رغم اقدام حكومة بكين على تشديد العقوبات، التي تصل لحد الاعدام، بحق المسؤولين والموظفين المتورطين في قضايا الفساد المالي الا أن هذه الظاهرة لم تتوقف عن النمو، منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي. فظاهرة الفساد المالي اتخذت منحى تصعيدياً حض آلاف المسؤولين الحكوميين وموظفي الشركات المرموقة على نقل رؤوس أموالهم، المشكوك بمصادرها، الى الخارج، لا سيما تلك الدول التي تضمن السرية المصرفية، الى حد بعيد.


برن:تعد سويسرا من بين الجنات الضريبية لأصحاب رؤوس الأموال الكبار،لذا, فظاهرة الفساد المالي لا تستطيع أن تمر مرور الكرام أمام عيون المراقبين السويسريين. في الحقيقة، فان جزء كبير من الأموال الصينية المهربة تنتهي في المصارف الأميركية والأسترالية. في المقابل، فان حركة هذه الأموال صوب روسيا وتايلندا لم تعد منتعشة كما في السابق! اذ يوجد اليوم دول أخرى، يرتاح اليها مهربي رؤوس الأموال الصينيين، أوروبية، كما سويسرا ولوكسمبورغ وامارات ليختنشتاين وموناكو وأندورا وسان مارينو.

يذكر أن حوالي 83 في المئة من أصول المؤسسات المركزية الصينية تتركز في ثمانية قطاعات رئيسية هي البتروكيماويات، والطاقة الكهربائية، والدفاع الوطني، والاتصالات، والمواصلات، والمعادن، والتعدين، والآلات الميكانيكية. كما تقوم هذه المؤسسات تقوم بإنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي والايثيلين وتقدم جميع خدمات الاتصالات الأساسية ومعظم الخدمات الإضافية ويحتل حجمها لتوليد الطاقة الكهربائية 55 في المئة من الاجمالي هناك. وحجمها للنقل الجوى المدني 82 في المئة من الاجمالي وحجمها للنقل المائي للبضائع 89 في المئة وحجمها لإنتاج السيارات 48 في المئة. داخل هذه المؤسسات، يقدر الخبراء السويسريين أن 18 الى 20 ألفاً من الموظفين ضالعين في قضايا الفساد المالي التي تدفعهم الى اختيار دولاً بعيدة جداً لنقل الودائع اليها.

في هذا الصدد، يشير الخبير المالي دافيد مولر الى أن ظاهرة الفساد المالي، بالصين، بدأت تغرز جذورها في عالم المال الدولي منذ أن أضحت الصين محركاً رئيسياً لدوران عجلات الاقتصاد العالمي. هذا ويقدر الخبير مولر مجموع الأموال الصينينة التي تم تهريبها الى الخارج، الى الآن، بما فوق 105 بليون فرنك سويسري.

ويلفت هذا الخبير الانتباه الى أن الصينيين حذرين كثيراً في عمليات نقل الأموال هذه. اذ هم يختارون نقلها، كخطوة أولى، الى هونغ كونغ، قبل quot;السفرquot; شخصياً مع هذه الأموال الى احدى دول الكومنولث. كما توجد خيارات أخرى، ترمي الى اخفاء هذه الأموال في مصارف بعض الدول الأفريقية أم الأميركية اللاتينية أم الأوروبية الشرقية قبل أن يتم نقلها، لاحقاً، الى دول غربية، ومن ضمنها سويسرا.