بروكسل، ليون: أثارت قضية إسقاط جزء من ديون اليونان جدلاً بين دول أوروبا، حيث أبدت النمسا موقفا متشككا حيال ما تفكر فيه الحكومة الألمانية بشأن إمكانية إسقاط جزء من ديون اليونان في وقت لاحق.
وفي مستهل المشاورات التي بدأها وزراء مالية اليورو مساء أول أمس في بروكسل حول الأزمة اليونانية، قالت ماريا فيكتر وزيرة المالية النمساوية :rdquo;أريد أن أقول اليوم وبشكل قاطع لا، لأنه على اليونانيين أن يبذلوا الجهود، وأن يوفوا بالشروط (المتفق عليها مع المانحين الدوليين) بشكل فعليrdquo;.يذكر أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لم تستبعد في مقابلة مع صحيفة ldquo;بيلد آم زونتاجrdquo; الألمانية الصادرة أمس الأحد إمكانية إسقاط جزء من ديون اليونان.
وعلقت فيكتر على ما صرحت به ميركل أمس قائلة إنه ldquo;لا ينبغي على اليونانيين أن يأملوا في إسقاط الديون عنهم، ما يعني أنهم لن يصبحوا ملزمين بفعل شيءrdquo;. ورأت فيكتر أن الأفضل من ذلك هو إعطاؤهم محفزات في حال الوفاء بالأهداف التقشفية المطلوبة كأن يتم مثلا خفض سعر الفائدة المفروض على ديون اليونان.
وأبدت فيكتر تفاؤلها ببرنامج أثينا لإعادة شراء سنداتها متوقعة أن يكون لهذا البرنامج مردود إيجابي. من جانبه، قال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي إنه على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل توعية الشعب الألماني بمزايا مساندة الدول الأضعف اقتصادياً في منطقة اليورو. يذكر أن ألمانيا هي صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا وأكبر مساهم في ميزانية أي خطة إنقاذ مالي لدول اليورو، ولكن السنوات القليلة الماضية شهدت تزايد الرفض الشعبي في ألمانيا للمساهمة في برامج الإنقاذ المالي للدول المتعثرة ماليا.
وقال مونتي ldquo;من المهم جدا بالنسبة للمستشارة ميركل أن تتبنى عندما يلزم الأمر موقفاً أكثر تربوية تجاه الرأي العام المحلي. ويجب عليها أن تقول ما قالته في الأيام الماضية، وهو أن مساعدة اليونان مساعدة لنا جميعاrdquo;.كان مونتي يتحدث في أعقاب قمة فرنسية إيطالية في مدينة ليون، حيث قال إن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند اتفق معه على هذا.
من ناحيته، قال أولاند إن ldquo;استعادة النظام في منطقة اليورو سيفيد كل الدول الأوروبيةrdquo;. كانت دول منطقة اليورو قد وافقت الأسبوع الماضي على مواصلة تقديم قروض الإنقاذ المالي لليونان مع تمديد الفترة الممنوحة لها لتحقيق الخفض المستهدف في معدل عجز الميزانية ومعدل الدين العام.في أعقاب هذا الإعلان انخفض العائد على سندات دول منطقة اليورو المتعثرة ماليا مثل إيطاليا وأسبانيا بدرجة كبيرة.
وردا على التكهنات بشأن إمكانية قيام شركاء اليونان في منطقة اليورو بشطب جزء من ديونها فيما بعد، قال أولاند إنه ldquo;بالتأكيد ستكون هناك خطوات أخرىrdquo; في إطار الجهود الرامية إلى مساعدة اليونان لكي تقف على قدميها مرة أخرى ولكنه لم يكشف أي خطوات محددة.وأطلقت اليونان الاثنين عمليتها الحساسة لإعادة شراء الدين التي تشكل الأساس لاتفاق يمدد دعم الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي، تدرسه منطقة اليورو في بروكسل.
ويبحث وزراء مالية منطقة اليورو تفاصيل العملية اليونانية التي تشمل قسما من دينها السيادي والتي من اجلها وجهت وكالة إدارة الدين اليوناني ldquo;دعوةrdquo; الى الجهات الدائنة الخاصة.
