بعيداً عن عالم المصارف التقليدي المعروف، بدأ عالم آخر مواز من بنوك، تعرف ببنوك الظل، يشهد حالة من النمو على هيئة صناديق تحوط وصناديق خاصة بأسواق المال.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: تتميز تلك البنوك بكونها بعيدة عن متناول النظم المالية التقليدية، وهو ما يدفع بالسلطات إلى التخطيط لوضع قواعد جديدة لمنع ذلك القطاع الغامض من إحداث أزمة مالية جديدة. لكنها وبإقدامها على ذلك، فإنها تهدد بتجفيف مصدر تمويل مهم للبنوك والشركات.

لفتت في هذا الصدد مجلة quot;دير شبيغلquot; الألمانية إلى أن هناك فجوة ضيقة بين الجنة والجحيم في العالم المالي. وهي الحقيقة التي أدركها رجل فرنسي يُدعى لويك فيري حين كان يبلغ من العمر 33 عاماً، حيث كان نجماً صاعداً في العالم المصرفي، بإدارته التجارة في حزم القروض المعقدة لدى أحد البنوك الاستثمارية.

ووفقاً لبطاقة عمله، فإنه كان الرئيس العالمي لأسواق الائتمان لدى البنك. ثم غامر أحد موظفيه بحوالى 250 مليون يورو (317 مليون دولار) وبات فيري فجأة بلا وظيفة.

بعدها أطلق فيري صندوق تحوط في لندن. وتقوم تلك الشركات الاستثمارية سيئة السمعة بتجميع أموال من عملاء، وتتكهن بمجموعة واسعة من الأوراق المالية. ويقوم فيري الآن بأنواع الاستثمارات التي تشكل خطورة بالغة على زملائه السابقين.

حيث يقوم بإقراض أموال عملائه إلى الشركات التي لا تكون جدارتها الائتمانية جيدة بما فيه الكفاية لكي تكون مؤهلة بما يسمح لها الحصول على قروض من البنوك العادية، كما إنه يقوم في الوقت عينه بشراء حزم قروض محفوفة بالمخاطر من المقرضين.

غير أن فيري، الذي بات ناجحاً للغاية، لدرجة إنه تمكن من شراء نادي إف سي لوريان، الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى الفرنسي، قد أكد أن شركات كالشركة التي يمتلكها تقدم إسهامات إيجابية إلى الاقتصاد الفعلي، لأنها تدير المخاطر بصورة احترافية.

وتابعت دير شبيغل الحديث بلفتها إلى أن البنوك والمنظمين والساسة والاقتصاديين عبّروا عن قلقهم بشأن العالم الموازي الذي كوّن وجوداً بعيداً عن عالم البنوك الرئيسة.

وذكّرت المجلة بالتصريح الذي سبق أن أكدت من خلاله المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عقب الأزمة المالية عام 2008، أنه لا يمكن أن تكون هناك quot;بقع عمياءquot; على خريطة تنظيم الأسواق المالية. لكن في الوقت الذي يتم فيه تمرير المزيد والمزيد من القوانين للسيطرة على البنوك، فقد بدأت للتو العملية الخاصة بتنظيم بنوك الظل.

وأضافت المجلة أن هيئة الاستقرار المالي quot;إف إس بيquot; تعتزم تجنب تكرار الكوارث كتلك الكارثة التي حدثت عام 2008، خاصة وأنه لم يكن اهتمام يذكر من جانب الحكومات والوكالات التنظيمية بالمؤسسات المالية التي تعمل خارج عالم البنوك.

عاود فيري ليقول في هذا السياق إنه وعلى عكس باقي صناديق التحوط، فإنه يعمل بدون الائتمان الخارجي. وأكمل قائلاًَ quot;إذا ضاعت الأموال، فإن سمعتنا فقط كمدير وكمستثمرين ndash; ممن يعملون حجم المخاطر التي نتعرّض لها ndash; هم الذين يتضررونquot;.

وأشارت المجلة كذلك إلى العملاء في الصناعة شعروا بصدمة نظراً إلى أنه يتم النظر من فترة طويلة إلى صناديق أسواق المال باعتبارها استثماراً آمناً، وهو ما يعود على نحو دقيق إلى أنها تبدو في الظاهر متشابهة للغاية في كثير من الأحيان مع البنوك.

ونظراً إلى انخفاض أسعار الفائدة في أسواق الأسهم التي تستثمر بها صناديق أسواق المال، فإن هوامش الربح تكون ضئيلة للغاية بالفعل. وختمت المجلة بقولها إن القواعد الصارمة ستكلِّف المزيد من الأموال، وسط تكهنات بأن الكثير من مدراء الصناديق سوف يبتعدون عن العمل في هذا المجال إلى الأبد.

ونقلت عن الأمين العام لهيئة الاستقرار المالي قوله إنه يتخوف أن ينسى المستثمرون عمّا قريب التداعيات المحتملة للصفقات المحفوفة بالمخاطر مع بنوك الظل. وأضاف: quot;إذا لم يتم وضع نظم في ذلك الوقت، فإننا قد نواجه بسهولة ثمة شيء مماثل لما حدث في 2008quot;.