تكلّف الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس حسني مبارك ونظامه الحاكم تكلّف اقتصاد البلاد 310 ملايين دولار كل يوم. وقد أدى هذا الوضع كذلك إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية المرتفعة أصلاً، والتي كانت إحدى أسباب التظاهر ضد النظام.


لندن: الثورة الشعبية المصرية على نظام الرئيس حسني مبارك تكلّف اقتصاد البلاد 310 ملايين دولار كل يوم تبعًا لتحليلات laquo;كريدي أغريكولraquo;، ثاني أكبر بنوك التجزئة في فرنسا، والثاني في عموم أوروبا.

ونقلت وسائل الإعلام البريطانية الجمعة عن محللي البنك قولهم إنهم راجعوا أيضًا توقعاتهم لمعدل النمو الاقتصادي المصري للعام الحالي، وعدّلوه من 5.3 % إلى 3.7 %.

يذكر أن البنوك والبورصة والمصانع في المدن المصرية الرئيسة ظلت مغلقة لأيام، وسط موجة المظاهرات التي تسودها، مطالبة برحيل الرئيس. وقد أدى هذا الوضع كذلك إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية المرتفعة أصلاً، وكانت إحدى أسباب التظاهر ضد نظامه.

تأتي هذه الاضطرابات في أوج الموسم السياحي، الذي يستمر عادة حتّى مايو/أيار. وقد تلقى هذا القطاع المهم للاقتصاد المصري ضربة موجعة، لأن وكالات السفر وشركات الطيران حول العالم سجلت انخفاضًا هائلاً في الطلب على السياحة في مصر.

يبقى العزاء الوحيد في بقاء قناة السويس مفتوحة أمام الملاحة الدولية. ويذكر أنها عادت على الاقتصاد المصري بمبلغ 4.77 مليار دولار في العام 2010 وحده. لكن شركة laquo;اي بي مولار - مايرسكraquo; الدنماركية، وهي أكبر مجموعة للشحن البحري في العالم، أغلقت بعض منافذها على القناة، إضافة الى إحدى صالاتها السفرية. من جهتها أغلقت laquo;لافارجraquo;، وهي شركة كبرى لإنتاج مواد البناء، بعض مصانعها.

قطع الانترنت في مصر يكلف 18 مليون دولار يومياً
في سياق متصل، أفادت تقديرات أولية نشرتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الخميس أن قطع الحكومة المصرية لخدمات الانترنت في البلاد على مدى خمسة أيام كلف مصر خسائر بقيمة 90 مليون دولار، وأن أثره الاقتصادي قد يكون أكبر على المدى الطويل.

وأشارت المنظمة في بيان مقتضب إلى أن quot;الخدمات المعطلة (الاتصالات والانترنت) تمثل 3% إلى 4% من إجمالي الناتج المحلي، أي ما يمثل خسارة تقارب الـ18 مليون دولار يوميًاquot;.

وأوضحت المنظمة، التي تتخذ من باريس مقرًا لها، أن الاثر الاقتصادي قد يكون أكبر على المدى الطويل، لأن هذا التدبير طال شركات محلية وعالمية، تعمل في مجال التكنولوجيا المتطورة، وتقدم خدمات إلى خارج مصر أيضًا.

وأضاف البيان quot;سيكون أصعب بكثير في المستقبل جذب شركات أجنبية وطمأنتهم إلى أن شبكة الاتصالات ستكون أهلاً للثقةquot;.وتابع quot;حتى اليوم، شكل جذب هذه الشركات استراتيجية أساسية للحكومةquot; المصرية.

وكانت خدمة الانترنت عادت جزئيًا الأربعاء إلى مصر بعد قطعها لأكثر من خمسة أيام من جانب حكومة الرئيس المصري حسني مبارك، الذي يواجه حركة احتجاجات شعبية غير مسبوقة خلال 30 عامًا في الحكم.

