذي اعتدنا على الشراء منه منذ أكثر من 10 أعوامquot;. ويضيف: quot;أتساءل هنا، هل نحن ذهبنا لنشتري من أسواقهم الخاصة، وهل معنا أموال كما هو حالهم، إذن لماذا يأتون إلى هذا السوق، بالتأكيد لأن الملابس الإسرائيلية ذات جودة عالية وهم يفضلون متابعة الموضة، أما نحن فلا نعرف لا موضة ولا غيرها، وكل ما نريده هو شراء ملابس تسترنا وبأقل الأسعارquot;.

ويوضح عراج أنه يدفع من 4 إلى 10 شواقل في كل قطعة يشتريها من سوق quot;فراسquot; ويتابع: quot;في الأساس فإن أغلى قطة في هذا السوق لا تتجاوز الـ 15 شيقل، وقد كان ذلك في السابق أما الآن فبسبب إقبال بعض الأغنياء بشكلهم اللافت للنظر فإن التجار يظطروا لرفع الأسعار كي يربحوا، فهناك ملابس تتجاوز الـ 25شيقل، ويجد التجار من يشتروا بهذه الأسعارquot;.ويشير عراج إلى أن أصحاب محلات الملابس المستخدمة أيضا يشتكوا من تكدس الملابس المستخدمة، وكذلك ارتفاع أسعار نقلها، علاوة على إيجار المحلات وكذلك متطلبات الحياة والغلاء الفاحش في الأسعار، ولذلك يتطلعوا إلى الربح الكثيرquot;.


السوق ليس حكرا على أحد

فيما أبدى عوض حمدان استغرابه من تذمر كثير من الناس لإقدام الأغنياء على السوق لشراء ملابس مستخدمة، فقال: quot;إنها مجرد ملابس مستخدمة وجميعها بنفس الثمن إلا بعض القطع التي نعثر عليها وتكون جديدة فهذه بالتأكيد مرتفعة الثمن، وليس معقولا أن تباع بنفس ثمن المستخدمة، فهي في الحقيقة رائعة وتضاهي ما هو موجود في المحلات المشهورة بغزةquot;.

ويبين حمدان أنه صدم عندما اكتشف أن الملابس التي يشتريها من المحلات بسعر 200 و 300 شيقل موجودة في سوق quot;فراسquot; بـ 20 و 30 شيقل، فقال: quot;لم أصدق ذلك إلا عندما أصبحت أحد زبون السوق، فكل أسبوع أنزل هنا برفقة بعض الأصدقاء وأشتري قطعة أو اثنتينquot;.ويوضح: quot;في السابق كنت أشتري قطعة كل 3 أو 4 شهور من المحلات العادية لأنها مرتفعة الثمن، أما اليوم فهي رخيصة بالنسبة لي، وجودتها عالية بل وأجمل من الملابس التي كنت أرتديها في السابقquot;.ويشير إلى أنه بدأ بالنزول إلى سوق quot;فراسquot; منذ أن بدأت إسرائيل تخفيف الحصار عن قطاع غزة، وإدخال الملابس المستخدمة إليها، ويضيف: quot;وصل الأمر بنا إلى حد تسجيل رقم هواتف التجار الذين يجلبون الملابس المستخدمة من إسرائيل كي نتواصل معهم في حال وصول أي ملابس جديدة وليس مستعملة قليلاquot;.

تكاليف النقل والضرائب رفعت سعرها

إيهاب الغز صاحب محل للملابس المستخدمة أو ما اصطلح عليها باسم quot;البالةquot; في سوق فراس بغزة قال quot;لإيلافquot; بأن البضائع المستخدمة عادت لتدخل إلى قطاع غزة عبر إسرائيل مجددا وانتشرت بشكل كبير، ويضيف: quot;في السابق كنا نتعامل مع بعض الملابس المحلية المستخدمة ولكن لم يكن عليها إقبال بشكل كبير نظرا لأن كثيرين في المجتمع يرفضوا فكرة ارتداء ملابس قديمة تعود لشخص آخر يسكن غزة، ويضيف: quot;لكن الزبون يتقبل بشكل كبير ارتداء ملابس مستخدمة إسرائيلية نظرا لجودتها وقوتها والزبون يأخذ البضائع الاسرائيلية وهو مطمئن جداquot;.

