ورث عبد الإله بنكيران من رئيس الحكومة السابق عباس الفاسي ملف الأطر العليا الثقيل الذي يسبب له صداعًا قويًا. فهذه الأطر انتزعت من حكومة الفاسي محضرًا يقضي بتوظيفها بشكل مباشر، لكن بنكيران يقول إن الحكومة السابقة سنت قانونًا يمنع التوظيف المباشر، وإنه لن يخالف القانون، ولو على حساب شعبيته.


الرباط: كلام رئيس الحكومة لم يرق للأطر العليا المعطلة، التي انتفضت ونزلت بقوة إلى الشارع، قبل أن تبدأ ملاحقة عبد الإله بنكيران إلى المهرجانات الخطابية، التي كان يعقدها بمناسبة الانتخابات الجزئية، للاحتجاج على قراره، الذي اعتبرته quot;غير منصفquot;، خاصة بعد توقيع رئيس الحكومة، أخيرا، على قرار توظيف 17 معطلا يتحدرون من المحافظات الجنوبية، بشكل مباشر.

المعطلون يتوعدون الحكومة

بدأت الأطر العليا المعطلة تسطر مجموعة من البرامج الاحتجاجية متوعدة الحكومة بدخول سياسي ساخن، خاصة بعد تسجيل تدخلات عنيفة من طرف القوات العمومية ضد المتظاهرين. وفي هذا الإطار، كشف سعيد أزوكار، عضو مجلس التنسيق الميداني للأطر العليا المعطلة 2011، أنه quot;منذ تصريحات بنكيران، التي أكد فيها عدم الالتزام بمقتضيات المرسوم الوزاري الاستثنائي 100-11-2، جرى غلق باب الحوارquot;، مشيرا إلى أن quot;الحكومة تدبر الملف بشكل أحاديquot;.


وأضاف سعيد أزوكار: quot;أؤكد لك أن أبواب الحوار موصدة وليست هناك استراتيجية واضحة لحل مشكلة البطالةquot;. وأشار سعيد أزوكار، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، إلى أن المباريات التي اشترطها بنكيران من أجل توظيف الأطر العليا تتخللها إشكالات من قبيل النزاهة، والشفافية، والعدد، والتخصصات، إذ إن بعض التخصصات فقط هي التي يحق لها اجتياز هذه المبارياتquot;. وقال عضو مجلس التنسيق الميداني quot;نحن نرفض اجتياز هذه المباريات لسبب معقول ووجيه، وهو أن هناك قانونًا يمنح لنا حق التوظيف المباشرquot;.


وأبرز أن دكاترة متخصصين في القانون أكدوا أن هذا المرسوم لا يخالف الدستور، ولا المقتضيات المنصوص عليها في قانون الوظيفة العمومية، لأنه كان استثنائياquot;، موضحا أنه quot;مر من جميع المراحل القانونية التي تمر منها المراسيم، وبالتالي اكتسب قوته، على أساس أنه يكون سندًا لإدماجنا، على غرار الذين أدمجوا بموجب هذا القانونquot;.من جهته، قال محمد النحيلي، عضو المكتب السياسي المكلف بملف العطالة والعلاقة مع الحركات الاجتماعية وهيئات المجتمع المدني في الحزب الاشتراكي، إنه quot;كان على حكومة بنكيران أن تنفذ الالتزامات السابقة التي قطعتها حكومة عباس الفاسي للمعطلينquot;، وزاد متسائلا quot;ما معنى أن يحصل الشاب على أعلى شهادة ويكون مصيره الشارع؟quot;.


وأكد محمد النحيلي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;الحكومة الحالية لا تتعامل بشكل مسؤول مع ملف العاطلين، وتفتقد إلى قوة القرار، بحيث إن مجموع القرارات تملى عليها، كما أن ما كانت تنتقده بالأمس تمارسه الآن وببشاعةquot;.واعتبر عضو المكتب السياسي أن quot;الحكومة الحالية غير شعبية ولا ديمقراطية في تصرفاتهاquot;، موضحا أن quot;لغة القمع وتعنيف الأطر العليا المعطلة ليست هي الحل من أجل امتصاص هذا الكم النوعي من العطالةquot;. وذكر أن quot;رئيس الحكومة نكث بوعده أمام المغاربة، بعد موافقته على تشغيل معطلين يتحدرون من المناطق الجنوبيةquot;، مشيرا إلى أن quot;هذا تمييز مجالي بين الشباب، ويظهر ازدواجية خطاب بنكيرانquot;. وأضاف النحيلي quot;من حق الأطر العليا التوظيف في الأسلاك العمومية، وهذا الحق يستند إلى المرسوم الموقع بين الحكومة وممثلي باقي المجموعاتquot;.

وضع صعب وتقليص للوظائف

تفكر الحكومة، في سنة 2013، في تقليص عدد مناصب الشغل، برسم السنة المالية المقبلة، إلى ما يقارب النصف، بالمقارنة مع السنة الماضية. وكان نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، شدد على إرادة الحكومة، عبر القانون المالي لـ 2013، على quot;الحفاظ على جهودها من أجل التوظيف في القطاع العامquot;، مذكرا بخلق أكثر من 26 ألف منصب عمل خلال 2012.quot;


وأكد عبد الخالق التهامي، أستاذ الاقتصاد في المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، أن quot;الدولة ملزمة بإيجاد حلول لخلق مناصب عمل في القطاع العام، رغم أن هذا صعبquot;، وزاد موضحا quot;من الصعب توفير مناصب شغل في الظرف الراهن نظرا لمستوى العجزquot;. وقال عبد الخالق التهامي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;أرى أن قانون المالية المقبل لن يأتي بجديد، مقارنة مع السنوات الماضية في ما يخص التشغيل في القطاع الحكوميquot;، مبرزا أن quot;الحكومة من واجبها الآن تسريع وتيرة الإصلاحات حتى يتمكن القطاع الخاص من خلق مناصب شغلquot;.


وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة بحث الحكومة عن حلول لزرع ديناميكية جديدة في القطاعات الخاصة المشغلة، وزاد مفسرا quot;أعتقد أن ورش الجهوية يمكن أن يمنحنا التشغيل إذا قمنا بتنزيله في الوقت الراهن وبالسرعة اللازمة، كما يمكن إعادة النظر في بعض السياسات التي كانت تعطي أسبقية لقطاعات أقل تشغيلا من قطاعات أخرىquot;.


وأضاف quot;يجب على الحكومة أن تحدد القطاعات التي لديها حمولة أعلى تمكنها من الاستجابة لطلبات تشغيل بعض المعطلين لأن الوضعية صعبةquot;. يشار إلى أن الحكومة تريد، خلال السنة المقبلة، تقليص العجز العام للموازنة إلى 4.8 في المائة من إجمالى الناتج المحلى، مقابل نسبة 6.1 في المائة، التى سجلت خلال 2011، إضافة إلى اعتماد 4.5 في المائة كنسبة نمو في وضع القانون المالي للسنة المقبلة.