والهدف من هذه العملية التي ستعرف نتائجها الاولية في 13 ديسمبر الحالي خلال القمة الاوروبية، هي إعادة نسبة الدين اليوناني الى 124% من اجمالي الناتج الداخلي العام 2020 كما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع الأخير لمجموعة اليورو في بروكسل قبل اسبوع. ونجاح اعادة الشراء شرط لإفراج الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي في 13 ديسمبر عن دفعات من قروض لهذا البلد مجمدة منذ يونيو وتعتبر حيوية لتجنيب اليونان التوقف عن السداد. وسيعرض على الجهات الدائنة الخاصة حتى عشرة مليارات يورو من سندات الصندوق الأوروبي للإنقاذ لإعادة بيع ما لديها من سندات بشكل اختياري. وأوضحت وكالة إدارة الدين اليوناني ان عرضها ينتهي الجمعة 7 ديسمبر على ان يعقد الاتفاق بعد ذلك بعشرة ايام. ويتعلق الأمر بعشرين خط اعتماد ينتهي اجلها بين 2023 و2042 بقيمة إجمالية من نحو 62,3 مليار يورو.
وفي آذار الماضي جرى بالفعل شطب نحو 107 مليارات يورو من القروض الممنوحة لليونان. ويرى المحللون ان حوالي 20 مليار يورو من الدين اليوناني سيتم شطبها هذه المرة.وحددت الدولة اليونانية هامش إعادة الشراء بحد ادنى من 30,2% الى 38,1% (وفقا لموعد استحقاق سداد السندات) وحد أقصى من 32,2% الى 40,1% من قيمة السندات المعاد شراؤها كما أوضحت الوكالة.
من جانبه، اشار صندوق النقد الدولي الى رغبته في انتظار نتائج العملية قبل ان يقرر الافراج عن حصته من القروض الممنوحة لاثينا إلا أن المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية اولي رين أبدى ثقته الجمعة في قرب دفع هذه الأموال.وكان وزير المالية اليوناني يانيس ستورناراس شدد الجمعة على ان إنجاح العملية ldquo;واجب وطنيrdquo; على البلاد في دعوة ضمنية الى البنوك للمشاركة فيها. واكد ان لدى الجهات الدائنة لليونان ldquo;خطة بديلةrdquo; في حال الفشل. من جهة أخرى سيناقش وزراء مجموعة اليورو ايضا عملية الإنقاذ المالي لقبرص للتوصل الى ldquo;قرار نهائي في اسرع وقت ممكنrdquo;، كما قال رين محذراً من انه هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به.
وكان البنك المركزي اليوناني توقع تراجع اقتصاد البلاد بواقع 4 إلى 5% العام المقبل؛ بسبب إجراءات التقشف الحادة التي تطبقها الحكومة لمواجهة الأزمة والوفاء بشروط الحصول على قروض أوروبية ودولية.وذكر البنك في تقريره الذي قدمه للبرلمان اليوناني أول أمس، أن إجمالي الناتج المحلي في البلاد قد تراجع بنحو 20% منذ بداية أزمة الديون، وقال إن الوضع في اليونان يشبه ما كان عليه خلال فترة أزمة الاقتصاد العالمية عام 1929، وسيكون العام المقبل هو الخامس على التوالي للركود الذي ضرب اقتصاد اليونان جراء أزمة الديون. وقال خبراء البنك، إن القدرة التنافسية لليونان قد تراجعت بسبب إجراءات التقشف الشديدة وما طال الأجور من تقليص، ونشرت الصحف اليونانية المحاور الرئيسية للتقرير أمس الأول.
من ناحية أخرى، دعا رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر قبرص أول أمس إلى التوصل لاتفاق حول حزمة إنقاذ محتملة مع الدائنين الدوليين ldquo;في الوقت المناسبrdquo; بعد ستة أشهر من إشارة الجزيرة إلى عزمها طلب المساعدة المالية. وكان وزير المالية القبرصي فاسوس شيرلي قد ذكر إن الجزيرة قد تحتاج إلى 17,5 مليار يورو (22,5 مليار دولار) لدعم قطاعها المصرفي - المنكشف بشدة على اليونان - وتغطية ديونها. وكانت السلطات القبرصية قالت في بادئ الأمر إن الجزيرة تحتاج إلى نحو خمسة مليارات يورو لإعادة رسملة بنوكها.
وتشمل إجراءات التقشف المقترح تنفيذها من قبل قبرص في مقابل الحصول على مساعدة، خفض أجور العاملين بالقطاع العام وخفض علاوات العطلات وإجراء إصلاحات في نظام التقاعد وخصخصة شركات مملوكة للدولة وإنشاء بنك للأصول المعدومة ldquo;بنك سيئrdquo; حيث سيتم إيداع الأصول المعدومة بالنظام المصرفي لديه.
التعليقات