أكّدت إدارة كيوتل القطرية في بيان حصلت إيلاف على نسخة منه تخطيها حاجز الشفعة الذي لوّحت به الحكومة الجزائرية للاستحواذ على شركة نجمة، ما يعدّ متعارضًا مع ما فعلته الجزائر قبل أشهر مع أوراسكوم المصرية للاتصالات وعلامتها التجارية quot;جازيquot;.



الجزائر: ردًا على ما ثار حول صفقة كيوتل والوطنية أخيرًا، شدّدت إدارة نجمة في بيان حصلت عليه quot;إيلافquot;، أنّ لا مشكلة في الموضوع، مبرزة أنّها quot;ممتنة لتفهم السلطات الجزائرية للموقف وإعطائها إذنًا بالمضي قدمًا في إتمام الصفقةquot;.
وأفادت المجموعة التي يقودها اللبناني جوزيف جاد أنّ كيوتل استكملت العملية في الرابع من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، أي بعد شهر واحد فقط من تقدم كيوتل بعرض شراء جميع أسهم الوطنية، في معطى يؤذن بانقلاب موازين سوق الاتصالات في الجزائر، التي تستوعب ما يربو على 35 مليون مشترك.

تراجع جودي
بعدما كان كريم جودي، وزير المال الجزائري، هدّد في وقت سابق بلجوء بلاده إلى استعمال حق الشفعة لشراء نجمة، في حال أقدمت كيوتل على شراء كامل أسهم الشركة، عاد وتراجع عن تهديده قائلًا: quot;الدولة يمكنها أن تطالب بحقها في تطبيق حق الشفعة، ويمكنها عدم المطالبة بذلكquot;. وهو الذي كان أكّد قبل أسبوعين أنّه إذا اشترت كيوتل الوطنية، فإنه سيحدث تغيير في الإسهام، وبالتالي سيكون هناك تطبيق للقاعدة 51/49 في المئة، ما يعني استخدام ورقة حق الشفعة لاسترجاع نجمة.

وينص حق الشفعة في التشريع الجزائري على امتلاك الجزائر لأي شركة أجنبية تريد بيع أسهمها بشكل كلي. وتشهر السلطات الجزائرية حق الشفعة ضدّ كل مستثمر أجنبي يريد تحويل استثماراته في الجزائر أو التخلي عنها، بحجة عدم السماح بتكرار ما حصل في العام 2008، حينما أقدمت مجموعة أوراسكوم المصرية على بيع مصنعها للإسمنت بولاية المسيلة لمجموعة لافارج الفرنسية، من دون استشارة السلطات الجزائرية، وهو قرار أغضب آنذاك الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ووزيره الأول أحمد أويحيى.

وتطبّق الجزائر حق الشفعةquot; عبر قاعدة 51/49 في المئة المفروضة رسميًا منذ تموز (يوليو) 2008 كشرط للاستثمار الأجنبي في البلاد، وتنص على امتلاك الجزائر لغالبية رساميل أي استثمار أجنبي هناك. ويقول الوزير الأول عبد المالك سلال إنّ تلك القاعدة quot;أثبتت فعاليتها بدليل ارتفاع ريع الجزائر خلال أربعة أعوام من 500 مليون إلى ملياري دولار سنويًاquot;.

في ظلّ تراجع جودي وقوله إن quot;هذه المسألة غير مطروحة بالنسبة لقطاع المالية، ويجب النظر فيها على مستوى وزارتي الاتصالات والاستثمارquot;، وتحفظ موسى بن حمادي، وزير البريد وتكنولوجيات الاتصال، وصمت شريف رحماني وزير ترقية الاستثمار، تستبعد مصادر على صلة بالموضوع أن تصل المسألة إلى مرحلة التقاضي القانوني بين الحكومة الجزائرية وكيوتل القطرية، إن رفضت الأخيرة بيع نجمة، حتى وإن كانت الأبواب مشرّعة على كل الاحتمالات، في وقت تخوّل القوانين الجزائرية السارية للمستثمرين الأجانب الحق في تسيير مؤسسات في إطار شراكة، حتى وإن كانوا يملكون حصصًا أقلّ.