15 مليون جنيه يومياً خسائر قطاعات النقل
إلى ذلك، دفعت الاضطرابات الاجتماعية في عدد من الدول العربية وارتفاع أسعار المواد الأساسية في السوق الدولية، إلى زيادة الأسعار والقدرة الشرائية للطبقات المحدودة الدخل، إلى محور الأولويات الاقتصادية والاجتماعية للحكومات العربية، في وقت ازدادت الفوارق الاجتماعية في مصر نتيجة ارتفاع الأسعار وعدم توازن توزيع مردود ثمرات النمو في السنوات الماضية، أدى كل ذلك إلى ارتفاع أصوات المتظاهرين في ميدان التحرير مطالبين بحلول لأزمة البطالة والفساد والفقر الذي تشهده البلاد.

في ضوء ذلك قام البعض بأعمال العنف والشغب والتخريب، مما أدى إلى أن تكبّد الاقتصاد المصري حوالى 100 مليار جنيه في أسبوع واحد على حسب الاقتصاديين. وكشف تقرير اقتصادي عن أن حصيلة خسائر قطاعات النقل المصرية ارتفعت إلى 15 مليون جنيه يومياً وذلك جراء الأحداث الجارية في مصر.

وأشار التقرير إلى ان الخسائر اليومية لمترو الأنفاق تبلغ مليون جنيه. أما خسائر السكك الحديدية المصرية فتبلغ 4 ملايين جنيه يومياً، فيما تبلغ خسائر الموانئ المصرية 10 ملايين جنيه يوميًا.

وأوضح التقرير أن البورصة والبنوك المصرية واصلت إغلاقها لليوم الخامس على التوالي، وسط تحذيرات الخبراء المصرفيين والاقتصاديين من أن استمرار توقف البنوك عن العمل سيحرم آلاف الأسر من تسلم تحويلات أقاربهم في الخارج، مشيرًا إلى أن أسعار شهادات الإيداع الدولية للشركات المصرية في بورصة لندن واصلت إرتفاعها الليلة الماضية، وأنعكست تأثيرات خطاب الرئيس المصري حسني مبارك الأخير على الأسواق العربية والعالمية.

في إطار تشكيل الحكومة المصرية الجديدة كما طالب المتظاهرين، أكد وزير المالية المصرى الجديد أنه أفرج الأربعاء جمركيًا عن نحو 65 ألف طن قمح ورسالة من الجمال الحية وأخرى من العجول الحية، التي تبلغ قيمتها 11 مليون جنيه و100 طن من اللحوم والأسماك المجمدة، إلى جانب 5 آلاف طن من الأعلاف، وذلك في إطار حزمة الإجراءات والقرارات التي اتخذتها وزارة المالية لضمان توافر السلع الغذائية الأساسية والمهمة في الأسواق، خاصة ما يتعلق بقرار تأجيل السداد النقدي للرسوم الجمركية والضرائب المستحقة على الواردات.

وأضاف الدكتور سمير رضوان وزير المالية فى تصريح له أنه تم التنسيق مع القوات المسلحة لتيسير نقل هذه الشحنات من موانىء بورسعيد والإسكندرية إلى القاهرة ومنافذ التوزيع في المحافظات المختلفة. بالنسبة إلى موقف الصادرات المصرية، أوضح رضوان اهتمام الوزارة بتقديم كل التيسيرات لاستمرار عمليات شحن الصادرات، حيث تم الثلاثاء تصدير نحو 90 طنًا من الفواكه والخضر.

وأشار رضوان إلى أن هناك نحو 3.5 مليون صاحب معاش ومستحق عنهم يصرفون معاشاتهم الكترونيًا، وهم مجموع الذين يصرفون معاشاتهم من خلال مكاتب الهيئة القومية للتأمين والمعاشات، وهؤلاء استفادوا من التيسيرات التي قررتها وزارة المالية بالتعاون مع البنك المركزي، حيث بدأوا بالفعل في صرف قيمة معاشاتهم من خلال الكروت الالكترونية على مستوى المحافظات عبر ماكينات الصراف الآلي التابعة لبنوك الأهلي ومصر والقاهرة والإسكان والتعمير، التي يبلغ عددها 942 ماكينة، والتي سجلت نحو 26 ألف عملية صرف، تجاوزت قيمتها الإجمالية 12 مليون جنيه.

