وجدت المصارف اليونانية المنهكة بعد عامين من الأزمة، نفسها مجددًا أمام خطر الإفلاس بعد اثنين أسود شهد سحوبات مالية كثيفة ناجمة من المخاوف من خطر يمكن أن يسببه وصول اليسار إلى السلطة، وإنما خصوصًا أمام أكثر الشائعات خطورة في الأسواق.


شبح الانهيار المالي يواجه اليونان

أثينا: تراجعت الاثنين الماضي ودائع الأفراد والشركات بما قيمته 800 مليون يورو في يوم واحد، كما أعلن رئيس الجمهورية كارولوس بابولياس لزعماء الأحزاب السياسية في محاولة لإقناعهم بضرورة تشكيل حكومة ائتلافية لمواجهة الأزمة في البلاد.

وأكد مصدر مصرفي مطلع جدًا هذه الأرقام في اتصال مع وكالة فرانس برس. وتضاف هذه الأرقام إلى السحوبات التدريجية التي قام بها اليونانيون منذ سنتين من حساباتهم المصرفية، سواء لمواجهة الأزمة أو لوضع مدخراتهم في منازلهم أو في الخارج خشية الخروج من منطقة اليورو وانهيار البلاد. إلا أن المصدر نفسه يقلل الشائعات حول تفاقم ظاهرة هروب الرساميل من اليونان، والتي اجتاحت الأسواق في الأيام الأخيرة.

من جهة أخرى اتسع التوتر في سوق السندات المصرفية ليشمل كل أوروبا، وخصوصًا إسبانيا، حيث انهار مصرف quot;بنكياquot;، وهو رابع مصرف في البلاد الخميس على خلفية مخاوف نشرتها الصحافة من هروب أكثر من مليار يورو.

وفي اليونان، أكد المصدر نفسه أنه quot;في آذار/مارس زادت الودائع مليار يورو، وعادت الثقة بعد عملية إعادة هيكلة الديون اليونانيةquot;. وأضاف المصدر أن quot;أرقام نيسان/إبريل لم توضع اللمسات الأخيرة عليها بعد، لكننا ما زلنا نلاحظ زيادة مقدرة بمليار يوروquot;.

وتنبغي إعادة وضع الأرقام في إطارها. فالبنوك اليونانية تواجه بالتأكيد هروبًا كبيرًا للرساميل بسبب الأزمة: ففي 31 آذار/مارس 2012، كانت ودائع الأفراد والشركات تبلغ 165.35 مليار يورو، بحسب إحصاءات البنك المركزي اليوناني مقابل 237.53 مليارًا في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2009 عشية اندلاع أزمة الديون.

لكنها تبقى أعلى من مستواها في منتصف العقد الماضي (136.9 مليار يورو في كانون الثاني/يناير 2005) وأعلى بكثير من مستويات كانون الثاني/يناير 2001 إبان وضع اليورو قيد التداول، حيث كان البنك المركزي لا يملك سوى 116.4 مليارًا من الودائع.

ويقول الخبراء إن عودة المخاوف في مطلع الأسبوع، وخصوصًا في لندن وفرانكفورت، ناجمة خصوصًا من مقال ظهر في الصحافة الهولندية، ومفاده أن المصارف اليونانية ستحرم من الآن فصاعدًا بشكل تام من دعم البنك المركزي الأوروبي، ولن تتمكن من إعادة تمويل نفسها. وقال المصدر المصرفي نفسه quot;فور خروج بيان (النفي والتوضيح) من البنك المركزي الأوروبي، هدأت الأمورquot;.

وفي فرانكفورت، أعلن متحدث باسم المؤسسة النقدية لوكالة فرانس برس أن البنك المركزي الأوروبي quot;مستمر في دعم البنوك اليونانيةquot; لأنها تستفيد من برنامج التمويل الطارئ لمصرفها المركزي بموافقة quot;يوروسيستمquot;.

لكن فيليب واتشر مدير الأبحاث الاقتصادية لدى شركة quot;ناتيكسيس ايه امquot; لاحظ quot;أننا ندور في حلقة مفرغة. بقدر ما تقلق البنوك اليونانية، بقدر ما يجد السكان أنفسهم مدفوعين إلى سحب رساميلهم، الأمر الذي يفاقم ظاهرة تدني الرسملة في بعض المؤسساتquot; المصرفية. إلا أنه لم تظهر في الشوارع أية حالة ذعر أمام ماكينات التوزيع المصرفية الخميس. فأبناء أثينا لم يعيروا للموضوع أية أهمية على ما يبدو.

وقال ألكسيس المتقاعد (68 عامًا) والباحث السابق، الذي تراجع معاشه التقاعدي إلى النصف جراء إجراءات التقشف التي فرضتها الجهات الدائنة على اليونان، لوكالة فرانس برس quot;لم أسحب أموالاً، لأني لا أملك المالquot;.

وتقرر إجراء انتخابات تشريعية جديدة في اليونان في 17 حزيران/يونيو بسبب عدم تمكن الأحزاب السياسية من التفاهم على تشكيل حكومة ائتلافية بعد تراجع تمثيل الأحزاب البارزة.

فيتش تخفض التصنيف الائتماني لليونان
إلى ذلك، خفضت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية اليوم تصنيف اليونان إلى quot;سي.سي.سيquot; من quot;بي-ناقصquot;، مشيرة إلى أن أثينا ربما تضطر إلى الخروج من منطقة اليورو.

وقالت فيتش في بيان يوضح خفض تصنيف ديون اليونان الطويلة الأجل بالعملة المحلية والأجنبية إن إخفاق السياسيين اليونانيين في تشكيل الحكومة يظهر غياب الدعم السياسي والشعبي لبرنامج التقشف. وأضافت أنه إذا لم ينتج من الانتخابات الجديدة تفويض لحكومة جديدة بالاستمرار في إجراءات التقشف، فإن خروج اليونان من منطقة اليورو ربما يصبح مرجحًا.

وأوضح البيان أنه من المرجّح أن ينتج من خروج اليونان من منطقة اليورو تخلف على نطاق واسع في سداد الديون المستحقة على القطاع الخاص، إضافة إلى عدم الوفاء بالتزامات السندات السيادية المقومة باليورو، رغم عبء معتدل لخدمة الدين السيادي في أعقاب إعادة هيكلة سندات الحكومة اليونانية في مارس/آذار.

لاغارد: على اليونان التقيد بشروط حزمة الإنقاذ المالي
من جهتها قالت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي إن الزعماء السياسيين في اليونان بحاجة إلى إظهار الإرادة للبقاء في منطقة اليورو وهو ما سيتطلب من أثينا أن تتقيد ببنود حزمة الإنقاذ المالي التي وافقت عليها.

ونقلت رويترز عن لاغارد قولها في مقابلة مع التلفزيون الهولندي quot;أعتقد أنه ينبغي أن نتطلع إلى السيناريو الأمثل، وهو أن تكون لدى البلاد الإرادة السياسية للتقيد بتعهداتها والتزاماتها للبقاء في منطقة اليورو، وهي ما تبدو أنها رغبة الشعب.. لكن هذا يسير جنبًا إلى جنب مع السعي إلى التقيد بالبرنامح الذي تم إعداده، والذي بمقتضاه وافق شركاء اليورو على دعم البلادquot;. وأضافت لاغارد أن الخروج من منطقة اليوروquot;سيكون شيئًا شاقًا ومكلفًاquot;.