الأمير الوليد بن طلال

أكد الأمير الوليد بن طلال أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ووالده الأمير طلال بن عبدالعزيز وجّهاه إلى ضرورة توقيع العقد الجديد مع الحكومة المصرية بشأن أرض توشكى، حيث إنهما يحثّان على دعم الإستقرار والإقتصاد المصري بعد الثورة.


القاهرة: رد الأمير الوليد بذكاء على تساؤلات الصحافيين المصريين أمس حول قيام الرئيس المصري السابق حسني مبارك بالسماح له بأن يحرر عقد تخصيص الأرض بنفسه، وأنه أمر بالعمل بالعقد، كما قدمه الأمير السعودي. فما كان من الأخير إلا أنه سعى هو الآخر، عبر العقد الجديد الذي حررته الحكومة الجديدة بشأن توشكى، إلى التأكيد أن حرصه على الاستثمار في مصر، وأن هذا الأمر لا يرتبط بشخص مبارك، وإنما يرجع بالأساس إلى العلاقات الأخوية بين البلدين.

حفل توقيع عقد توشكى الجديد أكتظ بالصحافيين من كل الصحف المحلية المصرية والأجنبية العاملة في مصر، الذين أرادوا الحصول على أي تصريحات من الطرفين، ولكنهم تفاجئوا بدبلوماسية وردود مقتضبة لم تشف غليلهم.

رئيس الوزراء المصري من جانبه بيّن أن العقد الجديد يعبّر عن مدى إهتمام الحكومة وحرصها على تصحيح الأخطاء المرتبطة بالعقود والمعاملات التجارية والاستثمارية التي أُبرمت في عهد الرئيس السابق من أجل تلافي ما يمكن أن تتضمنه من إجحاف في حقوق مصر، كما إنها ستعطي دفعة قوية للإستثمار في مجال الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر من الحبوب والمواد الغذائية، مشيراً إلى أن العقد يؤكد مدى حرص المستثمر العربي على التفاعل الإيجابي مع مقتضيات ما بعد الثورة المصرية وحرصه على نجاحها وتحقيق أهدافها الاقتصادية وإصرارها على الوجود في السوق المصرية.

تصريحات عصام شرف أوصلت رسالة إلى الصحافيين أنه ما من أحد في دول الخليج، وبخاصة السعودية، ضد الثورة المصرية أو حكومة ما بعد الثورة، وهو ما يعني إيصال رسالة إليهم بأن مبارك لم يعد له مؤيدون.

وقد كان إستقبال الصحافيين لتلك الكلمات بداية لأسئلة كثيرة للأمير الوليد بن طلال عن طبيعة تأييد السعودية لمبارك، وطلب عدم محاكمته، حيث رد على هذه التساؤلات بالقول: إنه والحكومة السعودية والعرب حريصون على الاستثمار في مصر في كل المجالات السياحية والفندقية والمصرفية والإعلامية، مؤكداً إستعداده لتقديم الدعم الكامل لمصر، التي تشهد نهضة حقيقية.

أما ما تردد عن وجود خلافات بين الرياض والقاهرة على خلفية محاكمة مبارك، فقد بين أن إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيزrlm; أخيراً عن إسهام المملكة في دعم اقتصاد مصر بنحو أربعة مليارات دولار أميركي في صورة قروض ميسرة، وحثه له شخصياً على ضرورة توقيع العقد، وعدم إثارة أي متاعب للحكومة المصرية، بعث برسالة للجميع، مفادها أن العلاقات بين البلدين الشقيقين أكبر من مبارك وعائلته.

وأوضح الأمير أنه فتح صفحة جديدة مع الحكومة المصرية، بعد توقيع العقد الجديد، وأضاف أن شركة المملكة ستقوم بإستصلاح 25 ألف فدان تم الإتفاق عليها في العقد الجديد، وقال إنه تنازل بصدر رحب عن 75 ألف فدان لمصر ولشعب الثورة. قائلاً: quot;ما هو موجود لدى شعب الثورة كأنه موجود لدى شركة المملكةquot;.

وعلى الرغم من تواتر الأنباء المترامية حول قيام الحكومة المصرية بتعديل العقد قبل التوقيع بـ 48 ساعة فقط، إلا أن مصادر صحافية في مجلس الوزراء أفادت أن الأمير الوليد بن طلال وافق على تلك التعديلات، ولم يناقشها تفصيلياً مع الحكومة المصرية هو أو أحد محاميه، وتركزت هذه التعديلات حول البند الخاص بالتحكيم الدولي، حيث كان العقد ينص على أن يلجأ أحد الطرفين إلى التحكيم الدولي حال نشوب أي نزاع، إلا أن التعديل الذي جرى جعل التحكيم الدولي يتم على مراحل عدة، بدايتها في المحاكم المصرية، ثم المركز المصري للتحكيم، وآخرها اللجوء إلى التحكيم الدولي.

الأمير الوليد بن طلال غادر القاهرة بعد زيارة لم تستمر سوى بضع ساعات، طاوياً معه صفحة إستثمارات سابقة، شابها العديد من المشاكل، كادت أن تعصف بإستثماراته في مصر، وربما كانت ستؤثر على العلاقات المصرية السعودية، لكن حنكته وبعد نظره ودعم القيادة السعودية له في توجهه جعل مصر تتخطى أولى العقبات مع واحد من أكبر المستثمرين في العالم، كما وصفه رئيس الوزراء المصري، بل وتمكن مندحض الكثير من الشائعات، وإسكات العديد من مروّجي السموم حول طبيعة العلاقات المصرية السعودية، وأنها مرتبطة فقط بالرئيس السابق.

كما إن التوقيع من شأنه دعم موقف مصر مع كثير من المستثمرين المصريين والعرب الذين نالوا عن دون وجه حق الكثير من الأراضي المصرية بأثمان بخسة في عهد الرئيس السابق.