من جانبه، قرر البنك المركزي مزاولة البنوك المصرية نشاطها مرة أخرى اعتباراً من يوم الأحد المقبل. وأكد مصدر مسؤول في البنك المركزى أنه سيتم اتخاذ الإجراءات التي تحمي وتحافظ على البنوك المصرية ضد أي شغب أو أعمال عنف، مشدداً في الوقت عينه أن كل الودائع وأموال المودعين في أمان تام.

في ما يتعلق بالسوق المالية، أعلن الدكتور خالد سري صيام، رئيس البورصة المصرية أن البورصة ستعاود عملها اعتباراً من جلسة تداول الاثنين المقبل بعد عودة نشاط البنوك في مصر. وقال صيام إن معاودة نشاط البورصة يشترط أيضاً استقرار عمل البنوك يوم الأحد بصورة طبيعية. وكانت هيئة الرقابة المالية في مصر قد عقدت اجتماعات شملت مسؤولي البورصة لمناقشة دعم أداء البورصة المصرية في أول أيام تداولتها بعد الهبوط الحاد الذي منيت به الأسبوع الماضي.

من جهتهم، أجمع عدد من الخبراء الاقتصاديين أن الاقتصاد المصري تكبد خلال أسبوع واحد خسائر اقتربت من الـ100 مليار جنيه، ورشح الخبراء ارتفاع تلك الخسائر إلى مئتي مليار، في حال استمرار التوترات السياسية في مصر. وأوضح الخبراء المصريين في تقرير quot;أن تلك الخسارة الفادحة جاءت في المجالات كافة، سواء في سوق الأوراق المالية وارتفاع تكلفة السندات المصرية وغيرها من الخسائر المتوقع زيادتها في الأيام المقبلة أو في مجال السياحة بسبب مغادرة السياح مصرquot;.

ولفت التقرير إلى أن البورصة المصرية فقدت أسهمها منذ بداية بوادر الأزمة في الظهور ما يقرب من 90 مليار جنيه، حيث انخفضت القيمة السوقية للأسهم المصرية من 504 مليار جنيه إلى 420 مليار جنيه. وأضافوا أن إجمالي إيرادات مصر من قطاع السياحة المصرية 15 مليار دولار خلال العام الماضي، بما يمثل 11% من الناتج المحلي بعد دخول 16 مليون سائح، متوقعين تراجع تلك الحصيلة لأكثر من 57 %، وذلك بعد التنبيهات التي صدرت من كل الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية لرعاياها بسرعة مغادرة الأراضي المصرية.

وذكر الخبراء أن هذه الخسائر الفادحة جاءت في الوقت الذي تراجع فيه الجنيه المصري إلى أدنى مستوياته منذ ما يزيد على ست سنوات أمام الدولار الأميركي، مما يضع الاقتصاد المصري أمام كارثة أخرى.

هذا ودعت الوكالة الدولية للطاقة quot;أوبكquot; للتحلي بالمرونة في حالة انتشار الاضطرابات وبدء ظهور نقص في السوق البترولية.وعلى الصعيد الدولي، أعلن دومينيك ستروس كان، مدير عام صندوق النقد الدولي أن الصندوق مستعد لمساعدة مصر على إعادة بناء اقتصادها، ودعا الحكومات إلى ردم الهوة بين البطالة والفروق في المداخيل أو مواجهة خطر حرب.

وقال ستروس كان إن ارتفاع اسعار المواد الغذائية quot;يمكن أن يؤدي إلى نتائج مدمرةquot; على الشعب الأكثر فقراً، محذراً من النمو الاقتصادي السريع لآسيا. وأكد مدير عام الصندوق في كلمة في سنغافورة أن صندوق النقد الدولي مستعد لوضع شكل السياسة الاقتصادية التي يمكن اتباعها، مشيراً إلى أن البطالة وتزايد الهوة بين المداخيل كانت quot;من الأسباب الكامنة للاضطرابات السياسية في تونس وتصاعد الغضب الاجتماعي في دول أخرىquot;. وذكر ستروس كان أنه مع تصاعد التوتر بين الدول نشهد تصاعداً للحمائية في التجارة والمال.