في ظل الانتعاش الاقتصادي، الذي تعيشه المملكة حاليًا، سجل مستوى الودائع تحت الطلب نموًا ملحوظًا خلال شهر واحد بنسبة 28 % عن الفترة نفسها من العام الماضي 2010، وذلك يُعزا إلى صرف راتب الشهرين وارتفاع معدل السيولة المتداولة.


مستوى الودائع تحت الطلب يسجل نموًا ملحوظًا في السعودية

حسن الأحمري من الرياض: تعتبر هذه الودائع سلاحًا قويًا في يد المستهلكين لزيادة معدلات الاستهلاك، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار (التضخم)، وهذا ما يحدث حاليًا في المملكة العربية السعودية، حيث تزيد القوة الشرائية لدى مالكي هذه الأموال، في ظل غياب ملحوظ للرقابة السعرية من قبل وزارة التجارة والجهات المعنية.

في المقابل، نجد أن الودائع الزمنية والإدخارية ارتفعت بنسبة طفيفة 1.8 %، لتصل إلى 298 مليار ريال، وهو الأمر الذي يرجعه معظم الاقتصاديين إلى عدم قدرة السوق المحلي لتحفيز الاستثمار واستقطاب هذه السيولة الضخمة، وبالتالي زيادة الطلب الكلي المؤدي إلى زيادة الناتج المحلي للدولة من خلال قطاع الاستثمار.

ونجد أن غالبية الأدوات الاستثمارية، التي يملكها المستثمر المحلي، غير فعالة وغير محفزة، ولا تحقق العوائد المطلوبة، على الرغم من أن السوق السعودية تعتبر من الأسواق المفتوحة ndash; إلى حد ما ndash; وتملك العديد من القنوات الاستثمارية، إلا أن غياب الوعي الاستثماري لدى الأفراد، واختيار الخوض في الأنشطة التي لا يملك الفرد خبرة كافية فيها، واتخاذ سياسة الانجراف خلف الآخرين، يؤدي إما إلى خسارة هذه الأموال أو تجنيبها دون استثمار خوفًا من ضياعها.

لا تؤدي البنوك السعودية حاليًا دورها في تسويق الاستثمار والابتعاد عن الحسابات تحت الطلب وزيادة الحصة فيها، وذلك ربما يعود إلى التنافس المحتدم في ما بينها بما يخصّ الإقراض، سواء للأفراد أو المؤسسات والشركات وزيادة الحصة السوقية لها من خلال منتجات التمويل، عطفًا على الوليد المقبل، وهو التمويل العقاري، الذي من المتوقع أن يحقق أرقامًا قياسية خلال السنتين المقبلتين نظرًا إلى الإقبال الكبير من قبل الأفراد لامتلاك منزل بالشروط الميسرة التي تبتكرها البنوك حاليًا، على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة على المدى الطويل.

حيث أظهرت بعض الدراسات المسحية للسوق أن متوسط سعر الفائدة سنويًا يقارب الـ3 % في البنوك المحلية، وبالتالي يصبح العائد على القرض خلال 10 سنوات 30 % من قيمة العقار، وخلال 20 سنة حوالي 60 % من قيمة العقار، ولكن يعتبر ذلك جيدًا في حال أصبح القسط الشهري مناسبًا للفرد، إضافة إلى إمكانية استثمار العقار من قبل المستهلك خلال تلك الفترة، ليصبح بذلك قناة استثمارية عقارية جيدة.

وعلى الرغم من جهود السياسة المالية في المملكة من زيادة الإنفاق على مؤسسات الإقراض المتخصصة لدعم قطاع الأعمال الناشئة المتمثل في بنك التسليف والصندوق الصناعي، أملاً منها لفتح آفاق استثمارية جديدة للفرد لزيادة معدلات الاستثمار، وزيادة الناتج المحلي من جهة، وحلّ مشكلة البطالة وخلق فرص توظيف جديدة من جهة أخرى، إلا أنه يواجه الجميع مشكلة عدم القدرة على إدارة هذه الأموال من قبل الأفراد بشكل جيد لغياب التدريب وضعف مخرجات التعليم في هذا الجانب تحديدًا، والخوف مجددًا من خسارة هذه الأموال والتوقف عن الاستثمار.

هذا وما زالت سوق الأسهم السعودية تعتبر من قنوات الاستثمار الجيدة، على الرغم من مخاطرها العالية، لكن وجود عدد كبير من صناديق الاستثمار من قبل الشركات المالية وشركات الوساطة تعتبر فرصة جيدة للمستثمرين لزيادة عوائد مدخراتهم وتفويض هذه الشركات بخبراتها وإمكانياتها الجيدة، في ظل الرقابة الكبيرة من قبل هيئة سوق المال، مما يجعل من السوق في الفترة الحالية قناة استثمارية آمنة وجيدة.