يبدو أن نجاح الولايات المتحدة أخيراً في اغتيال زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، لن يعود بالنفع السياسي والإستراتيجي فحسب على واشنطن، وإنما سيعود عليها كذلك بمكاسب اقتصادية جمّة. فقد تبين أن أسامة بن لادن كلَّف أميركا طيلة العقد الماضي، منذ وقوع أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2001، مبلغاً يتراوح ما بين 280 مليار دولار إلى ما يزيد عن 5آلاف ملياردولار.


بن لادن يكلف الولايات المتحدة المليارات طوال العقد الماضي

أشرف أبوجلالة من القاهرة: وحمَّل البعض بن لادن مسؤولية المتاعب الاقتصادية التي تمر فيها البلاد. وقالت تقارير صحافية أميركية إن بن لادن هو من تسبب في حدوث الأزمة المالية. فبعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة، من أجل دعم الاقتصاد، في أعقاب تلك الهجمات الإرهابية.

وبحثاً عن عائدات أعلى، بدأ المستثمرون في شراء سندات الرهن العقاري. ولخلق مزيد من السندات ذات العائد المرتفع، قدم المقرضون قروضاً للمقترضين الأكثر خطورة، الذين تسببوا في رفع أسعار السكن وكوَّنوا فقاعة. وفي نهاية المطاف، لم يتمكن كثير من هؤلاء المقترضين أن يسددوا ديونهم، وبدأت تسير السندات في اتجاه سيء، وبدأ يتعرض مصرف ليمان براذرز إلى مشكلات، ومن ثم تواصلت الأزمة المالية.

في هذا السياق، قالت عزرا كلاين، المدونة وكاتبة العمود الأميركية الشهيرة، إن الحرب التي شنّها بن لادن على الولايات المتحدة كانت حرباً اقتصادية في المقام الأول. وأضافت quot;كان يسعى إلى إصابتنا بالإفلاس، وكان يضغط من أجل الوصول إلى نتيجة مماثلة لما حدث للاتحاد السوفيتي وأفغانستان. ويبدو أن بن لادن كان عازماً على قتل أكبر عدد ممكن من الناس. وحين فشل في ذلك، أعتقد أنه تراجع، على أمل أن تحقق له خطته البديلة ما يصبو إليه، بدفع الأميركيين على إنفاق أموال ليسوا في حاجة لإنفاقهاquot;.

واضافت quot;لكن ذلك كان في الوقت الذي لا تزال فيه أسعار الفائدة قريبة من انخفاضاتها التاريخية، ما يعني أن الولايات المتحدة لا تزال قادرة على اقتراض الأموال بصورة سهلة نسبياً، لا يبدو أن بن لادن كان ناجحاً على تلك الجبهة أيضاًquot;.

وأكدت مجلة التايم الأميركية من جهتها أن بن لادن دفع واشنطن بالفعل إلى إنفاق قدر لا بأس به من المال. ولفتت هنا إلى التحليل غير المنقوص الذي أعده أستاذا العلوم السياسية، جون مولر، من جامعة ولاية أوهايو، ومارك ستيوارت، من جامعة نيوكاسل في نيو ساوث ويلز، والذي خلصا فيه إلى أن حكومة الولايات المتحدة والشركات الخاصة أنفقوا ما يزيد بقليل عن ألف مليار دولار لتعزيز الأمن الداخلي منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2001، بعيداً عن تكلفة الحروب الخارجية.

ورغم ارتفاع قيمة تلك الفاتورة، إلا أن المجلة أكدت أن الحكومة أنفقت المزيد على الأمن الداخلي، مقارنةً بما كانت معتادة عليه من قبل. حيث ndash; تبين وفقاً للتايم ndash; أن الإنفاق الحكومي على الأمن الداخلي قد ارتفع إلى 73 مليار دولاراً، بعدما كان 20 مليار دولاراً عام 2010.

ولتحديد الأمور التي أُنفِق عليها مبلغ الف مليار دولار على مدار العقد المنقضي، أوضح مولر وستيوارت أن متوسط أوقات الانتظار في نقاط التفتيش في المطارات قد زادت بحوالي 20 دقيقة، منذ بدء تدابير تعزيز الحالة الأمنية الجديدة. وقالا إن متوسط وقت الانتظار يكلّف أميركا 10 مليارات دولار سنوياً.

ثم تحدثت المجلة عن quot;الإنتاجية المفقودةquot; بسبب السفر على متن الطائرات، وحجم الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد نتيجة لذلك. كما أشار مولر وستيوارت في تحليلهما إلى ما أطلقوا عليها quot;الخسائر الساكنة لرفاهية المستهلكquot;، وهي التي كلفت الولايات المتحدة طيلة العقد الماضي ما يقرب من 245 مليار دولار.

كذلك لفتا إلى أن تلك الفئة تشتمل على خسائر النشاط الاقتصادي، التي حدثت نتيجة للزيادة التي طرأت على الضرائب المطلوبة لسداد التكاليف الخاصة بكل التدابير الأمنية الإضافية.

وختمت المجلة بقولها إن الضرائب قد انخفضت، ولم ترتفع منذ هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، وهو ما يجعل من الصعب القول إن زيادة الضرائب قد تسببت في تقليص النشاط الاقتصادي.

مع هذا، أكدت التايم أنه من الصعب تحديد الكلفة الحقيقة بالضبط، لكن حتى مع القول إن أسامة بن لادن كبَّد الولايات المتحدة خسائر بقيمة الف مليار دولار خلال العِقد المنقضي، فإن هذا المبلغ مازال جزءًا صغيراً من مبلغ الـ 14 ألف مليار دولار الذي كوّنته الولايات المتحدة على صعيد الدين الوطني.