عودة عن خطأ
لا يزال الغموض يلف المسألة من الجانب الجزائري، حيث لا يفهم المراقبون سبب زهد حكومة عبد المالك سلال في تطبيق حق الشفعة على الوطنية، في وقت استبسلت الحكومة ذاتها في تنفيذ ذلك مع أوراسكوم، أم أنّ الأمر راجع إلى امتلاك كيوتل أغلبية أسهم الوطنية منذ آذار (مارس) 2007، ما سمح لها منذ ذلك الوقت بالحصول على 80 في المئة من أسهم quot;نجمةquot;، أي قبل 16 شهرًا من تطبيق حق الشفعة وقاعدة 51/49 على الاستثمار الأجنبي في الجزائر.وتحصلت الوطنية للاتصالات على رخصة لاستغلال الهاتف النقال في كانون الأول/ ديسمبر 2003 في الجزائر بفضل عرض قدر آنذاك بـ421 مليون دولار، بيد أنّ المجموعة الكويتية لم تقم بالإطلاق التجاري لعلامتها التجارية quot;نجمةquot; إلا في أيلول (سبتمبر) 2004.

كما يرى المحلل سليم لعجايلية أنّ الاستثمارات بشقيها العربية والغربية في الجزائر quot;تأثرت وستبقى متأثرة بتذبذب التشريعات، بحكم إقدام السلطات على تغييرها في كل مرةquot;. ويستدل لعجايلية بما حصل لأوراسكوم، إذ انعكس ما حصل لها خلال العامين الأخيرين سلبًا على وضعها في السوق، وهو ما يبرزه تراجعها من استقطاب أكثر من63.7 في المئة من مشتركي المحمول في الجزائر، إلى 46.81 في المئة فحسب.


أمثولة أوراسكوم

وغداة إشهار الجزائر حق الشفعة ضدّ أوراسكوم المصرية وعلامتها جازي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، استمر مسلسل الحكومة الجزائرية مع أوراسكوم ما لا يقلّ عن 29 شهرًا من المدّ والجزر، بسبب تلكؤ آل ساوريس في دفع ما يقارب الـ665 مليون دولار كمستحقات ضريبية للدولة الجزائرية، الى جانب تحويل الملاّك السابقين لـ أوراسكوم 190 مليون دولار خارج البلاد.

وأعلنت الجزائر رسميًا في نهاية آذار (مارس) الماضي شراءها 51 في المئة من رأسمال أوراسكوم، مباشرة بعد توقيع اتفاقين حدّدا شروط التنازل مع المتعامل الروسي فيمبلكوم، الذي اشترى 51.7 في المئة من أسهم أوراسكوم بموجب اتفاق اندماج بين الشركتين في آذار (مارس) 2011

يُشار إلى أنّ مجموعة أوراسكوم استثمرت منذ دخولها السوق الجزائرية في العام 2001 ما لا يقل عن أربعة مليارات دولار، وظلت جازي إحدى العلامات التجارية الأكثر دخلًا على مدار السنوات العشر المنقضية، قبل أن ينقلب وضعها من النقيض إلى النقيض.

ويعتقد الخبير الاقتصادي الجزائري عبد الرحمان مبتول أنّ حكومة بلاده اقترفت خطأ كبيرًا باعتمادها قاعدة 51/49 الضابطة لحركية الاستثمارات الأجنبية في الجزائر، معتبرًا هذا الإجراء غير معقول التطبيق، إضافة لكونه لا يستجيب لمتغيّرات المناخ الاقتصادي العالمي الذي تسعى فيه كل دول العالم لاستقطاب استثمارات أجنبية، كوسيلة بغرض رفع معدلات النمو الاقتصادي لديها.
ويشير البيان إلى رفع كيوتل مساهمتها في الوطنية من 52.5 إلى 92.1 في المئة، غداة شرائها 199،649،694 سهمًا تمثل 39.61 في المئة من الأسهم المصدرة، وتبلغ قيمة تلك الأسهم 519.1 مليون دينار كويتي أي ما يعدل 1.8 مليار دولار أميركي، على أساس سعر 2.600 دينار للسهم الواحد. وهذا ما يؤشر ، بحسب الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني، رئيس مجلس إدارة كيوتل، على دخول مرحلة جديدة من الاستثمارات في أسواق الوطنية للاتصالات.