ما إن بدأت الأحداث السياسية العاصفة في مصر خلال الأيام الماضية، إلا وتوالت عمليات إلغاء الحجوزات السياحية من قبل الأفراد والعائلات السعودية التي كانت عاقدة العزم على قضاء إجازتها نصف السنوية في الجهة الأكثر تفضيلاً لهم عن غيرها من الدول.


الرياض: ظهرت الأحداث المؤسفة التي تعيشها مصر بالألم والحسرة على غير المصريين قبل المصريين أنفسهم، بسبب تغيير الوجهة المفضلة لهم من الناحية الاجتماعية والاقتصادية لكونها تجمع بين الأسعار المعقولة وتنوع مصادر الترفيه داخلها، مما يضطرهم لاختيار دول او مناطق اخرى تختلف بشكل جذري عن مصر.

وقدرت الحكومية المصرية في بيان لها يوم امس ان خسائرها المبدئية جراء تعطل النشاط السياحي خلال الازمة حوالي مليار دولار خلال تسعة ايام فقط. وتشير الاحصائيات المبدئية إلى ان مصر ستفقد حوالي 3 مليار ريال على مدى الايام المقبلة في حال عدم الانتهاء الازمة، وهو المبلغ الذي من المتوقع ان يدفعه السعوديون في رحلاتهم الى مصر خلال العام.

حيث يشير التقرير الاحصائي للهيئة العامة للسياحة والاثار في السعودية انه خلال الربع الاول كانت الوجهة السياحية المفضلة للسعوديين هي مصر، حيث سيطرت على 15 % من اجمالي الرحلات السياحية للسعوديين في الخارج.

ويساور القلق عددا كبيرا من موظفي السياحة المصريين الذين يشاهدون الاحداث بكل الم وحسرة خوفا منهم على فقدان وظائفهم في حال تدني مستويات السياحة، خاصة ان الدولة تعطي قطاع السياحة اهمية بالغة لما لها من تأثير مباشر على الناتج القومي للبلاد.

وبالرغم من الاحداث العاصفة بعدد من المدن المصرية، الا ان منتجع شرم الشيخ السياحي الحاصل على جائزة افضل منتجع سياحي في العالم عام 2005، لم تصل اليه تلك الاحداث، وبدا كأن الوضع طبيعيًا تمامًا في الاسواق والمجمعات والمقاهي والفنادق، إضافة الى الشواطئ، ولم تتأثر الرحلات السياحية والبرامج داخل المدينة، الا ان تحذيرات الدول لرعاياها كان لذلك الاثر الاكبر في اختيار السياح مغادرة المدينة احتياطا من وقوع اي مشكلة، خصوصًا في ظل عدم الاستقرار السياسي، ففي حال تغيير الحكومة بشكل كامل ربما يتغير الوضع في شرم الشيخ تحديدًا للأسوأ.

ونتيجة لتلك الظروف، قام عدد كبير من العائلات السعودية بتغيير برامجها السياحية وتعديلها الى دول اخرى غير مصر ولبنان بسبب احداثها السياسية العاصفة، واختيار بعض الدول الخليجية عوضًا منها، ونتيجة لذلك ارتفعت اسعار التذاكر لدبي الى الضعف تقريبا. واصبح من الصعوبة بمكان الحصول على مقعد في اي من الخطوط الجوية، ولو بسعر منافس، نظرا إلى اكتمال العدد. اما بالنسبة إلى فنادق دبي فإن الاسعار تزيد عن 1200 ريال لليلة الواحدة، مما يصعب من امكانية السفر لدبي من قبل العوائل متوسطة الدخل.

كما ان البحرين تعتبر وجهة مناسبة ايضا للسعوديين في كثير من الاحيان ، وبل وربما على مدار العام في اجازات عطل نهاية الاسبوع واجازات الاعياد ، وتعتبر مملكة البحرين دائما جاهزة لاستقبال السياح السعوديين في اي وقت ، ولم يعد هناك عوائق كبيرة من احتيار الفنادق والشقق المفروشة ، بالرغم من الفارق الكبير بينها وبين الاسعار في مصر ، ولكن قرب المسافة يحفز سكان المنطقة الشرقية والوسطى لزيارتها اكثر .

وفي الآونة الاخيرة ظهرت دولة قطر كهدف سياحي جيد للسعوديين، وذلك لفخامة فنادقها ومجمعاتها التجارية، وتقارب الاسعار بينها وبين البحرين ودبي، وخصوصيتها الجيدة التي تناسب السعوديين والعوائل تحديدا.

وفي كل الاحوال تبقى مصر من اهم المناطق السياحية في الشرق الاوسط، تم افسادها مؤقتا من قبل اهلها واحتجاجاتهم غير السليمة في نظر العديد من النقاد السياسيين، مما أثر ذلك بشكل سلبي كبير جدا على الاقتصاد المصري في هذه الفترة، وربما لفترات مقبلة يؤمل الا تطول اكثر من ذلك.