وتحدث عن أسعار الملابس المستخدمة فقال: quot;لقد رفعنا أسعارها بسبب تكاليف نقلها ونتيجة لبعض الضرائب من قبل الحكومة في غزة والضفة على هذه المشاريع، بالإضافة إلى أن السنوات الأربع الماضية لم يكن يدخل إلينا قطعة واحدة من إسرائيل، في الوقت الذي خسرنا فيه مصدر رزقنا، وبالتالي نريد أن نعوض ما فاتناquot;.وأضاف: quot;كذلك رفعنا أسعارها لأن الطبقة الغنية في المجتمع تقدم على شرائها، أولا لأنها ذات جودة عالية، وخامة نظيفة، وثانيا لأنها مميزة في لونها وشكلها، فالملابس العربية والمحلية ألوانها فاقعة ومزركشة، والجيل الجديد لا يقبل هذه الأشياءquot;.

وقال بأن الملابس الإسرائيلية المستعملة قد لا ترقى حتى إلى مستوى المنتج المحلي، وأكد: quot;أنا شخصيا أرتدي الملابس الإسرائيلية المستعملة خلال الأعياد والمناسبات، لأنها في الحقيقة ليست مستعملة، لأن الإسرائيلي يلبسها عدة مرات ثم يستبدلهاquot;.وتابع: quot;أضف إلى ذلك أن هناك ملابس جديدة تكون قد انتهت موضتها في إسرائيل فتأتي إلينا لنبيعها في غزة بأقل من نصف ثمنها في إسرائيلquot;.وأوضحأن كل الفئاتتُقبل على شراء الملابس الإسرائيلية المستخدمة مثل أساتذة الجامعات وأبناء بعض التجار وغيرهم من أصحاب الأموال، وأشار: quot;البعض يتفاخر بإرتداء ملابس إسرائيلية نظرا لجودتها طبعا، وفي حالة فتح المعابر لا يوجد طلب نهائي على البضائع المحليةquot;.

الملابس إنخفضت أسعارها ولم ترتفع

حاتمعويضةمديرعامديوانوزيرالاقتصادبالحكومة المقالة بغزة، أفاد في تصريحات quot;لإيلافquot; ردا على ما أدلى به التجار حول أسعار الملابس قائلا: quot;أقصى حد وصل إليه سعر كيلو الملابس المستخدمة من التاجر الرئيسي للتاجر الفرعي هو 5 شواقل ونصف، وقد كان ذلك في السابق، أما اليوم فقد أصبح سعر الكيلو 4 شواقل تقريباquot;.وأوضح بأن انخفاض سعر الكيلو هو بسبب تكدس البضائع بغزة، وفتح كثير من الناس مشاريع لبيع الملابس المستخدمة، في الوقت الذي قل الطلب عليها، وذلك عكس ما يقوله التجارquot;.

وأشار عويضة أنه إذا كان هناك غلاء في الملابس المستخدمة بالسوق فإنه تصرف فردي من التاجر نفسه، وبين قائلا: quot;لدينا طاقم حماية المستهلك يتابع ويراقب يوميا ما يحدث في السوق، ولم تسجل لدينا أي شكوى من أي مواطن تدلل على إرتفاع أسعار هذه الملابسquot;.وأضاف: quot;هناك مؤشرات نسير عليها لمعاقبة كل من يرفع الأسعار وهي وجود شكوى من مواطنين، أو غياب السلعة من السوق نتيجة دخولها لغزة أو بسبب احتكارها، ولو وجدنا إشكالية واحدة فنتابع الأمر ونتخذ القرار المناسبquot;.وأكد عويضة أن وزارة الإقتصاد تشجع على مشاريعمحلات الملابس المستخدمة في غزة مراعاة لظروف الناس، ولأن إيرادهم محدود.